فاروق حسني: المغرب لم يسبقنا بالترشح لليونسكو.. ولنقبل الموقف الديمقراطي بود

وزير الثقافة المصري لـ«الشرق الأوسط»: لا أطالب برجوع كل آثارنا بالخارج.. وكل متحف به قسم مصري هو سفارة لنا

فاروق حسني
TT

قال فاروق حسني وزير الثقافة المصري المرشح لقيادة اليونسكو إن بعض الأقلام في الصحافة المغربية تتحامل عليه، وتقول إن المغرب تقدم بالترشيح للمنصب قبل مصر بخمسة أشهر. وقال حسني «هذا غير صحيح ولم يسمع به أحد إطلاقا، وأنا اعتقد أن الرئيس مبارك كان لا يمكن أن يرشح مصريا، لو كان هناك ترشيح من بلد عربي». وأعرب حسني عن تقديره للمرشحة المغربية عزيزة البناني. وقال: «أنا أتمني ألا يكون لهذا الموقف صدى سيئ يعكر صفو العلاقات القوية بين البلدين»، مؤكدا أنه يحب المغرب، وله علاقات ممتازة وحميمة به. وأوضح حسني أنه لم يطلب من المغرب الانسحاب من الترشيح، قائلا: «طالما أنه لم ينسحب أحد فلنقبل الموقف الديمقراطي وليتم الانتخاب والترشيح بود وبدون أية خسائر». ولم يستبعد حسني في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط» بمكتبه بالوزارة في القاهرة أن يتكرر سيناريو إسماعيل سراج الدين، وغازي القصيبي اللذين خاضا معركة اليونسكو من قبل. وقال: «إنها انتخابات سرية بحتة، ودائما لا تعتمد على الكلام بل النتيجة».

وأعرب وزير الثقافة عن تفضيله بقاء الكثير من الآثار المصرية بالخارج، ما دامت تلقي الرعاية والاهتمام وتعرض بشكل رائع في المتاحف العالمية، مشيرا إلى أنها خير سفير لمصر في هذه البلاد.. وتطرق الحوار الى مجمل قضايا الثقافة المصرية، وركائز حملته الدعائية.. وهنا نص الحوار:

* الموقف العربي.. هل تراه داعما لك؟ ألا تخشى تكرار تجربة غازي القصيبي واسماعيل سراج الدين؟

ـ كل شيء وارد.. نعم هناك دعم، لكن الخطأ أن اثنين عربيين يتم التنافس بينهما في الوقت نفسه. المسألة التي أحب أن أصححها أن بعض الأقلام في الصحافة المغربية تقول إن المغرب تقدم بالترشيح قبل مصر بخمسة أشهر، وهذا الكلام غير صحيح بالمرة، حيث لم يكن أحد يعلم إطلاقا بذلك، وأؤكد بشدة أنه لو كان هناك ترشيح قبل الترشيح المصري فأنا أعتقد أن الرئيس مبارك كان لا يمكن أن يرشح مصريا إذا ما كانت هناك ترشيحات عربية، وباب الترشيح الرسمي لم يأت موعده بعد، حتي الإعلان الشفاهي كما حدث معي، لم نسمع أن المغرب تقدم بالترشيح قبل مصر، وهذا واجب التوضيح تماما. أحترم جدا المغرب، وأنا بالذات لي علاقات ممتازة وحميمة مع هذا البلد الرائع. أيضا المرشحة أعرفها منذ فترة وتقابلنا مرات وأقدرها ولها كل الاحترام. لذلك أنا لا أتمني أن يكون لهذا الموقف أي صدى يعكر صفو العلاقة بين البلدين. وسئلت كثيرا هل من الممكن أن يُطلب من المغرب الانسحاب، أنا لا أطلب من المغرب ذلك، ولا يجب أن نطلب منه الانسحاب، وفي النهاية نقول طالما أنه لم ينسحب أحد فلنقبل الموقف الديمقراطي وليتم الترشيح بود وبدون أية خسائر.

