خاتمي يعلن عدم مشاركته في الانتخابات الرئاسية .. ويزيد قلق الشارع الإصلاحي

مصدر إيراني لـ«الشرق الأوسط»: لم يفاتح خامنئي في مسألة ترشحه.. وتحذيرات من اغتياله وراء القرار

TT

فيما يشكل ضربة كبيرة لآمال المعسكر الاصلاحي في إيران في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والمقررة يوم 12 يونيو (حزيران) 2009، قال الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي إنه قرر عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية. وقالت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، إن خاتمي أعلن ذلك في كلمة القاها على هامش انعقاد «الدورة الثالثة للأخلاق»، التي عقدت في «متحف القرآن الكريم الوطني»، لدى اجابته عن سؤال حول مشاركته في الانتخابات الرئاسية المقبلة ليل أول من امس. من ناحيته، قال محمد رضا خباز عضو اللجنة المركزية لحزب اعتماد ملي (الثقة الوطنية) الاصلاحي، إن خاتمي سيدعم ترشيح مهدي كروبي رئيس حزب «اعتماد ملي» ورئيس البرلمان خلال عهد خاتمي للرئاسة، ممثلا عن الاصلاحيين. وأفادت وكالة «مهر» للانباء بأن رضا خباز أشار الى لقائه مع خاتمي، ودعوته اياه الى الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة، مؤكدا ان الرئيس السابق قال انه لن يترشح. وأضاف «اطلبوا من كروبي ان يدخل الساحة وجميعنا سوف ندعمه».

