باكستان تجدد إدانتها لغارة القوات الدولية التي اجتازت الحدود الأفغانية

باكستان: مقتل 4 في هجوم مشتبه فيه لطائرة أميركية بدون طيار

قوة عسكرية باكستانية تتجول في منطقة خيبر المضطربة شمال بيشاور حيث اعترفت القوات الاميركية أنها نفذت غارة داخل باكستان (أ. ب)
TT

قال مسؤولون امنيون وشهود عيان ان اربعة متشددين اسلاميين قتلوا واصيب خمسة في هجوم صاروخي يشتبه في أنه من تنفيذ طائرة اميركية بدون طيار في منطقة وزيرستان الشمالية القبلية في باكستان امس. استهدف الهجوم منزل رحمن والي، وهو من رجال القبائل في منطقة محمد خيل قرب الحدود مع افغانستان، حيث يختبئ المتشددون. وقال شاهد في المنطقة لرويترز، طالبا عدم نشر اسمه: «يبدو ان ثلاثة صواريخ اطلقت من طائرة بدون طيار. وجاء الهجوم بعد يوم من مداهمة قوات اميركية محمولة جوا لقرية في منطقة وزيرستان الجنوبية القريبة، حيث قتلت 20 شخصا. وقال مسؤولون امس ان جنود كوماندوس اميركيين دخلوا باكستان هذا الاسبوع لمهاجمة هدف لـ«القاعدة» بالقرب من الحدود الافغانية، في اجراء قد يشير الى جهود اميركية مكثفة لاحباط اعمال العنف التي يقوم بها المتشددون عبر الحدود.

ولم تعترف ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش رسميا بأي دور في الهجوم، الذي وقع امس الاربعاء، على قرية انجور ادا الذي قتل فيه 20 شخصا، بينهم نساء واطفال، حسبما ذكر مسؤولون باكستانيون.

من جهة اخرى, نددت باكستان مجددا امس بالغارة التي شنتها القوات الدولية في افغانستان اول من امس على شمال غربي باكستان مؤكدة انه لا يوجد «اي هدف استراتيجي» في الموقع الذي هوجم بل مدنيون فقط. وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي في خطاب امام البرلمان «لم يكن هناك اي هدف استراتيجي. ولم يستهدف سوى اطفال ابرياء ونساء». واضاف «انه سيتوجب على قوات التحالف اعادة النظر في استراتيجيتها» معتبرا ان مثل هذه الهجمات «ليس من شأنها الا تغذية مشاعر الكراهية (للاميركيين) بين تجمعات القبائل». وتعدّ الغارة غير مسبوقة بالنسبة إلى القوات العسكرية الاميركية حيث أنّه من العادة أن لا تدخل قوات «الناتو» الأراضي الباكستانية إلا إذا كانت تتعقّب مسلحين في أفغانستان يتسللون عبر الحدود مع باكستان أو في حالات خاصة، لتعقّب أهداف ذات أهمية خاصة. ورفض البنتاغون التعليق رسميا على الهجوم، غير أنّ عدة مسؤولين عسكريين اعترفوا بأنّ العملية جرت داخل الأراضي الباكستانية.

واول من امس اتهمت باكستان الحليف الأساسي لواشنطن في «الحرب على الإرهاب» للمرة الاولى القوات الدولية في افغانستان (اميركية على الارجح) بانتهاك مباشر لسيادة باكستان من خلال مهاجمة قرية وقتل 15 على الاقل من سكان قرية حدودية مع افغانستان في اقليم وزيرستان الجنوبي القبلي، بحسب مصادر باكستانية رسمية. والهجوم البري الذي وقع قبل الفجر اول من امس وشنته قوات حملتها طائرات هليكوبتر على قرية انجور ادا في منطقة وزيرستان الجنوبية على الحدود الافغانية يوم الاربعاء هي اول غارة يعرف ان قوات تابعة للقيادة الاميركية شنتها داخل باكستان منذ غزو افغانستان في عام 2001. وقال مسؤولون ان 20 شخصا بينهم نساء واطفال قتلوا واستدعت الحكومة المدنية الجديدة الاكثر حساسية لغضب الرأي العام من الحكومة السابقة السفيرة الاميركية لتقديم احتاج غاضب. وأبلغ وزير الخارجية شاه محمود قريشي الجمعية الوطنية ان الغارة انتهاك مخز لقواعد الاشتباك المتفق عليها مع القوات التابعة للقيادة الاميركية في افغانستان.