أما بالنسبة للعالم العربي، فأعتقد أنه يوجد نوع من أنواع التدعيم لكن في النهاية أقول إنها انتخابات سرية بحتة ودائما لا تعتمد علي الكلام بل النتيجة، فدول كثيرة من الممكن أن تقول موافقة، وممكن التصويت يكون شيئا آخر. وأريد أن أقول أيضا إن التصويت ليس فقط من قبل السفراء وأعضاء المجلس التنفيذي لكن هناك دولا وزيرها هو المنوط بهذا، وممكن يكون رئيس اللجنة الوطنية. هناك 58 دولة لا بد أن تصوت على من سُيطرح على المؤتمر العام.

* هل ترى أن موقف الحكومة المصرية كاف لدعمك؟

ـ موقف الحكومة المصرية عنصر من العناصر المهمة، كما أن التأييد الدولي مهم.

* لكن «محمد البرادعي» لم تكن وراءه الحكومة المصرية، وكذلك الحال مع بطرس غالي. ـ كيف ذلك، مصر دعمت بطرس غالي وعملنا له احتفالا كبيرا.

* غالي نفسه لمح بذلك في مذكراته ونفس الحال مع اسماعيل سراج الدين؟

ـ غير صحيح، ود.سراج الدين كان موقفه مختلفا تماما فمصر سحبت الترشيح لأجل المرشح السعودي الدكتور غازي القصيبي، مصر وقفت هذا الموقف. وأنا أرى أن تلك الفترة كانت صعبة، فاليابان كانت مشتركة في الانتخابات، واليابان تمنح اليونسكو 30% من ميزانية المنظمة.

* قال لي أحد الخبثاء أن عينك كانت على منظمة «أنا ليند» للحوار بين الثقافات وأنها خرجت من يدك؟

ـ هذا كلام غريب جدا ولا أعلم من يروج له، وهل من الممكن قلب الحقائق هكذا؟ ما حدث بالضبط أن أحد وزراء الخارجية لدولة ملاصقة للمغرب قال لي نحن نريد شيئا للمغرب. قلت له مثل ماذا؟ قال إن المغرب يريد أن يرشح مستشار الملك «أندريه أوزلاي» ليترأس مؤسسة أنا ليند، فكان واجبي أن أقف بقوة وراء هذا. وتحدثت مع الرئيس مبارك وتحدثت أيضا مع الدول الصديقة لنا لندعم الترشيح، ووافق الرئيس. والمعروف أن مقر المنظمة موجود بالإسكندرية، وهو الآن (أوزلاي) رئيس «أنا ليند». وأنا لا أعتقد أن تأخذ المغرب منظمتين دوليتين في نفس الاتجاه وفي نفس الوقت. فأنا آزرت تماما تولي مستشار الملك رئاسة «أنا ليند»، وبالطبع بمؤازرة الرئيس مبارك، وهذه هي الحقيقة. أما أنني كنت أريد رئاسة المنظمة فهذا كلام غير معقول ولا يصح لأسباب لا أريد أن أذكرها هنا، ولا أعرف بالضبط من أطلق هذه الإشاعة السخيفة.

* ماذا يريد أعداؤك منك بالضبط؟

ـ والله لا أعرف. لكني لو التفت إلى كل ما يقال كنت ما زلت أقف عند المربع الاول من عملي، وعموما الأعداء طاقة محركة لي فأهلا بهم.

* هل ستزور اسرائيل في حالة فوزك؟

ـ من حق أي دولة أن يزورها مدير المنظمة؛ أي دولة وليس إسرائيل فقط، فمدير المنظمة صاحب قضية دولية وليست قضية قومية.

* تعتدي اسرائيل منذ فترة كبيرة على الآثار والتراث العربي الإسلامي بخاصة في القدس .. ماذا يمكن أن تفعل حيال ذلك لو تسلمت مقاليد اليونسكو؟

ـ كل دولة لها رأي تدافع عنه إنما الفيصل هو التحكيم. اليونسكو ليست فردا بل دول لا بد أن تتفق ليصدر قرار.

* السفير الإسرائيلي السابق في مصر شالوم كوهين قال: «لو كان فاروق حسني يريد اليونسكو، ويريد الخروج من المحلية إلى العالمية فعليه أن يقف أمام نصب ضحايا الهولوكوست ويبكي بحرقة، وأن يحصل على رضا إسرائيل أولا، وأن يكف على تحريض المثقفين ضدنا، وأن يسمح بالتطبيع مع بلادنا ومثقفينا».. كيف ترى هذا الكلام؟

ـ ليس لدى جديد في هذا الموضوع.

