مصادر مصرية ـ سودانية: الخاطفون ينقلون الرهائن إلى ليبيا.. وتخوفات من نقلهم إلى تشاد

حدد عددهم بـ20 مسلحا > مصدر تشادي: زعيم الخاطفين يدعى بخيت وهو من حركة العدل والمساواة > القاهرة تلغي احتفالاتها بيوم السياحة العالمي

TT

فيما ألغت مصر احتفالها بيوم السياحة العالمي الذي كان مقررا له غدا (السبت)، كشفت مصادر سودانية ومصرية قريبة من ملف قضية اختطاف السياح الأجانب لـ«الشرق الأوسط» أن الخاطفين دخلوا أمس بالرهائن إلى الأراضي الليبية، فيما يبدو كمحاولة للضغط على المفاوضين من الجانب المصري والسوداني والألماني، والابتعاد عنهم داخل الاراضي الليبية. وعلى المستوى الرسمي اكدت الخارجية السودانية مغادرة الخاطفين والرهائن أراضيها الى ليبيا، وانها اخطرت السلطات الليبية بالامر، لكن المتحدث باسم الحكومة المصرية الدكتور مجدي راضي قال لـ«الشرق الأوسط»: انه لا يستطيع أن يؤكد أو ينفي الخبر. غير ان مصدرا امنيا أكد ان انتقال المجموعة الى ليبيا، وقال «لقد اتجهوا الى ليبيا، ولا نعرف ان كان ذلك يعني انفراجا ام تدهورا للازمة».

وقال مسؤولون ليبيون إن السلطات الليبية تتحقق من هذه المعلومات، فيما لم يصدر أي تعليق رسمي ليبي.

وكشفت مصادر مصرية رفضت الكشف عن هويتها، أن عدد الخاطفين 20 شخصًا، وكانوا مقسمين لمجموعتين، الأولى هي التي قامت بعملية الاختطاف، وانتقلت بالرهائن حيث قابلت المجموعة الثانية. وصرح مصدر بالحكومة المصرية امس أن فريقا تفاوضيا من مصر والسودان والمانيا عقد محادثات مباشرة مع الخاطفين من خلال هواتف تعمل عبر القمر الصناعي وان المفاوضين متفائلون بخصوص التوصل الى «نتيجة طيبة» قريبا. واضاف أن اتصالا هاتفيا اخر جرى صباح امس لكن لم يتسن على الفور الحصول على تفاصيل. وبشأن أحوال الرهائن قال المتحدث السوداني ان المعلومات الواردة امس تشير الى أنهم جميعا بخير وأنه لا توجد اصابات. وبدا أن هناك تكتما مصريا رسميا حول الحديث عن أزمة الرهائن المختطفين منذ يوم الجمعة الماضي، أثناء قيامهم برحلة سفاري في منطقة صحراوية تشتهر بطبيعتها الخلابة، حيث تفضل السلطات التكتم لحين انتهاء الأزمة، خاصة بعد انتقال ملف إدارتها إلى المخابرات المصرية. واكتفت القاهرة بتصريحات صحافية مكررة على لسان مصدر رسمي تبثه وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية تؤكد أن حالة الرهائن الصحية بخير وأن هناك تنسيقا بين السلطات المصرية والايطالية والألمانية والرومانية بشأن الوصول إلى الأسلوب الأمثل لإنهاء أزمة السياح المختطفين واضعين نصب أعينهم سلامتهم والحفاظ على أرواحهم.

ونقلت الوكالة عن المصدر قوله امس «إن المختطفين بحالة صحية جيدة ولم يتعرضوا لأي أذى أو خطر. كما أن صاحب الشركة السياحية المنظمة لرحلة سفاري المختطفين، وهو من بينهم، على اتصال مستمر بزوجته من خلال هاتفه المحمول». واكد متحدث رسمي سوداني، ان الخاطفين غادروا الاراضي السودانية واتجهوا الى ليبيا. وقال المتحدث علي يوسف أحمد، رئيس ادارة المراسم بوزارة الخارجية السودانية، ان المجموعة تحركت صوب الحدود الليبية ثم عبرت الحدود. وأضاف أنهم الان في أراضي ليبية على بعد بين 13 و15 كيلومترا عن الحدود السودانية. واضاف «جميع الرهائن بخير وفق معلوماتنا، ونحن نراقب الوضع»، وقال انه جرى اخطار السلطات الليبية وانها تتابع الان تحركات المجموعة.

ومجموعة السياح مكونة من خمسة المان وخمسة ايطاليين ورومانية اضافة الى ثمانية مصريين يرافقونهم في رحلة سفاري الى منطقة صحراوية في جنوب مصر تضم شواهد لما قبل التاريخ. وقال يوسف ان المجموعة تتحرك بالسيارات، مضيفا ان السلطات الالمانية على اتصال مع قادة الخاطفين. واضاف «الالمان على اتصال مع الخاطفين والسودان على اتصال وثيق مع السلطات المصرية والايطالية والالمانية والرومانية»، وتابع ان الجنود السودانيين لا يزالون قريبين من مسرح العملية. وقالت الحكومة السودانية الثلاثاء انها تحاصرهم جميعا في موقعهم بالقرب من جبل العوينات القريب من ملتقى الحدود المصرية السودانية الليبية. وقال مسؤولون مصريون وسودانيون ان الخاطفين يطالبون بفدية كبيرة، ولا دوافع سياسية أو ارهابية لهم بالعملية. وقال مصدر أمني مصري انهم يطالبون بفدية قدرها ستة ملايين يورو (8.8 مليون دولار) لاطلاق سراح الرهائن، وطلبوا من المانيا وحدها دفع المبلغ وتسليمه الى زوجة مالك الشركة السياحية وهي المانية، ولم يعرف تحديدا السر وراء هذا الاجراء.

