الجمهوريون لا يعرفون سارة بالين.. ولكن لا يأبهون

ثاني امرأة تترشح رسميا نائبة للرئيس قد لا تجذب مؤيدي كلينتون

TT

قبل أسبوع لم يكن اسم ساره بالين يعني شيئا لأحد في الولايات المتحدة... الا لسكان ألاسكا. فقبل اثنى عشر عاما كانت ساره بالين مختارة لبلدة صغيرة في آلاسكا، اسمها واسيلا، لم يكن عدد سكانها يتعدى الخمسة آلاف... وليل أمس وقفت المرأة نفسها أمام ملايين الأميركيين لتعلن قبولها رسميا ترشيح الحزب الجمهوري لنائبة الرئيس، من داخل قاعة اكسل للمؤتمرات في مدينة سانت بول بولاية مينيسوتا.

في شوارع سانت بول، كانت بالين قبل ساعات من القائها خطابها الأهم في حياتها السياسية، حديث المدينة. ألفرد، وهو رجل في الستينات من العمر، وأحد المندوبين في مؤتمر الحزب الجمهوري عن ولاية ميسوري، يقول انه لا يعرف الكثير عنها، ولكنه لا يمانع. السبب انه يصوت للرئيس وليس لنائب الرئيس. وأوضح ألفرد: «أنا أصوت لجون ماكين (المرشح الجمهوري للرئاسة)، هو الذي يترشح لمنصب الرئاسة. بالين لا تزعجني رغم انني لا اعرف عنها شيئا. يقولون انه لا خبرة لديها، ولكنها على الاقل ترشحت لمنصب نائب الرئيس وليس الرئيس كما لدى الديمقراطيين»، في اشارة الى المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية باراك اوباما.

ومنطق ألفرد كان المنطق التي يتحدث به أغلبية الرجال الذين ينتمون الى الحزب الجمهوري في سانت بول. فتيري، وهو شاب في السادسة والعشرين من العمر، عرف عن نفسه بأنه «محافظ»، يقول انه جمهوري منذ ولد، ولكنه لم يصوت من قبل. وهو مثل ألفرد، لم يسمع بساره الا قبل ايام عندما اعلن ماكين اختيارها للترشح معه. يقول انه عندما بدأت التفاصيل تتوالى عنها، وعندما عرف انها محافظة مثله، قرر ان يصوت هذا العام لماكين. ويدافع تيري عن من يتهم بالين بقلة الخبرة لأنها لم تقض اكثر من عامين في منصبها كحاكمة ولاية، ويقارنها بالمرشح الديمقراطي أوباما الذي ترشح الى منصب الرئيس على الرغم من انه لم يمض على فوزه بمقعد في الكونغرس أكثر من ثلاثة أعوام. يقول: «خبرتها التنفيذية اكبر من خبرة أوباما، على الأقل هي اتخذت قرارات. أوباما ماذا فعل؟». ويتمع حاكم الولاية في الولايات المتحدة بسلطة تنفيذية لتحديد صرف اموال الولاية وتوظيف وطرد موظفين في الدوائر التابعة للسلطة المحلية. وجون، سائق سيارة أجرة، رجل كهل أشيب الشعر، بدت سحنته زهرية اللون لشدة تعرضه لاشعة الشمس، هزّ برأسه عند سؤاله اذا ما كان قد سمع بساره بالين من قبل، وقال: «لا يهم، ما زلت سأصوت لجون ماكين».

أما النساء في الحزب الجمهوري في سانت بول، فكن متحمسات لترشيح ثاني امرأة في تاريخ الولايات المتحدة كنائبة للرئيس، بعد جيرالدين فيريرو التي اختارها المرشح الديمقراطي وولتر مونديل في العام 1984، وخسر للمرشح الجمهوري رونالد ريغان الذي كان نائبه جورج بوش الأب.

لورا، وهي سائقة احدى الحافلات المخصصة لنقل مندوبي الحزب الجمهوري داخل المدينة، قالت ان بالين امرأة قوية، وهي تؤدي عملا رائعا بالدمج بين حياتها العائلية وعملها كحاكمة ولاية. وبالين هي أم لخمسة اولاد، اصغرهم طفل يبلغ من العمر اربعة اشهر ومن ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد اعلنت قبل ايام ان ابنتها القاصر، البالغة 17 عاما، حامل وستحتفظ بطفلها وتتزوج والده. امرأة أخرى في الخمسينات من العمر، عرفت عن نفسها بأنها ميمي، كانت تقف امام مدخل كنيسة في سانت بول، قالت ان بالين امرأة «موزونة في تفكيرها وهي معتادة على تحمل المسؤوليات». واتهمت الديمقراطيين بمحاولة تشويه سجلها وتصويرها على أن لا خبرة لديها، مشيرة الى انها تدير ولاية بكاملها وتصدر فيها القرارات التنفيدية.

