تركيا: تحقيقات فساد في ألمانيا تتعلق بأردوغان تهز حكومته والإعلام والسوق

بعد بدء محكمة في فرانكفورت تحقيقا حول تحويل أموال خيرية إلى مسؤولين بحزب العدالة الحاكم

TT

أتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان امبراطور الاعلام التركي المعروف في البلاد بـ«ميردوخ التركي» أيدين دوغان باستغلال مجموعته الاعلامية للترويج لاتهامات بالفساد لحكومة حزب العدالة والتنمية. وقال اردوغان ان هذه الاتهامات لا اساس لها من الصحة، مهددا دوغان بأنه سيكشف عن صفقات مالية تتعلق بمجموعته امام الرأي العام. وأدت المواجهة الحامية وغير المتوقعة بين الحكومة ومجموعة دوغان الاعلامية الى تأثيرات فورية على السوق التركي، فيما دخلت المعارضة العلمانية ممثلة بحزب الشعب الجمهوري على خط الازمة، منتقدة ضمنا سلوك رئيس الوزراء التركي، متساءلة على لسان زعيم حزب الشعب دينز بايكال: ما إذا كان اردوغان هو الذي يحدد ماذا ينشر في الصحف من عدمه؟ وقال أردوغان إن دوغان، الذي كان يعد من رجال الاعمال المقربين منه ومن حكومة العدالة، استغل مجموعته الاعلامية الهائلة، للترويج ونشر ادعاءات بالفساد ضد حكومة حزب العدالة والتنمية انتقاما من عدم نيل مجموعة دوغان عطاء للتوسع العقاري في اسطنبول. وفيما نفى دوغان هذه الاتهامات، اعطاه اردوغان اسبوعا لتوضيح سبب نشر هذه التقارير حول الحكومة. وقال اردوغان ليل اول من امس: هناك لا شك شيء ما وراء عدوانك. انا أعلم ما هو.. اعطيك أسبوعا واحدا لتوضيح دوافعك. اعلن دوافعك هذا امام الناس، وإلا سأعلنها أنا. من جهة أخرى، قالت مسؤولة في مجموعة دوغان الاعلامية إن الأنباء عن توتر شديد في العلاقة بين دوغان واردوغان حقيقة، موضحة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من لندن أن الطرفين اصدرا بيانات تعبر عن توتر حقيقي في العلاقات بينهما. وأوضحت المسؤولة التي لا تستطيع الكشف عن هويتها بسبب حساسية الموضوع: هناك الكثير من العوامل الجانبية، لكن التوتر ظهر بعد قضية ما زالت تنظر في المحاكم الالمانية، تتعلق بمؤسسة خيرية المانية جمعت اموالا في المانيا من اجل ضحايا التسونامي ثم قامت، كما تقول المحكمة الالمانية بتحويل جزء من هذه الاموال الى تركيا لاهداف معينة. هناك ممارسات فساد في الموضوع على ما يبدو وتبحث المحكمة الالمانية عن تفاصيل متعلقة بقضية الفساد هذه. وبحسب المحكمة الالمانية فإن ممارسات الفساد تتعلق برئيس الوزراء أو بمكتبه. فما يقوله المدعى العام الالماني الذي ينظر القضية هو أن هذه الاموال جمعت لضحايا التسونامي في اندونيسيا، الا ان جزءا من هذه الاموال حول الى الحزب الحاكم في تركيا. نشرنا في مجموعة دوغان الاعلامية هذه الأنباء في صحفنا وقنواتنا التلفزيونية نقلا عن المدعي الالماني. وأخذها رئيس الوزراء كإهانة شخصية، ثم خرج كل شيء من نطاق السيطرة. وقال ان مجموعة دوغان تستغل قوة الاعلام ضده لان صفقات مالية لم تتم بالطريقة التي كانت تريدها مجموعة دوغان للإعلام. وأوضحت المسؤولة في مجموعة دوغان أن منظمة الاعمال الخيرية الالمانية لها منظمة شقيقة في تركيا، مشيرة في الوقت ذاته الى انه ليست هناك علاقة عضوية أو مؤسسية بين الحكومة التركية وبين هذه المنظمة الخيرية لا بفرعها الالماني او التركي. وبوغت مجتمع الاعمال التركي والحكومة ومجموعة دوغان، بسرعة تدهور العلاقة بين المجموعة وبين الحكومة التركية. وأوضحت المسؤولة في مجموعة دوغان: الامور بدأت تتغير بشكل بطئ، لكن لم يتوقع احد ان تتدهور العلاقة بهذه السرعة. ابنة دوغان الكبرى وهي رئيسة جمعية رجال الاعمال الأتراك انتقدت نقص الاصلاحات التي قامت بها حكومة اردوغان، لكن مع هذا لم يتوقع احد أن تتطور الامور بهذه الطريقة. وقللت المسؤولة في دوغان من شأن التقارير التي تحدثت عن أن احد سبب الشقاق هو معاملة تفضيلية يقال ان رجال الاعمال ذا الجذور الاسلامية يتلقوها، موضحة ان اردوغان تحدث كثيرا عن دعمه للنخبة الاقتصادية الجديدة، مشيرة الى ان هذا لا يتضمن تفضيلا على أساس ديني.

ودخلت المعارضة التركية ممثلة في حزب الشعب الجمهوري، أكبر الاحزاب العلمانية في تركيا على خط الازمة، اذ تساءل زعيم حزب الشعب دينز بايكال: هل الامر يعود لاردوغان في تحديد ماذا ينشر او لا ينشر؟ منتقدا بشكل ضمني تضييق حريات التعبير. يذكر ان مجموعة دوغان تسيطر على 40% من سوق الإعلان التركي، و80% من سوق التوزيع الصحافي، ومن الصحف والقنوات التي تمتلكها صحيفة «حرييت» اليومية واسعة الانتشار، وصحيفة «وطن» التي اشترتها «مجموعة دوغان» مقابل 18 مليون دولار، وصحيفة «تركش ديلي نيوز»، التركية الانجليزية واسعة الانتشار، وصحيفة «راديكال» النافذة، وصحيفة «ميليت» العريقة، ومحطات تلفزيونية هامة مثل محطة «سي أن أن ترك»، و«ستار تي في»، ومحطة «فاناتيك» الرياضية. وتسيطر مجموعة دوغان التلفزيونية على 24% من المشاهدين، وهي بالتالي أكبر مجموعة تلفزيونية في تركيا، كما أنها تمتلك الكثير من المحطات الاذاعية، ويعمل فيها 7 آلاف موظف. وحاليا تسيطر «مجموعة دوغان» على سوق الاعلانات في تركيا، فقد ارتفعت مبيعاتها 20% خلال الأشهر القليلة الماضية، وهي تسيطر على 40% من حجم سوق الاعلانات التركي، وبينما كان دخل «مجموعة دوغان» من خدمات الإنترنت 1% عام 2005، ارتفع الى 5% العام الماضي.