الصومال: عمدة مقديشو السابق يتهم مسؤولين كبارا في الحكومة بالتورط مع الإسلاميين

كينيا تخطط لاجتماع موسع لرؤساء الترويكا الانتقالية.. رغم استمرار الخلافات بين يوسف وعدي

TT

قالت مصادر صومالية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة الكينية ومنظمة دول «إيقاد» للتنمية الأفريقية، ستدعو رؤساء الترويكا في الصومال (الرئيس ورئيسا الحكومة والبرلمان) إلى مؤتمر جامع في العاصمة الكينية نيروبي اعتبارا من السابع والعشرين من الشهر الجاري، لحل الخلافات.

وأوضحت المصادر أن المؤتمر الذي كان مقررا عقده الأسبوع المقبل، تأجل إلى الموعد الجديد، بسبب اعتبارات تنظيمية، مشيرة إلى أن هناك احتمالا لتأجيل المؤتمر مرة أخرى إذا قضت الحاجة لنفس الأسباب.

وتسعى منظمة دول «إيقاد» إلى جمع أعضاء البرلمان الصومالي البالغ عددهم نحو 270 عضوا في نيروبي، لتقييم الوضع الأمني والسياسي المتدهور في الصومال ومحاولة حل الخلافات التي ما زالت تعطل العمل داخل الحكومة الانتقالية. ونفى رئيسا البرلمان والحكومة عدن مادوبى ونور عدي مؤخرا شائعات عن أن هذا المؤتمر سيفضي إلى تشكيل حكومة جديدة أو إلى استقالة رئيس الوزراء نور عدي. وقال مسؤول صومالي بارز لـ«الشرق الأوسط» إن استمرار الخلافات المكتومة بين الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف ورئيس وزرائه، ما زالت على أشدها، لافتا إلى أن عدي لم يوجه الدعوة لعقد اجتماع لحكومته على الرغم من الاتفاق الذي أبرمه في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مؤخرا بوساطة من رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي مع يوسف لحل الخلافات العالقة بينهما.

وكشف المسؤول الذي طلب عدم تعريفه النقاب، عن أن التعايش السياسي بات مستحيلا بين يوسف وعدي، مشيرا إلى أن أطرافا إقليمية ودولية معنية بملف الأزمة الصومالية باتت تتساءل عما إذا كان الوقت مناسبا لرحيل أحدهما قبل انهيار السلطة الانتقالية. وتتنازع الفصائل المسلحة إلى جانب حكومة صومالية ضعيفة مدعومة من قبل الأمم المتحدة والقوات الإثيوبية، بهدف السيطرة على البلاد، التي تشهد موجة عنف متواصلة منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع سياد بري عام 1991.

وتنفذ الفصائل المتشددة، خلال الشهور الأخيرة، هجمات على غرار حرب العصابات على عدد من البلدات، وتحكم سيطرتها حالياً على ثالث أكبر المدن. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، تسبب القصف المتجدد في مقديشو في تشريد ما يقرب من 37 ألف مدني من ديارهم. وعلى مدار الشهور التسعة الماضية، هرب 870 ألف شخص للنجاة بحياتهم، بينما يوجد نحو 1.1 مليون مشرد في الصومال حاليا وفقا لتقديرات دولية.

إلى ذلك، التزم رئيس الحكومة الصومالية العقيد نور حسن حسين (عدي) الصمت، حيال اتهامات وجهها له محمد عمر ديري العمدة السابق للعاصمة الصومالية مقديشو بوجود صلات وعلاقات له مع حركة الشباب المجاهدين المناوئة للحكومة وللوجود العسكري الأجنبي في الصومال.

ورفض عدي التعليق على هذه الاتهامات خلال اتصال هاتفي أجرته معه أمس «الشرق الأوسط» من مقره في العاصمة مقديشو. وكان ديري الذي أقاله عدي من منصبه قبل نحو شهرين رغم معارضة الرئيس الصومالي عبد الله يوسف، قد اتهم مسؤولين كبارا في الحكومة الصومالية بالارتباط بعلاقات مشبوهة مع حركة الشباب، لافتا إلى أن هذه العلاقات مكنت هؤلاء المسؤولين من استخدام مطار مقديشو على الرغم من إعلان الحركة إغلاقه أمام الملاحة الجوية وتهديدها بإسقاط أي طائرة تستخدمه.

وأوضح ديري أن الرئيس الانتقالي ليس بمقدوره استخدام المطار، بينما يستخدمه بسهولة رئيس الحكومة وعدد من وزرائه، لافتا إلى أن هذا يطرح من وجهة نظره تساؤلات حول العلاقة المشبوهة بين الطرفين.

إلى ذلك، أعلنت حركة الشباب المجاهدين المتشددة في بيان لـ«الشرق الأوسط» مسؤوليتها عن قتل مسؤول أمنى رفيع المستوى في مدينة بيداوة التي تتخذها السلطة الانتقالية مقرا لها منذ سنوات في جنوب الصومال.

وقالت الحركة إن كتيبة أمن العمليات الخاصة التابعة لجيش العسرة اغتالت رئيس قسم المخابرات إبراهيم حسن بعد متابعة دقيقة لتحركاته رغم محاولته التخفي.

كما أعلنت الحركة مسؤوليتها عن القصف العنيف الذي تعرض له مساء الاثنين الماضي مقر إقامة الرئيس الانتقالي المعروف باسم فيلا الصومال في مدينة مقديشيو بالإضافة إلى محاولة اغتيال رئيس البرلمان عدن مادوبي في مدينة بيداوة التي تبعد نحو 240 كيلومترا جنوب العاصمة.

وتعرض قصر يوسف الخاضع لحماية القوات الإثيوبية وقوات حفظ السلام الأفريقية المكونة من بوروندي وأوغندا، لقصف عنيف باستخدام قذائف الهاون والصواريخ، لكن يوسف الذي كان موجودا في المكان لحظة قصفه لم يصب بأذى وفقا لما أكده مسؤول في مكتبه. وكانت الحركة قد قصفت منزل رئيس البرلمان في بيداوة بقذائف الهاون، لكنه نجا أيضا من هذا القصف الذي خلف خسائر بشرية ومادية في صفوف مساعديه وحراسه.

وقالت الحركة إن هذه العمليات تأتي في إطار ما يسمى بغزوة «لا سلام بلا إسلام» التي أعلنتها قيادتها العامة الشهر الماضي بإشراف أميرها الشيخ مختار أبي الزبير. وأدت الهجمات التي شنها المتمردون الإسلاميون بقذائف المورتر إلى مقتل 15 شخصا الاثنين الماضي، فيما وجهت 50 منظمة غير حكومية نداء ضد ما وصفته بأعمال العنف «الرهيبة». وقالت المنظمات غير الحكومية إن هذا القصف أحدث مثال على العنف المنتشر في العاصمة الصومالية والذي أدى في الأسابيع الأخيرة إلى تشريد نحو 37 ألف شخص وساعد في تفاقم مشكلة اللاجئين داخل البلاد البالغ عددهم 1.1 مليون لاجئ.