وحول ما أثير عن أسباب نقل المختطفين إلى مكان آخر، أشار مصدر مصري إلى أن ذلك يرجع في أغلب الأمر لعدم توافر المياه بالقدر الكافي في المنطقة التي كانوا بها. لكن مصادر أخرى تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أكدت أن أقرب منطقة تتوافر فيها المياه على بعد 300 كيلومتر من المنطقة الحدودية بين ليبيا والسودان وتحديدا في واحة الكُفرة.

وتعرف المنطقة الموجود فيها الرهائن بمنطقة المثلث الحدودي الذي يجمع بين مصر وليبيا والسودان، وتعرف بجبل العوينات، وهو أشهر معالم المنطقة المشهورة، يوجد داخل أراضي حدود ليبيا وهي جافة وقاحلة ويصعب العيش فيها لذلك توصف بأنها إحدى الثغرات الأمنية التي تستغلها بعض عصابات التهريب في الانتقال بين الدول الثلاث لتلافي المطاردات الأمنية.

وعبرت المصادر عن تخوفها إزاء تحرك الخاطفين إلى ليبيا، محذرة من محاولة الانتقال إلى تشاد، حيث يصعب تعقبهم، لكن المصادر عبرت عن أملها في أن يفطن السائقون المرافقون للسياح إلى أن المنطقة الموجودين فيها منطقة غرود (رمال خفيفة) وتحتاج إلى أن تسير السيارات بسرعات عالية حتى لا تغرز في تلك المناطق.

ومن ثم قالت المصادر: إذا ما لجأ الخاطفون إلى ليبيا فسيسهل توقيفهم بسهولة وإذا ما أدرك السائقون الرهائن ذلك فيمكنهم أن يجعلوا السيارات تغرز في الرمال وهو ما قد يعرقل الخاطفين ويجعلهم في النهاية يخضعون إلى المفاوضين.

وتابعت المصادر قائلة: لكن الخوف من أن يكون الخاطفون يسعون إلى الانتقال إلى تشاد وهنا سيصعب مطاردتهم، مشيرة إلى صعوبة الأمر بالنسبة للخاطفين إذ أن الوقود الموجود مع الخاطفين قارب على النفاد.

واختطف مجهولون 19 شخصا يوم الجمعة الماضي، 8 مصريين و11 سائحا أجنبيا (5 ألمان و5 إيطاليين ورومانيا واحدا) وطالبوا بفدية قدرها 6 ملايين يورو للإفراج عن الرهائن الذين كانوا في رحلة سفاري.

وتراشقت مصر والسودان وتشاد، الاتهامات حول جنسية الخاطفين. ووردت معلومات متضاربة بشأن هوية الخاطفين، فقد قال مسؤولون مصريون ان الخاطفين ربما يكونون سودانيين أو تشاديين بينما قال مسؤولون سودانيون في البداية انهم يعتقدون أن الخاطفين مصريون، كما اشارت مصادر اخرى الى انهم من جيبوتي أو تشاد، فيما اكدت مصادر اخرى صعوبة معرفة هوياتهم في تلك المنطقة الحدودية المتداخلة مع عدة دول.

وقال مصدر سوداني أمس إن الحكومة السودانية لديها مؤشرات على أن الخاطفين ربما ينتمون لاحدى جماعات المتمردين النشطة في اقليم دارفور بغرب السودان. ومن بين تلك المؤشرات اللغة التي تحدثوا بها والطريق الذي سلكوه عندما دخلوا الى السودان من مصر. ولا يتحدث أغلب متمردي دارفور اللغة العربية كلغة أولى. وقال موقع ديبو التشادي المتخصص في شؤون المنطقة، إن زعيم المجموعة التي خطفت الرهائن التسعة عشر يدعى بخيت، وهو ضابط سابق في الجيش السوداني، كما أنه انضم إلى حركة العدل والمساواة، المتمردة في إقليم دارفور بغرب السودان تحت قيادة الدكتور خليل إبراهيم، قبل أن ينشق عنها بعد فشل الهجوم الذي شنته الحركة مؤخرا على العاصمة السودانية الخرطوم ومدينة أم درمان قبل بضعة شهور.

ورفض أحمد حسين ادم المتحدث باسم حركة العدل والمساواة المقيم في لندن هذا التلميح ووصفه بأنه «دعاية من الحكومة السودانية». وقال ان حركته لم يكن لها أي دور وانه لا يمكن أن يعتقد أن يكون أي فصيل اخر في دارفور متورطا. وقال «لا أحد سيقدم على مثل هذا الامر. هذا ليس أسلوب الصراع في دارفور».

ويمكن الوصول الى المنطقة النائية حيث توجد كهوف تضم جداريات يرجع عمرها الى عشرة الاف عام بواسطة عربات رباعية الدفع من مناطق الصراع في دارفور وشرق تشاد. وقال منظمو رحلات انهم لاحظوا زيادة في أعمال قطع الطرق بالمنطقة خلال العام الماضي، ولكن بغرض سرقة الممتلكات الشخصية، وهي المرة الاولى التي يتم فيها الخطف لطلب الفدية.