* لكن ألا يعد هذا نوع من الابتزاز السياسي.

ـ هذا موضوع قديم.

* على ضوء هذا .. هل الأطراف الأخرى مرضيا عنها من قبل إسرائيل لذلك لم يتم ذكرها بخصوص اليونسكو؟

ـ هذه مسألة لا أعرفها، ولا أنظر لهذا الموضوع بهذا الشكل، فأنا تجاوزت هذا الموضوع الذي طرح من قبل السفير الإسرائيلي. بالنسبة لي أنا شخصيا لا أفتش إسرائيل تقف وراء من، أنا شخصيا أقوم بالمفروض أن أقوم به في العملية الانتخابية. لكني في نفس الوقت مدرك أنها انتخابات، والانتخابات بها ماهو فوق الطاولة، وما تحتها. ولا أعتمد على تأييد ومؤازرة بعض الدول، فأنا لا أتوقف أمام كل هذا، بل أعمل على طرح قضيتي، وأفكاري، ونفسي. ولو كان مقدرا لي هذا المنصب فمرحبا به، وإن لم يكن، فلا تعنيني المسألة، فأنا لدي قناعة تامة بأنني قمت بدوري نحو وطني بالشكل الذي أرضى عنه.

* بعد 21 سنة متواصلة من العمل..هل حققت ما كنت تريده ـ بالفعل ـ للثقافة في مصر؟ ـ أنا راض .. بالطبع للأسباب الآتية: وزارة الثقافة عندما أتيت لم يكن لديها مكتبة واحدة، حتى دار الكتب المصرية كانت إدارة داخل هيئة الكتاب. لم يكن هناك غير ثلاثة متاحف: المصري، القبطي، الاسلامي وبعض المتاحف الصغيرة المتهرئة. لم يكن هناك مراكز إبداع أو نشاط دولي، لم يكن هناك دعم للنشر. وزارة الثقافة وزارة ضخمة جدا في مصر فهي مترامية الاطراف ولها عمق كبير جدا، وهي وزارة عالمية، بكل المقاييس، وتملك الكثير من الامكانيات الرهيبة المهملة. كان لا بد أن تتم حماية كل هذا وأن توضع علي الخريطة الدولية بإقامة الكثير من المتاحف، المكتبات، الكثير من قصور الثقافة، الكثير من مراكز الإبداع المتخصصة، لم يكن موجودا متحف الفن الحديث، المكتبة الموسيقية، المسارح التجريبية، قاعات الفنون التشكيلية.. فكل هذا تم بناؤه في خطة طموحة لتحديث الرؤى الثقافية. كما إننا نبني حاليا أكبر متحف في العالم، وتم بناء الجزء الأول والثاني منه. طول واجهة المتحف 800 متر، وارتفاعها 45 مترا، وهذا كله من الألباستر الشفاف، وسيضم مائة ألف قطعة، وسيوجد به اكبر مركز ترميم في العالم. بالإضافة لمتحف الحضارة، أما متحف التحرير فسيخصص للقطع المتفردة. وتم الانتهاء من23 متحفا ونعمل في 17 متحفا أخرى ما بين أثرية، وفنية، ومتخصصة.

* لكن هناك تراجعا في المسرح، وكذلك الحال في السينما، ويري البعض أن هناك ترديا ثقافيا؟

ـ هناك عدم فحص..فلو تم إحصاء عدد المسرحيات لوجدناه كبيرا، والكثير منها قوي، لكن البعض يتناسى، والناس لم تعد تذهب للمسرح لوجود منافسات من التلفزيون، والفضائيات. السينما كانت متراجعة، كانت هناك ستة أفلام في السنة الآن تحسن الأمر كثيرا، والسينما الآن ليست مسؤوليتي. عندما كانت مسؤوليتي جددنا ورممنا 38 دار عرض. وأنشأنا معامل جديدة، كان عندنا 45 دار عرض أصبحت الآن 300 دار. أين التراجع إذن.

