مصادر إسرائيلية: واشنطن أبلغت تل أبيب معارضتها لعملية عسكرية ضد إيران

مناقشات ماراثونية داخل إسرائيل .. واتجاه للتصرف بشكل منفرد

TT

كشفت مصادر سياسية مطلعة في اسرائيل أن الأشهر الثلاثة الأخيرة شهدت مناقشات ماراثونية في قيادة الجيش وأجهزة الأمن وفي المجلس الوزاري الأمني المصغر للحكومة الاسرائيلية، حول تعقيدات تطوير طاقة نووية عسكرية في ايران، وتوصلت الى قرار استراتيجي مفاده ان الغرب بقيادة الولايات المتحدة قرر الرضوخ أمام طهران، ولذلك فلا بد من مجابهة هذا التطور بجهود اسرائيلية ذاتية.

وحرصت هذه المصادر على التأكيد على أن القرار لا يعني بالضرورة مهاجمة ايران عسكريا، ولكنه أيضا لا يسقط الخيارات العسكرية. ومن بين الخطوات المطروحة، امكانية اسقاط النظام الحاكم في ايران ومحاولة فرض مقاطعة اقتصادية كاملة عليه وعلى كل من يتعامل معه. وفي نهاية المطاف يجري التفكير في هجوم عسكري أيضا، رغم التعقيدات الكبيرة في هذا الخيار.

وجاءت هذه المناقشات تحت عنوان «التسلح الايراني النووي هو خط أحمر». ومن بدايتها اتضح ان بعض القوى الاسرائيلية تقول ان المعركة حول التسلح النووي في ايران قد حسمت وان الغرب قد رضخ أمام هذه الحقيقة، ولا بد أن تعترف اسرائيل بهذا الواقع وتنسجم مع الموقف الغربي ازاءه. وكان بينهم من رأى اشارات ايجابية في هذا التسلح، باعتبار ان من يملك الذرة يكون حذرا أكثر في التعاطي مع قضايا الأمن.

ولكن غالبية المسؤولين السياسيين والعسكريين الاسرائيليين رأوا ان التسلح النووي الايراني يشكل خطرا وجوديا على اسرائيل، ولذلك لا بد من التخلص منه. والتخلص منه، وفقا لهذا التيار، يكون بسقوط النظام الحاكم أو بتوجيه ضربة عسكرية أميركية أو بضغط دولي نافع يوصل الأمور لدرجة الحصار الخانق. فإذا لم يتجند العالم لأحد هذه الخيارات، لن يكون بدا من أن تعمل اسرائيل وحدها.

وحسب أحد المعلقين السياسيين من ذوي العلاقات الواسعة في سدة الحكم في اسرائيل، فإن الجيش والمخابرات الاسرائيلية على أذرعها المختلفة، بدأت الاعداد عمليا للقيام بعمليات اسرائيلية ضد ايران. وقد تضمن القرار الأخير، بعد تلك الأبحاث الاستراتيجية، بندين يتعلقان بتعزيز ميزانيات سلاح الجو والجبهة الداخلية، باعتبارهما «أهم عنصرين في الحرب القادمة»، كما نقل على لسان رئيس الوزراء ايهود أولمرت. ولكن هناك عقبة كأداء، تتمثل في المعارضة الأميركية لعملية ضد ايران. فقد أبلغت واشنطن اسرائيل بكل وضوح، حسب تلك المصادر، «نحن معكم وسنقدم لكم المساعدة الضرورية للدفاع، مهما علت وغلا ثمنها، ولكننا لسنا معكم ولن نسمح لكم بشنّ حرب على ايران». وأوضحوا انهم لم يسمحوا لاسرائيل بأن تستخدم أجواء العراق لشن الغارات على ايران.

وفي خضم النقاشات حول الموضوع، نقل على لسان أحد المقربين من وزارة الخارجية الاسرائيلية، ان أولمرت أبرم مع قيادة الجيش صفقة، فمقابل موافقته على طلباتهم العسكرية والمالية في الاعداد للخطة المعادية لايران، وافقوا هم على فتح قناة الحوار مع سورية. وقد فسر أولمرت حماسه المفاجئ للتفاوض مع سورية، بالوساطة التركية، فقال ان حربا مع ايران من دون سلام مع سورية ستكون مغامرة خطيرة، حيث ان الجيش كان يتوقع أن تشارك سورية في الحرب وتستطيع اسرائيل هزمها والوصول الى دمشق والتهديد باحتلالها، لكن عملية كهذه حتى لو كانت مضمونة النجاح، فإنها ستكلف اسرائيل ما بين 1000 – 2000 قتيل. وستؤدي الى قصف عدة بلدات اسرائيلية ودمار شديد في الطرفين. وان هذه الحرب ستنتهي بالتفاوض السلمي الذي يكون في مركزه اعادة الجولان الى سورية. ويرى أولمرت انه طالما ان النتيجة ستكون مفاوضات على الجولان، ولكن بعد خسائر أكثر، «فلماذا لا نبدأ من الآن بمفاوضات حول الجولان والتوصل الى سلام يخرج سورية من دائرة التأثير الايراني؟». ونقل على لسان أولمرت، قوله ان «الرئيس السوري بشار الأسد، غير مغامر، بل يتمتع بالذكاء ويعرف بالضبط أين يجب أن يكون موقعه وأين لا يجب أن يكون. وانه، أي الأسد، لا يرى نفسه بشكل استراتيجي مع ايران، لا من الناحية الأيديولوجية ولا من ناحية رؤيته لمستقبل الشعب السوري. فالأصولية الاسلامية ليست في حساباته».