الهاشمي لـ«الشرق الاوسط»: نحن بحاجة إلى اقتصاد موجه.. ولكن إلى أجل

نائب رئيس الجمهورية يقدم ورقة لمعالجة مشكلة البطالة ويؤكد: من حق المواطن مقاضاة الدولة

TT

كلف المجلس التنفيذي الرئاسي العراقي، وبعد تعاظم مشكلة البطالة والمشاكل الناجمة عنها، باعتبارها المسبب الرئيسي لاعمال العنف التي يعانى منها البلد، احد اعضائه وهو نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بإعداد ورقة او دراسة تتضمن حلولا للبطالة، وفعلا قدم الهاشمي، الامين العام للحزب الاسلامي العراقي، هذه الورقة للمجلس.

«الشرق الاوسط» حاورت الهاشمي للاطلاع على اهم المقترحات التي تضمنتها الورقة فأوضح، «ان موقف الدولة القانوني ضعيف للغاية، إذ عليها بموجب الدستور أن تسدد لكل مواطن عراقي حصته من النفط والغاز، لإنهما ملك لعموم الشعب العراقي، وبالتالي فإن رفض الدولة سداد حق المواطن يضعها تحت طائلة المحاسبة القانونية، وبإمكان المواطن العادي أن يقاضي الدولة في هذا المجال». واشار الهاشمي في ورقته الى انه كان من المفروض ان تعالج مشكلة البطالة بطريقة منهجية منذ فترة طويلة، لسبب أساسي هو ارتباط البطالة بظاهرة العنف والجريمة من جهة، والحاجة الماسة الى تحسين ظروف الحياة للمواطن العادي من جهة أخرى، وهي مسؤولية تقع في نطاق اختصاص الحكومة، مؤكدا انه بادر الى تقديم المشروع موضوع البحث لمعالجة جميع المشاكل المرتبطة بالبطالة بشكل جذري.   وحول ما اذا كانت الورقة تدفع الدولة للتدخل في الشأن الاقتصادي، وهو ما يتعارض مع فلسفة آلية السوق، التي اعتمدت بعد سقوط النظام في عام 2003، اوضح الهاشمي «أن تنشيط الاقتصاد العراقي يتطلب اعتماد الاقتصاد الموجه، ولكن لأجل، أي حتى يتعافى الاقتصاد العراقي وتعاد هيكليته، أنا لست مع الاقتصاد الموجه الصارم، والمركزية المفرطة للدولة، على العكس، في الأمد البعيد أنا أفضل اقتصاد السوق، ولكن مع دور موجه وفاعل للدولة، وبدون ذلك ستحدث الفوضى وربما يتعرض الاقتصاد الوطني الى هزات عنيفة مفاجئة، وستتعمق الهوة بين الفقراء والأغنياء وعندها تضيع العدالة الاجتماعية وهو ما لا أرضى به».

ويرى الهاشمي ان الوضع المالي للدولة «مريح وباستطاعتها أن تتحمل الإعانات الاجتماعية المقترحة، حتى يعثر العاطلون عن العمل على فرص مناسبة. أنا أفهم مسؤولية الدولة، إنها ملزمة بتوفير حياة آمنة وكريمة للمواطن، وهذا لن يتحقق إلا بضمان اجتماعي للعاطلين عن العمل، وإذا لم يستطيع المواطن العادي العثور على فرصة عمل مناسبة، وإذا رفضت الدولة أن تقدم له يد المساعدة والعون، حتى يعثر على فرصة عمل مناسبة، في مثل هذه الظروف الى أين يتوجه هذا المواطن؟ هل من العدل والشعور بالمسؤولية أن تهمل الدولة دورها في حماية مواطنيها، وتتركهم يموتون جوعاً، أم هي دعوة لدفعهم للانخراط بالجريمة والعنف من أجل لقمة العيش؟». وتابع «حقيقة ان موقف الدولة القانوني ضعيف للغاية، إذ عليها بموجب الدستور أن تسدد لكل مواطن عراقي حصته من النفط والغاز، لإنهما ملك لعموم الشعب العراقي، وبالتالي فإن رفض الدولة سداد حق المواطن يضعها تحت طائلة المحاسبة القانونية، وبإمكان المواطن العادي أن يقاضي الدولة في هذا المجال».

وفيما يخص التحول في النظرة الاقتصادية لاهتماماته، قال الهاشمي «أولاً أنا حامل شهادة عليا في الاقتصاد، ولي ولع خاص بالاقتصاد كما لدي رغبة لا حدود لها في خدمة المواطن الفقير، صاحب الحاجة، وأنا قلق جداً على الوضع الحالي والمستقبلي للاقتصاد العراقي، لذلك سوف أتقدم في القريب العاجل بجملة دراسات تتعلق بالسياسات، الإقتصادية، المالية، النقدية والاستثمارية... بعد أن تأكد للقاصي والداني أن العراق يدار اقتصاده على غير هدى، ولولا الارتفاع الحاد في أسعار النفط الخام في السوق العالمية الأمر الذي حقق وفورات وفوائض غير متوقعة على الميزانية، لواجه العراق مشاكل اقتصادية كبرى».

الدكتور برهم صالح نائب رئيس الوزراء ثمن ورقة الهاشمي، مؤكدا ان مجلس الوزراء واللجنة الاقتصادية فيه ستتولى دراسة تلك المقترحات. من جهته، قال مصدر في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لـ«الشرق الاوسط»، ان هذه الدراسة لم تصل الى الوزارة بشكل رسمي.. واضاف ان الوزارة «شجعت وما زالت تشجع أي خبير او باحث او مسؤول عراقي يقدم دراسة هدفها رفع الحيف او الحد من معاناة شريحة عراقية ، وبخاصة العاطلين عن العمل ، لكن طريقة اعتماد هذه الدرسات تمر باجراءات للتأكد من جدواها عبر عرضها على مجلس خبراء الوزارة، الذي سيرفعها لمجلس الوزارة، ومن ثم الوزير الذي سيقدمها لمجلس الوزراء لاعتمادها ضمن الخطط او الاليات المتبعة في عمل دوائر الوزارة». واضاف انه وحتى الان لم تصل دراسة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي للوزارة بشكل رسمي، ولا يمكن اعتمادها كدراسة او خطة او ورقة، الا بعد ورودها بشكل رسمي للوزارة، كي تطبق ويتم تنفيذها بعد التأكد من جدواها.