وقال قريشي: «لن نقدم تنازلا بشأن أي انتهاك لسيادتنا». وقال: «سندافع، ولدينا التصميم والاجماع الوطني في باكستان على الدفاع عن سلامة اراضينا». ولم يصدر عن الولايات المتحدة وهي مصدر رئيسي للمساعدات لباكستان تعقيب رسمي على الغارة لكن لا توجد شكوك تذكر في ان قوات اميركية هي التي نفذت الغارة. وتقول الولايات المتحدة ان متشددين ينتمون للقاعدة وطالبان يتمركزون في اماكن امنة في مناطق قبائل البشتون في شمال غرب باكستان على الحدود الافغانية ينطلقون لشن هجمات في افغانستان وباكستان ويخططون لاعمال عنف في الغرب.

ورغم ان باكستان حليف للولايات المتحدة في الحملة التي لا تتمتع بشعبية ضد الارهاب فانها ترفض قيام قوات اجنبية بشن غارات داخل اراضيها. غير انه وقعت هجمات صاروخية عديدة ضد متشددين في باكستان يعتقد ان طائرات بدون طيار تقوم بتشغيلها قوات اميركية هي التي شنتها.

ونفى حلف شمال الاطلسي الذي يقود قوات حفظ سلام في افغانستان تعرف باسم قوة المعاونة الامنية الدولية أي مشاركة في هذه الغارة. وتتولى الولايات المتحدة قيادة قوات منفصلة لمواجهة التمرد في افغانستان. وعندما سئل برايان ويتمان المتحدث باسم وزارة الدفاع الاميركية بشأن الغارة قال: «ليست لدي معلومات اقدمها لكم بشأن هذه التقارير. وأحالت وكالة المخابرات المركزية «سي.اي.ايه» كل الاسئلة الى وزارة الدفاع الاميركية البنتاغون. وقال محللون ان الغارة ستكون بمثابة اختبار للعلاقات بين الحليفين. وقال وزير الخارجية السابق شامشاد احمد خان: «شعب باكستان غاضب. وقال: «على اقل تقدير يريد الشعب الباكستاني اعتذارا من الولايات المتحدة وتأكيدا بأن هذا النوع من العمليات لن يتكرر سيكون له اثار لا يمكن اصلاحها على العلاقات في المدى الطويل. ومنذ ظهور حكومة بقيادة مدنية في باكستان بعد الانتخابات التي جرت في فبراير شباط يوجد قلق متزايد من ان العمليات العسكرية الاميركية أصبحت أكثر نشاطا في المناطق القبلية التي تقع على حدود افغانستان.

وتضاعف عدد الهجمات الصاروخية التي شنتها طائرات بدون طيار وتوجد مخاوف من ان القوات الاميركية ستستخدم طائرات هليكوبتر عسكرية او تضع قوات خاصة على الارض للقيام بغارات لتدمير مخابئ القاعدة.

وقالت محللة الشؤون العسكرية عيشة صديقة: «الحكومة قدمت احتجاجا وسيكون هناك كثير من الغضب لكن الموقف سيستمر. والعلاقات لن تقطع لكن سيكون هناك مزيد من المرارة». وبينما في الماضي كان من الممكن لحكومة الرئيس برويز مشرف ان تتجاهل غضب الرأي العام فان الحكومة المدنية التي يتزعمها زوج رئيسة الوزراء الراحلة بي نظير بوتو ستشعر بالضغوط. وينظر الى اصف علي زرداري الذي يرجح ان يفوز بالرئاسة في الانتخابات التي ستجري يوم السبت على انه مقرب من الولايات المتحدة لكن الباكستانيين العاديين الذين تتملكهم مشاعر معادية للولايات المتحدة يتوقعون منه ان يتخذ موقفا.