جامعة الملك عبد الله تقترب من تحقيق حلم التفرد وحرية البحث العلمي

مجلس أمناء من خبرات عالمية ينضم للمجلس الاستشاري الدولي

TT

قبل نحو عام، وقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، في قرية (ثول) التي كانت إلى وقت قريب مجرد مرفأ لصيادي الأسماك، ليخاطب العالم من هناك بأن واحة علمية على أعلى طراز من المعرفة والجدارة قد شيدت لتكون «منارة من منارات المعرفة وجسرا من جسور التواصل بين الحضارات والشعوب وان تؤدي رسالتها بلا تفرقة ولا تمييز»، وهو ما يلخص الرؤية التي تبناها الملك السعودي لهذا المشروع العملاق، والحلم الذي ظلّ يحمله طيلة ربع قرن من الزمان.

وعلى بعد نحو عام من موعد افتتاح الجامعة في 5 سبتمبر (أيلول) 2009، أعطت الجامعة دفعة قوية لمسيرة البحث العلمي بتعيين مجلس للأمناء يتكون من عشرين شخصاً من أعلى الكفاءات العلمية والأكاديمية العالمية، وهو ما يضمن المسار العلمي المستقل للجامعة، وذلك بعد أن تم تحديد الموارد المالية الكافية لها عبر إنشاء «وقف دائم» يدار لصالحها، وكان الملك عبد الله عهد في يوليو (تموز) 2006 إلى شركة ارامكو الرائدة في صناعة النفط إنشاء الجامعة، على مساحة تزيد على 36 مليون متر مربع بالقرب من بلدة «ثول» شمال مدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، بتكلفة 10 مليارات ريال، وتم تخصيص وقف لخدمة الأبحاث العلمية في الجامعة بقيمة 10 مليارات ريال أخرى.

ويضمن ميثاق الجامعة حرية الفكر، وحرية البحث والاستقلالية والتمويل ومنح العلماء ما يلزم منها لضمان استقلاليتها العلمية، لكي تؤكد رسالة الجامعة وفلسفتها التي تجعل من هويتها مكوناً رئيسياً لصناعة التغيير في أطر البحث العلمي داخل المنظومة التعليمية المحلية والاقليمية. ومن شأن هذا المشروع العملاق أن يضع السعودية في مصاف الدول المتقدمة في تسخير مواردها للبحث العلمي واحتضان العلماء ليكرسوا خبراتهم وتجاربهم لوضع الحلول للعقبات التي تعترض التنمية والاقتصاد والبيئة والصناعة وترتبط مباشرة بالعجلة الاقتصادية لكي تزاوج بين البحث العلمي وحاجات التنمية الصناعية والاقتصادية في البلاد، وتعطي مفهوماً متطوراً لفتح الآفاق بحرية علمية وبحثية لجميع العلماء من مختلف دول العالم لكي يكوّنوا خلايا الفكر والعمل الأكاديمي المتفوق والخلاق، ولتصبح (حاضنة) للبحث العلمي، وحاضنة للمؤسسات البحثية والصناعية حتى تستفيد من أبحاث العلماء في تحويلها إلى منتج صناعي واقتصادي يضخ مزيداً من الازدهار لعجلة التنمية ولرفاه المواطن.

وتركز جامعة الملك عبد الله على البحث العلمي وتحويل نتاجه إلى مشاريع صناعية تعمل على نقل الأفكار والتقنيات. وتحقيقا لهذه الغاية أعدت الجامعة مدينة أبحاث ومركز إبداع مجهزين بأحدث المرافق.

