خادم الحرمين وولي العهد يؤديان صلاة العيد في المسجد الحرام

ابن حميد: حالة التعصب حول القومية والمذهبية أرث استعماري ونزعة عنصرية >آل الشيخ يحذر من أتباع دعاة الشرور والغلو ودعاة الفرقة والاختلاف

الملك عبد الله بن عبد العزيز يؤدي صلاة عيد الفطر أمس (رويترز)
TT

احتفلت المملكة العربية السعودية صباح أمس بحلول عيد الفطر المبارك، وأدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، والأمراء والعلماء والمشايخ والوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين، صلاة عيد الفطر المبارك مع جموع غفيرة من المصلين الذين اكتظ بهم المسجد الحرام في مكة المكرمة والساحات المحيطة به.

وأم المصلين الشيخ الدكتور صالح بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام الذي ألقى خطبتي العيد أوصى المسلمين فيهما بتقوى الله عز وجل، وقال «العيد فرحة وبهجة فمن أحب أن يسامحه الناس فليسامحهم ومن زاد حبه لنفسه ازداد كره الناس له والألفة دليل حسن الخلق»، وقال «ولئن كان الإسلام وأهله يتعرضون لهجمة منظمة واسعة وليس الموقف موقف تشك أو تباكي وانتم في أيام عيد سعيد بإذن الله، ففي شريف علمكم لا يرمى إلا مثمر الشجر ومن رماك من خلفك فما ذلك إلا لأنك في المقدمة».

وتابع الشيخ ابن حميد «أيها المسلمون إن أمتكم امة الإسلام تملك صبغة ربانية وصبغة ذهبية تجمع بين وحدتها وتنوعها إنها تملك صبغة التنوع والتعدد والتمايز في إطار الوحدة الإسلامية»، مبينا «إنها صبغة جامعة مانعة لا تستنكر للتنوع والتعدد والاختلاف اجتماع واتحاد دون قهر أو قسر شعوب وقبائل وقوميات ووطنيات ومذاهب واجتهادات تجتمع جميعا وتنصهر في إطار وحدة الدين والأمة والحضارة والدار»، وأكد أن أهمية الإسلام تكمن في تنوع شعوبه واتساع دياره «وهي الصبغة الحقيقية للوحدة والقوة وهي طوق النجاة لجميع المسلمين بإذن الله».

وثمن في الخطبة ما تقدمه المملكة العربية السعودية للحرمين الشريفين «لتستوعب هذه الأمة العزيزة بكل أجناسها وشعوبها ومذاهبها حجة وعمرة وزيارة في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة ثم ناهيكم بإنسانية الإسلام التي قامت عليها الإخوة الإنسانية».

ودعا الأمة الإسلامية إلى الابتهاج والفرح بهذه المناسبة والاعتصام بحبل الله والاجتماع على دينه وعدم التفرق فيه. وقال «إن جمع كلمة المسلمين وحماية أعراضهم وصيانتها من ضرورات الدين فيحرم هتكها والوقوع فيها وتشتد الحرمة حين تكون في العلماء والولاة» وشدد على أن «أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها العلماء والحكام فعليك أن تحفظ لسانك فلا تفلس في إهدار حسناتك في قرض أعراض الناس».

كما أكد دور الإعلام وإيجابياته في التوعية والتثقيف وتوسيع الفهم والمدارك والتبصير بالحقوق والشفافية في الرؤية والمحاسبة ورفع المظالم والانتصار للمظلوم والنقد الهادف البناء، وقال «إن هناك سوء استخدام وغلطا في التوظيف مما يستدعي التذكير لطلبة العلم وحملة الفكر وأصحاب القلم والصورة ورجال الرأي والثقافة في تحري حسن استخدام نعمة الإعلام لجمع كلمة الأمة والدفاع عن حياضها والتنبيه على ما يكدر صفو وحدتها أو يبث بذور الفرقة والفتنة فيها»، مشددا إلى اجتناب كلام الإثارة وعبارات التحريض والظنون مما يهز تماسك الأمة في كيانها أو في نسيجها الوطني والمجتمعي في ديار الإسلام أو في مجتمعات ذات نسيج ضعيف لا تزيدها مثل هذه الإثارات إلا ضعفا واضطرابا في الفكر «بل قد تتعدد عندها الولاءات فتحل فيها الفرقة وتحيق بها الهلكة».

