ساركوزي في موسكو وتبليسي اليوم ونتائج المحادثات تقرر مصير عقوبات محتملة ضد روسيا

«حرف جر» وراء خلافات روسيا والاتحاد الأوروبي حول الأوضاع في القوقاز

TT

يصل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ظهر اليوم الى موسكو، في زيارة تدوم ساعتين، يرافقه خلالها رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو والممثل الأعلى للسياسة والأمن في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا. ويلتقى المسؤولون الثلاثة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف قبل أن ينتقلوا الى تبليسي، عاصمة جورجيا للقاء رئيسها ميخائيل ساكاشفيلي لمدة ساعة قبل انتهاء الزيارة.

وإذا كانت مهمة الوفد في جورجيا لا تطرح مشاكل وتنصب اساسا على تأكيد الدعم لتبليسي ودراسة تطورات الوضع وكيفية توفير الاستقرار، فإن مهمته في موسكو «غير مضمونة النتائج» مثلما تقول مصادر فرنسية قريبة من الملف الجورجي.

وتتركز مهمة الوفد في موسكو، وفق التكليف الصادر عن القمة الأوروبية، التي اجتمعت في بروكسل في الأول من الشهر الحالي في حمل روسيا على تنفيذ كامل التزاماتها المنصوص عليها في اتفاق النقاط الست الذي توصل اليه ساركوزي الشهر الماضي مع ميدفيديف وساكاشفيلي، والذي وضع حدا للعمليات العسكرية في جورجيا.

بالإضافة الى ذلك، سيسعى الوفد الثلاثي الأوروبي الى إقناع موسكو بقبول إرسال الاتحاد الاوروبي قوة من المراقبين الى جورجيا، مثلما قرر ذلك وزراء خارجية الاتحاد في اجتماعهم ليومين في أفينيون (جنوب فرنسا). ويريد الاتحاد الأوروبي أن يلعب دورا ميدانيا عن طريق نشر القوة الأوروبية التي يفترض أن تتشكل من 200 شرطي أوروبي في المناطق المحاذية لأوسيتيا الجنوبية، بما في ذلك المنطقة العازلة التي أقامتها القوات الروسية بعمق يتراوح ما بين 10 و17 كلم داخل الأراضي الجورجية. وتقول موسكو إن هذا الإجراء يتوافق مع اتفاق النقاط الست وعرضه حماية جمهورية أوسيتيا الجنوبية من أي اعتداء جورجي «مستقبلي».

وإذا قبلت روسيا قوة الرقابة الأوروبية فإنها ستنضم الى قوتين غير مسلحتين أخريين موجودتين في جورجيا، واحدة تابعة للأمم المتحدة وأخرى تابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وفي إطار المهمة عينها، سيسعى الوفد الأوروبي الى إقناع موسكو بتنفيذ مضمون النقطة السادسة من الاتفاق، التي تنص على بدء محادثات للأمن والاستقرار في أوسيتيا الجنوبية وفي أبخازيا. وتقول المصادر الفرنسية إن النتائج التي سيتوصل اليها الوفد ستكون مؤشرا على مدى استعداد موسكو للوصول الى تسوية مقبولة، تعيد الأوضاع الى ما كانت عليه، وتضمن الحد الأدنى من الاستقرار في المنطقة.

وتضيف هذه المصادر،«على ضوء مهمة الوفد سيتخذ الاتحاد الأوروبي الخطوات المناسبة» أي سيقرر ما إذا كان سيفرض عقوبات اقتصادية وتجارية على روسيا، أو أي إجراءات عقابية أخرى لحملها على تنفيذ التزاماتها.

وكانت القمة الأوروبية قد تحاشت في بروكسل الأسبوع الماضي إظهار انقساماتها بخصوص السياسة الواجب اتخاذها إزاء موسكو بسبب وجود معسكرين متقابلين داخل الاتحاد: الأول متشدد ويدعو الى فرض عقوبات اقتصادية وتجارية ووقف البحث في اتفاقية الشراكة الروسية ـ الأوروبية وإبعاد روسيا عن اجتماعات الدول الصناعية الثماني. وتمثل معسكر الصقور دول البلطيق وبولندا ودول شيوعية سابقة وبريطانيا. وبالمقابل، تدعو باريس وبرلين وروما وبروكسل الى الاعتدال واستمرار الحوار مع موسكو وتفادي العقوبات. غير أن أوساطا رئاسية فرنسية تحذر موسكو من أنه إذا «فشلت وسائل الحوار فإن اللجوء الى اجراءات أخرى سيصبح لا مفر منه». وفي موسكو، كشف فلاديمير تشيجوف المبعوث الروسي لدى الاتحاد الاوروبي عن ان مباحثات الوفد الاوروبي مع الرئيس دميتري ميدفيديف ستتناول الحالة الراهنة للعلاقات بين الجانبين وآفاق تطورها في المستقبل القريب، والموقف من عقد قمة روسيا ـ الاتحاد الاوروبي. غير ان الموضوع الاكثر اهمية وحساسية قد ينحصر في تباين تفسيرات الجانبين للبند السادس، مما يسمى «خطة ميدفيديف ـ ساركوزي»، التي سبق وتوصل اليها الرئيسان الروسي والفرنسي خلال الزيارة السابقة التي قام بها ساركوزي لموسكو في 12 اغسطس (آب) الماضي. وقال تشيجوف ممثل روسيا لدى الاتحاد الاوروبي ان تباين التفسيرات يرجع الى ان الترجمة الانجليزية للنص الروسي حول ضمان الأمن في اوسيتيا الجنوبية وابخازيا تتباين عن الترجمة الفرنسية في ما يتعلق بحرف الجر الذي جاء في الترجمة الانجليزية «for» وتعني «لـ »، وما نصت عليه الترجمة الفرنسية لنفس الحرف الذي اوردته « en» ويعني «في»، ويزيد من تبعات هذا الخطأ في الترجمة ان الرئيس الجورجي وقع على النص الفرنسي، وليس على النص الروسي الذي سبق ووقع عليه في موسكو ميدفيديف بعد رئيسي اوسيتيا الجنوبية ادوارد كوكويتي وابخازيا سيرغي باغابش. واردف تشيجوف ان الوثيقة الصادرة عن قمة موسكو بين ميدفيديف وساركوزي هى خطة وسيطين وليس طرفي نزاع ، كما ان ميدفيديف وقع على الوثيقة التي وقع عليها رئيسا اوسيتيا الجنوبية وابخازيا، بينما وقع ساركوزي على الوثيقة التي حملت لاحقا توقيع ساكاشفيلي. وفي ايطاليا التي استقبلت نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني، قال وزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني بعد اجتماع مع تشيني، ان الاتحاد الاوروبي يرغب في التعاون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة لحل الازمة الجورجية. وقال فراتيني للصحافيين بعد الاجتماع مع تشيني، على هامش مؤتمر اقتصادي، «أهم عنصر أعتقد أن بامكاني أن أقدمه لكم هو الرغبة المشتركة.. رغبة نائب الرئيس ورغبتي.. في تعاون وثيق بين أوروبا والولايات المتحدة» كما نقلت وكالة رويترز.