عرب بين 20 قتيلا بغارة صاروخية أميركية على وزيرستان

تنسيق أمني بين إسلام آباد والعناصر المسلحة القبلية المناوئة لطالبان * 6 من عناصر «القاعدة» بين القتلى كانوا مدعوِّين إلى حفل عشاء

أطفال باكستانيون يعاينون آثار القصف الصاروخي على منزل في الشريط الحدودي (أ.ب)
TT

أمر الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال إشفاق برويز كياني، بالتعاون الكامل مع العناصر المسلحة القبلية التي قامت بشن هجمات مسلحة ضد طالبان باكستان في المناطق القبلية، حسبما أفاد مسؤول كبير لـ«الشرق الأوسط». وسوف تقوم القوات الباكستانية في المناطق القبلية بمقتضى ذلك بتنسيق عملياتها العسكرية في المناطق القبلية ضد طالبان مع خطة العناصر المسلحة القبلية التي قررت طرد طالبان من مناطقها القبلية ذات السيادة، حسبما أفاد أحد المسؤولين الكبار. وقد أصدر الرئيس زرداري هذه التوجيهات إلى رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال إشفاق برويز كياني، في اجتماع خاص عقد بينهما في منزل الرئيس، حيث تمت مراجعة الوضع الأمني الشامل في منطقة القبائل والجزء الشمالي الغربي من البلاد. وقد أفاد المسؤولون في منزل الرئيس بأن رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني وقائد حزب عوامي القومي، الذي نجا من محاولة اغتيال وقعت منذ يومين، قد شارك أيضا في الاجتماع.

وقال مسؤولو مخابرات امس ان قرويين باكستانيين لملموا أشلاء 20 جثة في الأقل؛ منها ما يخص عدداً من المشتبه انهم متشددون عرب بالاضافة الى ثلاثة اطفال قتلوا في ضربة صاروخية اميركية، الليلة الماضية. وشنت طائرة من دون طيار هجوماً في وقت متأخر من مساء اول من امس في قرية محمد خيل على بعد 30 كيلومترا غرب ميران شاه في اقليم وزيرستان الشمالية والمعروف بأنه ملاذ لمتشددي «القاعدة» وطالبان بالقرب من الحدود الافغانية. ومشط القرويون الحطام مع حلول الفجر بحثا عن ناجين وجثث ليدفنوها. وقال باخت علي، وهو احد القرويين: «وجدنا اشلاء مبعثرة في في الحطام». وقال مسؤول بالمخابرات من المنطقة ان امرأة وثلاثة اطفال بين القتلى. واوضح المسؤول الذي رفض ذكر اسمه: «لدينا الآن 20 قتيلا؛ بينهم سكان المنزل الثمانية وخمسة سكان محليين آخرين وسبعة اجانب».

واضاف ان الاجانب هم عرب فيما يبدو رغم ان جنسياتهم غير معروفة. الى ذلك، ذكرت مصادر أمنية باكستانية امس أن ما لا يقل عن ستة من مقاتلي «القاعدة» كانوا بين أكثر من 20 قتيلا خلال ما يُعتقد أنه هجوم صاروخي اميركي في المنطقة القبلية بالبلاد. وقال مصدر أمني محلي إن نحو ستة من أعضاء «القاعدة» من أصل عربي وعدد من مقاتلي طالبان كانوا مدعوين لتناول العشاء من قبل أصحاب المنزل، وهما شقيقان داود خان وعبد الرحمن، عند وقوع الهجوم. وأشار إلى أن الشقيقين من أصل افغاني وأنهما استقرا في المنطقة منذ 30 عاماً. وأضاف أن داود خان وأطفاله الأربعة واثنين من أبناء شقيقه قتلوا خلال الهجوم. وذكرت صحيفة «ذي نيوز» ان الضربة نفذت استنادا إلى معلومات بأن الاجانب كانوا مدعوين الى احتفال لرجال قبائل موالين لطالبان بعد نهاية شهر رمضان. وقال متحدث باسم الجيش الباكستاني ان انفجاراً وقع في المنطقة بدون ان يؤكد سببه. وفي مواجهة تصاعد تمرد طالبان في افغانستان، نفذت القوات الاميركية خلال الشهر المنصرم ثماني ضربات صاروخية بطائرات من دون طيار بالاضافة الى غارة كوماندوس على الجانب الباكستاني من الحدود. واطلق رجال القبائل في مير علي، وهي بلدة تقع على بعد 25 كيلومترا شرق ميران شاه النار على طائرة اميركية من دون طيار امس قبل ان تحول مسارها. واوقع هجوم صاروخي اميركي على مير علي خمسة قتلى؛ بينهم متشددون اجانب يوم الاربعاء. واحدثت الضربات الجوية واستخدام القوات البرية للمرة الاولى على الاطلاق توترا في العلاقات بين الحليفين. واحتجت الحكومة الباكستانية على الهجمات وقالت إنها انتهاك لسيادة اراضيها وتقوض جهودها الطويلة لسحق التشدد في بلد تشتد فيه المشاعر المناهضة للولايات المتحدة. ويخوض الجيش الباكستاني في نفس الوقت معارك شرسة ضد المتشددين في باجور بأقصى شمال شرقي الحزام القبلي بالاضافة لوادي سوات الواقع قرب الاراضي القبلية. وقتل اكثر من 1000 متشدد في القتال بباجور وسوات منذ اغسطس (آب) الماضي. وذكرت صحيفة «لو كانار انشينيه» الفرنسية أن بريطانيا تؤيد تهيئة الرأي العام لانسحاب القوات الدولية من أفغانستان، وأن يتولى الحكم في البلاد «ديكتاتور مقبول». واستندت الصحيفة في تقريرها إلى خطاب موجه من السفارة الفرنسية في كابل إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد مباحثات أجريت مع السفير البريطاني شيرارد كوبر حول الوضع في المنطقة. وكتب الدبلوماسي الفرنسي جان فرانسوا فيتو في الخطاب الذي نشرت الصحيفة مقتطفات منه أن كوبر يرى أن الوضع الأمني في المنطقة يسوء وأن الوجود العسكري الغربي في أفغانستان يعد «جزءاً من المشكلة». وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون قد أكد في أغسطس الماضي إصرار بلاده على مواصلة «الحرب ضد الإرهاب»، متعهدا في الوقت نفسه بالمزيد من الاستثمار لصالح تدريب الجيش الأفغاني. وجاء في الخطاب حسبما ذكرت الصحيفة أنه لابد من دعم الولايات المتحدة في أفغانستان لكن الاستراتيجية الأميركية المتبعة هناك «محكوم عليها بالفشل» حيث أن «الحكومة الفاسدة» في كابل بددت الثقة في قدراتها واستعداداتها. وأوضح الخطاب وجهة نظر السفير البريطاني في أن تكثيف الوسائل العسكرية قد يكون له تأثير عكسي على الوضع في المنطقة حيث ستزداد نظرة الأفغان إلى هذه القوات كقوات احتلال، وسيتضاعف عدد الهجمات التي تشنها حركة طالبان على هذه القوات. وأوضح كوبر خلال محادثاته مع نظيره الفرنسي أن الوضع قد يصير جيدا إذا تولى الحكم في أفغانستان «ديكتاتور مقبول» في غضون خمسة إلى عشرة أعوام حيث أن ذلك «هو الطريق الواقعي الوحيد، وعلى المرء أن يهيئَ الرأي العام لقبول ذلك». ووفقا للتقرير، فإن لندن تخطط لسحب قواتها من أفغانستان بحلول نهاية عام 2010.