* لعلك تلاحظ أن السجادة تنسحب من تحت أقدام مصر لصالح دول أخرى.. فهل سيحدث هذا مع الثقافة، كما حدث مع الاعلام المصري الذي كان رائدا وأصبح في وضع مترد. أم أن مصر ستظل منبر الثقافة العربية كما قلت من قبل؟

ـ لو لم يكن الاعلام مترديا لكانت الأعمال المهمة التي تقوم بها وزارة الثقافة في بؤرة الضوء. لكن موضوع الثقافة مختلف تماما. أولا سحب السجادة مستحيل فسجادتنا «مستمرة» لا أحد يستطيع أن يسحبها. لكن أن ينجحوا ويلمعوا فأنا واحد من الداعمين لهم ولا بد من أن ندعم من يريد التفوق، لكن ستظل مصر منبرا. فالمسألة ليست بالكلام للاسباب الاتية: عندما يكون بالقاهرة دار الكتب، وهي واحدة من أهم دور الثقافة في العالم، وبها مائة مليون وثيقة، و65000 مخطوط نادر، و12 مليون كتاب، و15000 خريطة نادرة وغيره الكثير. أوبرا القاهرة هل الأوبرا مبنى؟ ام أن هناك كونسيرفتوارا؟ لا يوجد آخر مثله في المنطقة. لدينا ثلاثة اوركسترات على مستوى عالمي، أوركسترا القاهرة السيمفوني واحد من الاوركسترات المهمة جدا. مصر لديها تقاليد من «زمان»، أين الأوبرا في المنطقة؟ أين الأوبراليون؟ أين المسرح الحديث وكم المتاحف التي لدينا والآثار.. هذا كلام مستحيل.

* إذن.. لماذا أصدر مجموعة من المثقفين ـ أخيرا ـ بيانا يطالبون فيه بإلغاء وزارة الثقافة، والبيان به كثير من الأسماء المحترمة. ما رأيك في هذا الكلام؟

ـ الحقيقة أن ثمة أوقات تخرج فيها أفكار من أشخاص لا أتوقع أن تصدر منهم، وأن يفكروا بهذه الطريقة، فإسبانيا، فرنسا، انجلترا، الهند، الصين والدول ذات الحضارة كلها عندها وزارة للثقافة. ما الذي تفعله خطأ وزارة الثقافة؟ من الذي يستطيع القيام بعمل وزارة الثقافة؟

* ألا يمكن أن تسير الأمور بآلية أخرى؟

ـ سيكون الامر كالتالي: قصور ثقافة ليس لها صاحب. المتاحف في كل مكان بمصر من سيملكها ومن يديرها؟ وهم ينسون أيضا المجتمع الجائع ثقافيا، استطيع أن أقول لهم على أسماء قرى محرومة لم يسمعوا عنها، بنينا بها مكتبات وهؤلاء لا يدركون، أو يعرفون شيئا عن: كلح الجبل، زهور الامراء، طمو.. وغيرها. كم هائل من المكتبات من الذي سيقوم بها غير وزارة الثقافة. هؤلاء يعيشون في برج عاجي جدا وأرجلهم ليست علي الأرض، ويتصورن أن وزارة الثقافة للمثقفين، وزارة الثقافة لغير المثقفين تنتج الكتب الرخيصة، المسرح الرخيص، المراكز الثقافية المجانية، المكتبات المجانية. هذه مسألة لا أعرف كيف فكروا فيها!

* قالوا إن : «وزارة الثقافة محمية سياسية». ويرى البعض أن الوزارة تحكمها الشللية، و..؟

ـ قاطعني فاروق حسني قائلا: انتظري ولنرد على الكلام الأول من السؤال، لو أي وزارة ثقافة ليست محمية سياسية ستنهار، ولو أن النظام لا يدرك قيمة الثقافة التي يملكها ويحميها لا يستحق أن تكون لديه وزارة ثقافة.

* لكن بماذا تفسر أن كل قيادات وزارة الثقافة من خارجها، فباستثناء علي أبو شادي يتم انتدابهم من الخارج. أليس بالوزارة قيادات وكوادر بها الكفاءة المناسبة لتتولى القيادة؟

ـ نعم لا يوجد. أنا لا أريد موظفين، أعطني أنت أسماء تصلح؟ من يحكم على الكفاءة ليس شخصا واحدا، بل أجهزة كاملة متكاملة. وهناك شيء آخر مهم هو أن القيادة موهبة وليست وظيفة وأقدمية، أنا شخصيا لست في وظيفة، الموضوع بالنسبة لي هواية، فأي شخص ليس لديه موهبة دافعة لا يصلح، الموظف لا ينفعني. أنا أريد مبتكرا ومدركا لرسالة المكان، فنحن في وزارة معنية بالإبداع والعقل والابتكار وهؤلاء قلة في مصر حتي بالانتدابات، نتعب جدا في إيجاد الشخص المناسب.