الا ان احد مستشاري ماكين، لم يتمكن من ان يسمي قرارا تنفيذيا واحدا اتخذته بالين وحدها من دون العودة الى الكونغرس المحلي، في مقابلة على شبكة «سي.إن.إن». وقد بدا الاستياء واضحا على وجه مستشار ماكين اثناء المقابلة التي كانت المذيعة مصرة فيها على دفعه الى تسمية قرار مهم اتخذته بالين. وقالت «سي.إن.إن» في وقت لاحق من اليوم نفسه ان ماكين كان قد وافق على اعطاء مقابلة للقناة الا ان فريقه اتصل وسحب المقابلة، بسبب ما قال انه دفع غير لائق مارسته المذيعة على مستشار ماكين.

ولا تزال الإجابة عن السؤال الأهم، ما اذا كان اختيار بالين سيضر بالتذكرة اكثر مما سيخدمها، غير معروفة بعد. وتقول كاترين بيرسون، وهي خبيرة في الانتخابات وقضايا المرأة وتدرس في جامعة مينيسوتا، ان هذا السؤال سيبقى مفتوحا للفترة المقبلة. وتضيف: «ما تبين لغاية الآن انها حاكمة جيدة، ولكن عليها ان تثبت انها مؤهلة للمنصب، ان تبدو حازمة وقوية». وبالإضافة الى اختيارها لأنها محبوبة جدا لدى الجمهوريين المحافظين الذين يشكلون عنصرا هاما وحاسما أحيانا في قاعدة الحزب، فقد يكون السبب الثاني الذي دفع حملة ماكين الى اختيارها، انها امرأة. وفي ذلك محاول لاستمالة مناصري هيلاري كلينتون الذي يجدون صعوبة في تقبل خسارتها وبعضهم يعتبر اوباما يميز بين الأجناس. الا ان بيرسون تستبعد ان تميل هذه النساء الى بالين، وتقول: «النساء اللواتي يدعمن كلينتون يتمتعن بطريقة تفكير مختلفة كليا عن بالين. وكلينتون وبالين مختلفتان كليا، وهما تختلفان خصوصا في أمرين مهمين، الاول المتعلق بحق المرأة في الإجهاض، والثاني الإنفاق الحكومي. فكلينتون تؤيد حق المرأة في الإجهاض وتوسيع الإنفاق الحكومي، فيما بالين تؤمن بالعكس». قد يكون عمر ماكين (72 عاما) عاملا لم يدخل في حساب الناخبين الجمهوريين، او على الأقل حتى الآن. فمؤيدو الحزب الجمهوري يقولون انهم يصوتون له وليس لها، الا ان كبر سن رئيس محتمل وامكانية تعرضه لعارض صحي خلال وجوده في البيت الابيض، بالتالي تسلم بالين موقع الرئاسة، يدفع الى وضع الكثير من علامات الاستفهام حول مدى جدية وعمق البحث الذي اجرته حملة ماكين قبل اختيار امرأة قالت قبل ثلاثة اشهر من اختيارها للترشح كنائبة للرئيس، ان الحرب على العراق أمر «من الله». ففي كلمة ألقتها امام خريجين في حفل كنيسة بلدتها في واسيلا: «فلنصلِّ لجنودنا في العراق... ولقادتنا الذين يرسلون هؤلاء الجنود بأمر من الله».

وبالين البالغة من العمر 44 عاما، والتي فازت بلقب ملكة جمال ألاسكا في العام 1984، بدأت الاستعداد للمناظرة التي من المنتظر ان تجريها مع خصمها جو بايدن، المرشح لمنصب نائب الرئيس على تذكرة اوباما. وقد اجتمع جو ليبرمان، الديمقراطي اليهودي الذي ترشح قبل ثمانية أعوام كنائب للرئيس عن الحزب الديمقراطي والذي أصبح مستقلاً بعدها، اجتمع بها قبل يومين لبضع ساعات وشاركها خبرته عند ترشحه للمنصب.