ووصف خباز وهو أيضا نائب في مجلس الشورى (البرلمان)، الظروف الحالية للانتخابات بأنها ايجابية، مشيرا الى ان اللجنة المركزية لحزب اعتماد ملي (الثقة الوطنية) وجهت الدعوة الى كروبي لترشيح نفسه للدورة العاشرة لانتخابات رئاسة الجمهورية، وذلك بإجماع الاعضاء بعد اجتماعات استغرقت 10 ساعات. وتابع: «الا ان ذلك لا يعني ان كروبي موافق على الترشيح، وحسم قرار الترشيح راجع اليه شخصيا في الموافقة او عدمها». وقال مسؤول إيراني، من قلب الحلقة الضيقة المحيطة بخاتمي وعلى دراية بخلفيات قراره، ان خاتمي يرى أن الظروف في إيران باتت صعبة، وان ترشحه في هذه الظروف ليس بالقرار الصائب. وأوضح المسؤول الإيراني لـ«الشرق الأوسط»: «الوضع الحالي في إيران صعب، إذا ما قرر خاتمي الترشح رسميا وفاز، فإن هذا يعني أن عليه العمل مع المؤسسات في إيران والكثير منها بات محافظا، او تحت سيطرة الحرس الثوري، خاتمي يجد صعوبة في التعامل في هذه الأجواء». وأضاف المسؤول الإيراني، الذي لا يستطيع الكشف عن هويته: «يلتقي خاتمي مع القائد المرشد الأعلى لايران آية الله على خامنئي، بشكل دائم، ربما بمعدل مرة في الشهر. لكن خاتمي حتى الآن لم يناقش معه مسألة ترشحح للانتخابات الرئاسية. وأعتقد أن السبب وراء هذا، هو ان خاتمي يشعر بالقلق من الاجواء الحالية. قبل فترة تحدث محمد رضا خاتمي، شقيق محمد خاتمي، لمحطة «برس.تي.في» عن مخاوف من تعرض خاتمي للاغتيال على يد اشخاص متشددين، إذا ما ترشح للرئاسة. كما تردد أن هناك ملف تحقيقات بحق خاتمي ينتظره في حالة قرر الترشح، «يتضمن اتهامات له بعد لقائه مع البابا في روما ومصافحته لسيدات»، مشيرا الى أنه في ضوء التهديدات التي توجه لخاتمي، فإن قراره عدم الترشح، لم يكن مفاجئا، وربما قرار في محله. غير أن المسؤول الإيراني قال إن قرار خاتمي قد لا يكون نهائيا، موضحا أنه يتوقع أن تتزايد الضغوط على الرئيس السابق من جانب عدد من التيارات والاحزاب الاصلاحية، ربما قبل وقت قصير من الانتخابات. وأشار المسؤول الإيراني الى ان خاتمي قد يتحدث مع المرشد الأعلى آية الله خامنئي ليترشح لانتخابات الرئاسة، إذا شعر ان طلبه قد يتم الموافقة عليه. وأعرب المسؤول الإيراني عن عدم ثقته بما قيل حول دعم خاتمي لكروبي لتمثيل الاصلاحيين في الانتخابات الرئاسية، موضحا: «المشكلة ان كروبي او وجوها اخرى من داخل المعسكر الاصلاحي، ليس لها حظوظ حقيقة في الفوز امام احمدي نجاد»، موضحا ان الشخص الوحيد الذي كان امامه فرصة للفوز هو خاتمي. غير أن مصدرا إيرانيا آخر قال لـ«الشرق الأوسط» إن وصول خاتمي للسلطة مجددا «خط أحمر» بالنسبة للمحافظين في إيران، موضحا: «إذا كان هناك شيء يوحد التيار المحافظ في إيران بتياراته المختلفة، فهو منع وصول خاتمي بالذات لمنصب الرئيس. لا أعتقد انه سيسمح له بمجرد الترشح». يذكر أنه إلى جانب اسم خاتمي وكروبي، تردد اسم عبد الله نوري وزير الداخلية الاصلاحي خلال ولاية خاتمي، ليكون ممثل الاصلاحيين في انتخابات الرئاسة الإيرانية. ويتمتع عبد الله نوري بشعبية وسط النخب الاصلاحية في إيران، كما يتمتع بشعبية في الشارع الإيراني، إذ انه خلال سنوات عمله كوزير للداخلية شهدت الحريات في المجتمع الإيراني والجامعات ووسط الطلبة والنساء انتعاشا كبيرا، وهو يعد في نظر الكثير من الاصلاحيين «اشد بأسا» في مواجهة المؤسسة المحافظة، مقارنة بخاتمي الذي لا يميل للصدام. وفيما لم يعلن نوري حتى الآن نيته الترشح، يعتقد على نطاق واسع ان مجلس صيانة الدستور، الذي يسيطر عليه المحافظون لن يسمح له بالترشح، أو سيرفض اوراق ترشحه، وسيقف امام عودته للساحة السياسية في إيران، ربما أكثر من وقوفه امام عودة خاتمي. وتسود الشارع الاصلاحي في إيران، حالة من القلق جراء عدم وضوح الصورة، فيما يتعلق بشخصية المرشح الاصلاحي، الذي سيمثل الاصلاحيين في هذه الانتخابات التي تعد شديدة الاهمية بالنسبة للإيرانيين، إذ انها تأتي وسط انتقادات شعبية ورسمية غير مسبوقة للرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد. وفيما كان الكثير من الاصلاحيين في إيران يأمل في ان يقرر خاتمي الترشح برغم كل الضغوط عليه، فإن دعمه لكروبي قد لا يؤدي الى تصويت القاعدة الاجتماعية للاصلاحيين له. وقالت شابة إيرانية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الكشف عن هويتها: «اذ لم يترشح خاتمي، لا أدري لمن سأصوت. ربما لن أصوت. الكثير ممن أعرفهم يقولون إنهم قد لا يصوتون، حتى امي التي دائما ما كانت تصوت لم تحزم امرها حتى الآن». وإذا صح هذا، فإن المحافظين قد يضمنون السيطرة على الرئاسة في إيران للدورة الثانية على التوالي، بغض النظر عن شخصية مرشحهم الرئاسي.