* لماذا لا يسير العمل في وزارة الثقافة بنظام المؤسسات.. فكل شخص يأتي ليتولى القيادة يهدم ما أنجزه من قبله، ويبدأ هو بخطط أخرى. وكأن المسالة مجرد تسييد للمزاج الخاص؟! ـ وهل هدمت أنا ما جاء به قبلي؟ لكن لو نتكلم عن تغير الاشخاص سأقول إن كل واحد يرى من الأصلح لتحقيق أهدافه، لكن هدم مؤسسة لا أعتقد بل مجرد تغيير. أنا عندما جئت الوزارة قالوا من هذا الذي يرفد ويقصي ويقرِّب، فأنا كان عندي خطة في ذهني ولا بد أن أعرف من يستطيع تنفيذ الخطة التي أطمح اليها. وفي النهاية أنا لا أعمل لنفسي بل للمجتمع وهذا المجتمع له عليّ حقوق ولا بد أن نترك الحساب بعد فترة لنحاسب بقوة. فعندما يحب أحد أن يغير، نتركه ونعطيه الفرصة ليكون الحساب الكبير.

* كثير من المختصين والمثقفين مستاءون من عمل المجلس الاعلى للآثار ويرون أنه تحول إلى عمل كرنفالي استعراضي، كاميرا داخل الهرم، تحليل الحمض النووي لتوت عنخ آمون وغيرها من المظاهر الشكلية. لماذا هذه الشكليات؟

ـ أولا هذه دعاية للآثار فهذا له سحره عند الاجانب، فتأتي محطات دولية للتغطية الإعلامية، وبالتالي يعطينا رصيدا أكثر عندما يتم عرض هذا ويصبح للناس رغبة أكبر لزيارة هذه الأماكن. وبجانب هذه الدعاية هناك أعمال عظيمة تتم، من رعاية الآثار وتجديد الطرق وتحضيرها للزيارة، ثم نأخذ جزءا صغيرا جدا ونقول عنه استعراضي ! هو بالفعل دعاية لمصر.

* الامر المؤسف أن «الطفلين» المصاحبين للملك توت عنخ آمون في مقبرته وضعا ومنذ اكتشاف المقبرة عام 1922 وحتى الآن في كلية طب قصر العيني في ظروف لا تصلح لحفظ المومياوات. هل هذا معقول؟ وهل الكلام عن إجراء فحص الحمض النووي لهما مجرد حيلة لاسترجاعهما وإنقاذ الموقف؟

ـ لا تحاسبيني بأثر رجعي على ما فات.

* انت في الوزارة على مدى 21 عاما متواصلة؟

ـ الطفلان تم اكتشافهما بالصدفة البحتة، لم يكن أحد يعرف أنهما في كلية الطب، ، كنا نرى ما عندهم فوجدنا المومياوتين.

* وهل عند كلية الطب آثار؟! ـ نعم لديهم مومياوات.

* وما دخل كلية الطب بهذا؟ ـ كانت لديهم منذ بداية القرن الماضي، وأصبحت في حوزتهم، مثلما تجدين روائع أثرية في المتحف الزراعي لاعلاقة لها بالزراعة، سنحاول أن نستعيرها للمتحف المصري الجديد.

* توليك اليونسكو هل سيشكل فرصة لاستعادة مصر آثارها بالخارج؟

ـ لا أطالب برجوع كل آثارنا بالخارج، فعندما ترجع عشرات الآلاف من القطع، أين سأضعها. إنها محمية الآن، وتلقى الرعاية، وكل متحف به قسم مصري هو سفارة متينة جدا لمصر. لكن أرجو أن تعود بعض القطع، ونحن نبني متحفنا الكبير، وهذه لفتة حضارية من أية دولة تحتفي معنا بالمبنى العملاق.

