رايس تبدأ من ليبيا جولة مغاربية وسط ترتيبات أمنية معقدة

وفد أمني أميركي زار مسبقاً العواصم التي ستزورها الوزيرة

ليبيون يمرون قرب إعلانات خاصة بإنشاء مشاريع استثمارية في طرابس امس قبل ساعات على زيارة رايس (ا.ب)
TT

كان مفترضاً ان تصل وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مساء أمس إلى طرابلس قادمة من البرتغال، في بداية جولة مغاربية ستقودها لاحقاً الى تونس والجزائر والمغرب.

وقالت مصادر ليبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن ترتيبات أمنية معقدة قد اتخذت لتأمين جولة رايس. وكشفت أن الترتيبات الأمنية التي اتفق عليها قبل بضعة أيام وفد يضم عملاء من وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) ومكتب المباحث الفدرالي (اف بي آي)، قام بزيارة للعواصم التي ستزورها رايس، تأتي تحسباً لمحاولة بعض الجماعات الأصولية المحسوبة على تنظيم «القاعدة» في منطقة المغرب العربي بمحاولة اغتيال رايس.

وقال دبلوماسيون ليبيون لـ«الشرق الأوسط» إنه كان يفترض أن تصل رايس في حوالي الساعة الثامنة من مساء أمس بالتوقيت المحلى لليبيا، على متن طائرة أميركية خاصة ترافقها طائرات من سلاح الجو الأميركي. ولفت هؤلاء إلى أن موعد وصول رايس لن يعلن إلا قبل قليل من هبوط طائرتها في ليبيا ضمن هذه الترتيبات الأمنية، لكن السلطات الليبية امتنعت عن تقديم مزيد من الإيضاحات. ورفضت المصادر الكشف عن أماكن مبيت رايس خلال جولتها.

وبدا أن التعقيدات الأمنية التي تحيط بالزيارة لتأمين رايس وراء تضارب التفاصيل حول مكان اجتماعها للمرة الأولى مع الزعيم الليبي معمر القذافي في أول لقاء على هذا المستوى بين القذافي ومسؤول أميركي.

وفيما قالت مصادر ليبية إن القذافى يلتقي رايس في طرابلس الغرب أمام منزله الذي تعرض للغارات العسكرية التي شنتها الطائرات الأميركية عام 1986، فان مصادر غير رسمية أشارت إلى أن القذافى سيجتمع مع وزيرة الخارجية الأميركية في بنغازي التي تعد ثاني أكبر المدن الليبية والتي يتواجد فيها القذافي منذ الأسبوع الماضي بمناسبة الاحتفال بمرور 39 عاما على توليه السلطة.

وقبل وصول رايس إلى طرابلس، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيان حقائق حول الوضع الراهن للعلاقات الثنائية الليبية ـ الأميركية، وصفت فيه ليبيا بأنها شريك حيوي في الحرب على الإرهاب وأنها تساعد مساعدة نشطة في وقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى العراق، وبالتعاون مع جيرانها في المغرب العربي، كما تشارك بنشاط في الجهود المبذولة لمكافحة التهديدات الإرهابية المتنامية في شمال إفريقيا. وقال البيان الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن تشجيع العلاقات بين القوات المسلحة الأميركية والليبية يمثل عنصرا مهما من عناصر التعاون الفعال في هذه المجالات وتقوم الولايات المتحدة حاليا بإجراء مباحثات في التوصل إلى مذكرة تفاهم مع ليبيا. وتسعى الولايات المتحدة إلى تطبيع العلاقات وتوسيع نطاق التعاون مع ليبيا في مجالات متعددة، منها: التعليم والثقافة والعلوم والتكنولوجيا، والتجارة، والأمن، وحقوق الإنسان والحكم الرشيد على حد تعبير البيان الذي أكد أيضا على المصالح المشتركة للبلدين التي تتمثل في تشجيع السلام والأمن الدوليين، فكلاهما يؤيد قيام مغرب عربي مستقر وآمن ومزدهر، كما يؤمن الطرفان بأن المزيد من التكامل الاقتصادي والسياسي سيساعد على تحقيق هذه الأهداف.

واعتبر البيان أن ليبيا تضطلع بدور ريادي في القارة الإفريقية وهي تعمل عن طريق مجموعة الاتصال التابعة للاتحاد الإفريقي من أجل التوسط في التوصل إلى حل للنزاعات الدائرة في تشاد والسودان. ودافعت وزارة الخارجية الأميركية عن جدول أعمال المحادثات التي ستجريها رايس مع القذافى، حيث أكدت أن قضية حقوق الإنسان والحكم الرشيد تمثل مسألة عالمية وتشكل عنصراً رئيسياً في الخطاب الدبلوماسي الأميركي مع أي بلد، بما في ذلك ليبيا. وأعلنت أنه يتم إثارة مثل هذه القضايا باستمرار على جميع مستويات الحكومة الليبية، والولايات المتحدة من جانبها تواصل الإعراب عن قلقها إزاء استمرار اعتقال السجناء السياسيين، بمن فيهم الناشط الليبي المعتقل حاليا فتحي الجهمي.

وتعتزم الولايات المتحدة وليبيا إبرام بروتوكول حول التعاون الثقافي والتعليمي، وهو أمر من شأنه أن يساعد على زيادة تعزيز الروابط التعليمية والثقافية عن طريق تعزيز التفاهم المتبادل وذلك من خلال تبادل الأفراد والمعلومات، علما بان نحو مائة شخص شاركوا منذ عام 2005 في مجموعة متنوعة من برامج التبادل الأكاديمي والثقافي والمهني التي ترعاها الحكومة الأميركية، بينما يدرس حاليا ما يزيد عن ألف طالب ليبي في مؤسسات التعليم الجامعي في الولايات المتحدة.

كما تعتزم الولايات المتحدة وليبيا التوقيع على اتفاقية إطار للتجارة والاستثمار قريبا، والتي ستوفر هيكلا للجهود المتبادلة الرامية إلى تحسين علاقات الاستثمار والتجارة الثنائية.

وأعلنت واشنطن أن الاستثمارات في مجالي النفط والغاز لا تزال قوية، كما أن حركة التجارة والتبادل التجاري تتوسع أكثر فأكثر وتتنوع بحيث تتجاوز قطاع المحروقات. وقد ارتفع معدل الواردات الأميركية للسلع الليبية بمقدار 40 في المائة تقريبا، بينما ارتفعت الصادرات الأميركية إلى ليبيا بنحو 17 في المائة. وقد أصبحت مؤسسات الأعمال التجارية الأميركية الصغيرة والمتوسطة الحجم تولي السوق الليبي اهتماما متزايدا.

يشار إلى أن الولايات المتحدة ترتبط بعلاقات دبلوماسية كاملة مع ليبيا وقد فتحت سفارتها في طرابلس في مايو (أيار) 2006، وفي نفس الشهر فتحت ليبيا مكتبها الشعبي (سفارتها) في واشنطن. وفي شهر يوليو (تموز) 2007 عين الرئيس جورج بوش الدبلوماسي جين كريتز سفيرا للولايات المتحدة لدى ليبيا.