ويجد نخبة من المهندسين والباحثين المعروفين عالمياً والذين تضمهم جامعة الملك عبد الله، في الأفق المفتوح والمرن والإمكانيات الهائلة التي توفرها الجامعة، مكاناً مناسباً لبلورة جهودهم في الأبحاث التي تطبق العلم والتقنية على المشكلات المتعلقة بالاحتياجات البشرية، والتقدم الاجتماعي، والتنمية الاقتصادية، والسعي لإيجاد حلول واقعية للمشكلات الراهنة والمستقبلية، مثل التصحر، وشح المياه، وسبل تحقيق الكفاءة في استخدام الوقود، والطاقة المتجددة، وجعل العمليات الكيميائية أنظف وأكثر كفاءة. وقد اعتمدت الجامعة برنامج «رابطة الأبحاث العالمية»، حيث سيتم في إطار هذا البرنامج الدخول في شراكة بين خمسة أو ستة معاهد بحثية سنوياً لمدة خمس سنوات في مجالات تهم جامعة الملك عبد الله، بالاضافة لاتفاقيات شراكة لعروض مقدمة من نحو 60 جامعة عالمية ومعهد أبحاث. وهناك برنامج تم في إطاره توقيع مذكرات تفاهم مع عدد من المؤسسات العلمية الدولية مثل معهد «وودز هول أوشانوغرافيك» و«إنستيتوت فرانسيز دو بترول» والجامعة الوطنية السنغافورية والمعهد الهندي للتقنية، وقد وقعت اتفاقيات شراكة مع مراكز بحثية، ورؤساء فرق أبحاث، وباحثين يعملُون في مجالات علمية وهندسية تُعدُّ محورية لرسالة جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية كبحوث تحلية المياه وعلوم الكومبيوتر والرياضيات التطبيقية، وعلوم الحياة الخاصة ببيئة البحر الأحمر، وأبحاث الطاقة والهندسة الحيوية، والنانوتكنولوجي. ومثل تعيين البروفيسور تشون فونغ تشي، مدير جامعة سنغافورة الوطنية السابق، كأول رئيس مؤسس لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، تأكيداً لتميّز الجامعة في اجتذاب الكفاءات العلمية العالمية.

فالبروفيسور تشون فونغ تشي أحد أبرز الكفاءات العلمية على المستوى العالمي حيث كان أول سنغافوري ينتخب عضوا مشاركاً أجنبياً في الأكاديمية الوطنية الأميركية للهندسة، وهو أول متلق من منطقة آسيا لجائزة القيادة، التي يمنحها مجلس تطوير ودعم التعليم لكبار المسؤولين التنفيذيين، وهي منظمة عالمية يشترك في عضويتها أكثر من 3000 مؤسسة تعليمية منحت له عام 2007، وهو أيضاً عضو فخري أجنبي في الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم. كما أنه «فارس» فرنسي بناءً على مرتبة «فرقة الشرف» الفرنسية التي منحت له. وتمتلك الجامعة مجلساً استشارياً عالمياً، يضم بالاضافة لوزير البترول علي النعيمي، الدكتور أوليفييه أبير، رئيس المعهد الفرنسي للبترول، وخالد بن عبد العزيز الفالح، النائب التنفيذي لرئيس أرامكو السعودية للعمليات، والدكتور خالد السلطان مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والدكتورة كارين أي هولبروك، نائب الرئيس المكلف للأبحاث والابتكارات، بجامعة ساوث فلوريدا ورئيسة جامعة ولاية أوهايو السابقة، والمستر فقير شاند كولي، الذي يمثل الروح الدافعة في صناعة برامج الحاسب الآلي في الهند، وهو نائب سابق لرئيس شركة تاتا للخدمات الاستشارية المحدودة، والدكتور هيروشي كومي ياما رئيس جامعة طوكيو، والدكتور مارك ليتل النائب الأعلى للرئيس ومدير جنرال إلكتريك للأبحاث العالمية، والدكتور فرانك برس، الرئيس الفخري المتقاعد للجمعية الوطنية الأميركية للعلوم، والبروفسور فرانك رودس، الرئيس الفخري (متقاعد) لجامعة كورنيل بنيويورك، والسير ريتشارد سايكس مدير ذا إمبيريال كولج في لندن، والدكتورة ماري آن فوكس، رئيسة جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، والبروفسور بول سي. و. تشو رئيس جامعة هونغ كونغ للعلوم والتقنية، والدكتور هرمان ولفغانغ، رئيس جامعة ميونخ التقنية في ميونخ، بالمانيا، ومحمد بن حمد الماضي نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك).