الامارات: فتح الباب للبدون لتعديل أوضاعهم «للمرة الأخيرة»

وزارة الداخلية تفتح مكاتبها بمراكز التسوق لتسجيل الراغبين في الجنسية

TT

فتحت الامارات ملف عديمي الجنسية من جديد وللمرة الأخيرة، بعد أن أغلقت العام الماضي الباب أمام أية طلبات جديدة لتعديل أوضاع ملف ما يعرفون بـ«البدون»، وشكلت أمس لجنة جديدة للنظر في قضية البدون، غير أن هذه اللجنة ستعطي الفرصة الأخيرة والنهائية للمطالبين بالجنسية الاماراتية من هذه الفئة.

واللافت أن السلطات الإماراتية ستفتح مكاتب تسجيل خاصة لهم في المراكز التجارية الكبرى، من أجل منح الفرصة للراغبين في النظر في أوضاعهم من قبل هذه اللجنة، كما ستطلق وزارة الداخلية حملة إعلامية مرئية ومسموعة ومقروءة، في كافة إمارات الدولة، وستستمر المهلة الجديدة لمدة شهرين فقط.

وأصدر أمس الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية الاماراتي، قرارا بتشكيل لجنة عليا مشتركة لمعالجة مشكلة من لا يحملون أوراقا ثبوتية، واعتبر القرار أن هذه اللجنة ستعالج القضية «بشكل جذري ونهائي»، على أن تبدأ عملها خلال الايام القليلة المقبلة.

وكانت الامارات قد أعلنت في أكتوبر (تشرين الأول) 2007، وفي شهر رمضان من العام الماضي، رسميا تجنيس 1294 فردا ينتمون إلى 296 أسرة. وقالت اللجنة المعنية بدراسة وضع عديمي الجنسية، حينها، أنها أغلقت الباب أمام أية طلبات جديدة لتعديل أوضاع تلك الفئة، بعد أن فتحت الباب لاستقبالهم على مدى نحو 18 شهرا. وكشف أمس اللواء ناصر لخريباني النعيمي مدير عام مكتب وزير الداخلية، بصفته رئيسا للجنة، أن اللجنة تضم في عضويتها ممثلين عن وزارتي الداخلية وشؤون الرئاسة وجهاز الأمن، وستباشر عملها فوراً بفتح باب التسجيل اعتبارا من يوم الاحد المقبل أمام كافة الفئات المنضوية تحت مسمى «من لا يحمل اوراقا ثبوتية»، سواء ممن يحملون مراسيم او جوازات سفر من دون خلاصة قيد أو غيرهم، وذلك للفصل والتصنيف النهائي لهذه المشكلة وضمن آليات جديدة لإيجاد الحلول الناجعة وفي ظل التطورات الاخيرة التي شهدها هذا الملف.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن اللجنة السابقة التي شكلتها وزارة الداخلية لحصر أسماء أو عديمي الجنسية، صنفتهم إلى قسمين رئيسين. القسم الأول يشمل أولئك الأشخاص الذين لديهم وثائق وأوراق قبل قيام اتحاد الامارات مصدقة وموثقة وأن هؤلاء تم اعتماد أسمائهم، وصدرت مراسيم بالجنسية من قبل وزارة شؤون الرئاسة، أما القسم الثاني فهم أولئك الأشخاص الذين لا تتوفر لديهم أي وثائق مصدقة قبل الاتحاد، «وهؤلاء يجب عليهم استخراج جوازات سفر من بلادهم الأصلية حتى تصدر لهم إقامات، وقد تجاوب عدد كبير منهم وتم تعديل أوضاعهم تبعا لذلك».

وتؤكد المصادر أن منح جوازات السفر وخلاصات القيد «حق أصيل للحكومة الاتحادية، والقاعدة في قانون الجنسية ان جواز السفر لا يدل على الجنسية، وإنما تثبت الجنسية بخلاصة القيد».

ويحق لحكام الامارات إصدار جوازات سفر لمواطني إماراتهم، إلا أن إصدار الجنسية الاماراتية لا يتم إلا بمرسوم يصدر الرئيس الاماراتي.

ويوجد على أرض الإمارات الكثير ممن يحملون جوازات إماراتية، ولكنهم لم يتحصلوا على الجنسية.