* عندما هددت اليونسكو بشطب كاتدرائية كولونيا الشهيرة من قائمة الإرث الإنساني بسبب الشروع في بناء ناطحات سحاب بالقرب من الكاتدرائية مما يؤدي الى تشويه المنظر العام حولها، سادت حالة من الفزع في ألمانيا، وقال مدير مدينة كولونيا للتخطيط والتنمية إن حدث هذا سيكون عارا يصيب كولونيا وألمانيا كلها. ما رأيك في هذا الكلام هل توافق عليه؟

ـ أوافق عليه طبعا بالتأكيد، لأن ناطحات سحاب بالقرب من أثر تقزِّمه، لا مانع من أن تقام أبنية حديثة وعمارة حديثة بجانب الأثر لكن بمقاييس معينة.

* وكيف ترى أبراج القلعة التي يصرخ الجميع من بنائها بجوار قلعة صلاح الدين الأثرية؟

ـ أنا كنت أتمني أن تكون أبراج القلعة مبنية بالمرايا لأن هذا سيعكس صورة القلعة على المرايا، وعد سيلغى المبنى.

* لكن الأبراج ستشوه المكان كله؟

ـ لا طبعا فقد خضعت لمقاييس معينة. والعمارة الحديث ليست عيبا أو قبحا، بل جمالا أيضا لكنها لا بد أن تكون متوائمة جماليا وهذه مسألة ليست لها علاقة بالمودرن والقديم بل لها مقاييس ونسب.

* لكن اليونسكو بشكل خافت استنكرت هذه الأبراج؟

ـ لا.. اليونسكو موافقة لكن بشروط ألا تطغى الأبراج على المنطقة بشكل أو بآخر وهذه حقائق.

* لماذا نجحت مؤسسة مثل عبد المنعم الصاوي في أن تكون بؤرة ثقافية مهمة جدا تقدم وجبة ثقافية متنوعة وجاذبة على مدار اليوم بينما لم تصل المؤسسة الرسمية إلى هذا؟

ـ تعتقدين أنت لماذا؟

* أنا التي أسأل!! لكني رغم ذلك سأقول لأنه مكان جميل، به تنوع في أشكال الموسيقى لجذب كل الأنماط والفئات العمرية، ولا يخضع للروتين والتقاليد الرسمية، فيمكن لطالب هاو أن يقيم بسهولة معرضا تشكيليا. ناهيك عن نشاط ثقافي متنوع يجذب الطفل والكبير، كما تقدم المشروبات بسعر التكلفة.

ـ سألني .. ومن الذي ساعدهم في ذلك؟

* قلت هو عمل أهلي قام به المجتمع المدني؟

ـ بل وزارة الثقافة..أنا صاحب فكرة إنشاء مراكز ثقافية تحت الكباري. وجاء لي محمد الصاوي عندما فكر في الساقية. ووقفت وراء المشروع كثيرا فأنا أحب العمل الجيد كما أن أي شيء به ثقافة دوري أن أساعده حتى لو كان بائع «فجل» يريد أن يتحول لبيع الكتب. الساقية قامت على عون وزارة الثقافة كما أن محمد الصاوي نشط جدا ومبتكر والقطاع الخاص عنده حرية اكثر في الدعاية.

* ما الخبر الجديد الذي تخص به «الشرق الأوسط»؟

ـ هذا خبر أنتم أول من يعرفه.. عندي معرض في فينيسيا بجاليري مهم جدا يوم 12 سبتمبر (ايلول) المقبل.

* ما هي رؤيتك ـ في حال فوزك ـ لادارة اليونسكو؟

ـ أقول لك رؤيتي ليأخذها الآخرون.. ويضحك. لكن بوجه عام هذه المؤسسة شأنها إنساني بحت، فمن يحتاج هذه المنظمة هم الفقراء والمحرومون في أفريقيا، وآسيا، فلا بد من دعم كبير جدا، إنساني، مادي، معنوي. هناك خطة طموحة مليئة بالابتكار والإبداع ، هناك أشياء تحتاج الى استكمال ما تم بها، وموضوعات أخرى جديدة ممكن أن تعطي ملامح اخرى، هناك أيضا الاعتماد على القرائح وأصحاب الرؤى. وكل هذا يتطلب حركة دءوبة ومستمرة وإيقاعا ساخنا في العمل للغاية، بحيث يجعل للمنظمة صوتا ودويا كبيرا مؤثرا على المجتمع الدولي. ومدير المنظمة هو الطاقة التي تحرك الطاقات الأخرى.