وحذر أنه من المخيف أن تشهد الأمة نزعات قد تورث نزعات من الطائفية والمذهبية والقومية «لتغيير الخرائط والهويات وتفتح أبواب التشرذم والتناحر داخل دائرة الإسلام وداره، أعرافا وقوميات «تنسي تاريخها المشرق الوضاء في خدمة دين الله وثقافة الإسلام ولغة القرآن وحضارته وكأنها تعود إلى جاهليتها الأولى»، مؤكدا أن حالة التعصب حول القومية والمذهبية «ارث استعماري ونزعة عنصرية للدول المستعمرة نفسها وقد بدأت في التخلي عنها لظهور فسادها وضررها وتهديدها للمصالح الحقيقية للفرد والجماعة».

وفي المدينة المنورة أدى المصلون صلاة عيد الفطر بالمسجد النبوي الشريف يتقدمهم الأمير عبد العزيز بن ماجد بن عبد العزيز أمير منطقة المدينة المنورة، حيث امتلأ المسجد وأروقته وسطحه والساحات المحيطة به بالمصلين منذ الصباح الباكر. وأم المصلين في صلاة العيد الشيخ علي الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي الذي القى خطبتي العيد، حيث أكد أن هذا الحدث يتضمن معاني إسلامية كثيرة ومنافع وحقائق كثيرة، حيث يتضمن العقيدة الإسلامية الصافية المضيئة النقية من الشرك والبدع والمحدثات ويتضمن العيد العبادة بالذل والخضوع والمحبة لله تعالى.

وحذر من الشرك بالله بالدعاء أو النذر أو الذبح أو أية عبادة أخرى فانه أعظم ذنب ومن الزنا فانه مفسد للقلب ويكسبه الخبث وقتل النفس المعصومة والمسكرات والمخدرات «فإنها تنسخ الإنسان وتبدل طباعه إلى شر وذل والربا فانه يمحق بركة العمر والمال والولد ويوجب غضب الرب».

أما في العاصمة الرياض فقد أدى جموع المصلين صلاة عيد الفطر المبارك يتقدمهم الأمير سطام بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض وذلك بجامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض.

وأدى الصلاة الأمير فهد بن محمد بن عبد العزيز، والأمير فهد بن مشاري بن جلوي وعدد من الأمراء والعلماء. وأم المصلين الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الذي حث في خطبة العيد المسلمين على تقوى الله الظاهرة والباطنة والتمسك بكتابه، وحذر من اتباع دعاة الشرور والغلو ودعاة الفرقة والاختلاف «ومن يريد تشتيت جمع الأمة وتفريق كلمتها والحذر من مكائدهم». وشدد على أن المؤمن من يؤمن بالشريعة الإسلامية ووجوب تحكيمها والتحاكم إليها والرضا بحكمها والاطمئنان بذلك، ودعا إلى فهم حقيقة هذا الدين الحنيف الذي يدعو إلى اليسر والسهولة والسماحة والخير والذي أمن الناس في مجتمعاتهم وحفظ خيراتهم. وقال «إن شريعة الإسلام جاءت بما يحقق الأمن والسلام والاستقرار ولحفظ الأموال وحقن الدماء وحماية الأعراض وصيانة العقول». وقال «إن من نعمة الله على المملكة العربية السعودية أنها دولة قائمة على أسس ثابتة على العقيدة الصحيحة، وإن المملكة رفعت رأسها بالإسلام وأقامت بنيانها على تقوى من الله ورضوانه وستستمر بإذن الله على هذا المنهج القويم والخلق العظيم».

وقال آل الشيخ «نحن اليوم في أمس الحاجة إلى اجتماع الصف ووحدة الكلمة والوقوف مع قيادتنا ضد ما يهدد ديننا وأمننا وخيرنا واستقرارنا وفى أمس الحاجة إلى التحام الصفوف واتفاق الكلمة والتعاون لحماية الدين والعقيدة وامن هذا البلد الذي يعيش أمنا واستقرارا يحسده الأعداء عليهما».

كما أديت صلاة العيد في كافة مناطق المملكة العربية السعودية يتقدمهم أمراء المناطق والعلماء والمشايخ وكبار المسؤولين، وذلك في الجوامع والمساجد والساحات والميادين التي خصصت لمثل هذه المناسبة.