ووفقا للمصادر، فإن النسبة العالية ممن لديهم جوازات سفر بدون خلاصات قيد (جنسية)، هم من فئة ابناء المواطنات المتزوجات من أجانب، يكونون في معظم الأحوال من أقربائه (الزوج)، «ومنح هؤلاء الأبناء الجنسية من اختصاص وزارة شؤون الرئاسة».

وتقول المصادر إنه بالنسبة للفئة التي تحمل أبناؤها جنسيات أجنبية «فإنه من الأحرى أن يحصل هؤلاء على جنسيات آبائهم، إلا أن غالبيتهم لا يرغب في الحصول على جنسية آبائهم، حتى يجدوا فرصة التجنس بجنسية الامارات».

وتسعى الامارات إلى طي ملف شائك استمر عقودا طويلة، عبر إنهاء قضية «البدون» على أراضيها. وتدخل الرئيس الاماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وأصدر قرارا رئاسيا قضى بـ«الموافقة على حل مشكلة عديمي الجنسية ومن يندرجون تحت مسمى (البدون)». ووفقا للقرار، فإنه يتعين على عديمي الجنسية حتى يحصلوا عليها، أن يكون المتقدم مقيما في الدولة بصورة دائمة ومتواصلة، وذلك منذ ما قبل قيام الاتحاد الاماراتي في الثاني من ديسمبر 1971، أي طوال خمسة وثلاثين عاما، وألا يخفي أية معلومات أو وثائق من شأنها أن تدل على جنسيته السابقة وأن يكون حسن السيرة والسلوك ولم يرتكب أية جرائم مخلة بالشرف والأمانة. وبحسب الدستور والقوانين الاماراتية، فإنه يحق للسلطات أن تسحب الجنسية من الذين يدلون بمعلومات كاذبة للحصول عليها، وهذا يعني أنه حتى لو تبين أن بعض من حصل على الجنسية قد تقدم بمعلومات كاذبة، فسيتم سحب جنسيته، حتى بعد حصوله عليها رسميا. وحذر النعيمي من مغبة أي تراخ أو تخلف عن التسجيل الذي سيوقع صاحبه تحت طائلة المسؤولية القانونية واعتباره مخالفا لقانون دخول وإقامة الاجانب، حيث ستشرع وزارة الداخلية بتنفيذ حملات تفتيشية واسعة عقب اغلاق باب التسجيل دون اي استثناء.

وباشرت وزارة الداخلية بتجهيز عدة مراكز على مستوى الامارات، للبدء باستقبال المراجعين اعتبارا من السابع من سبتمبر(أيلول) الحالي ولمدة شهرين كاملين، حيث تتوزع تلك المراكز المجهزة بكافة الوسائل والنظم الحديثة على اربع امارات وبمراكز تجارية معروفة للجميع، في إمارات أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان.

يذكر أن اللجنة المشتركة لدراسة ملفات عديمي الجنسية، التي نظرت سابقا في مشكلة عديمي الجنسية العام الماضي، قد كشفت ظهور عدة حالات من التزوير والتلاعب في الاوراق والإدلاء ببيانات كاذبة تم تقديمها للجنة للحصول على الجنسية الاماراتية، كما تبين وجود حالات من المتسللين الى الامارات بطريقة غير مشروعة ممن يدعون وجودهم فيها منذ سنوات. وفيما تشير أرقام غير رسمية إلى أن عدد عديمي الجنسية في الامارات يبلغ أقل من عشرة آلاف فرد، فإن الإجراءات التي خطتها الامارات لمنح المستحقين منهم الجنسية الاماراتية، أفرزت أن المستحقين أقل بكثير من هذا العدد. وينتمي عديمو الجنسية في الامارات إلى ثلاث فئات، الأولى هم من استوطنوا الامارات قبل قيام الاتحاد، وهم من استحقوا الجنسية وفقا للضوابط التي حددتها السلطات الاماراتية، والفئة الثانية هم من أتوا بعد قيام الاتحاد، والثالثة ممن جاءوا للامارات بعد الغزو العراقي للكويت في 1990 واستقروا فيها، وأفراد الفئتين الثانية والثالثة أخفوا جنسياتهم الأصلية للحصول على الجنسية الاماراتية للاستفادة من المزايا التي تقدمها لمواطنيها.