ديان يحاول إلقاء تهمة الإهمال على رئيسة الحكومة ورئيس الأركان

ديفيد أليعازر ينتحر بعد فشله في إقناع اللجنة بعدم مسؤوليته عن الإخفاقات

TT

موشيه ديان وزير الدفاع الاسرائيلي في حرب أكتوبر كان الشخصية العسكرية الأسطورية في إسرائيل. ورغم كونه قائدا عسكريا كبيرا يحظى بشيء من القدسية في ذلك الوقت، فقد حاول خلال شهادته في المحكمة التهرب من مسؤولية الاخفاقات في هذه الحرب، مع أن الجنرالات يحملونه كامل المسؤولية. فهو الذي تلقى بلاغا من زعيم عربي كبير (يقولون في اسرائيل صراحة إنه الملك حسين رحمه الله)، يؤكد أن سورية ومصر قررتا شن حرب مشتركة ضد إسرائيل. وأكد ان هذه الحرب ستقع في أكتوبر. ولكن ديان لم يصدق. وعندما طلب رئيس الأركان، ديفيد أليعازر، تجنيد الاحتياط رفض وقال انه ليس ثمة حاجة. ديان من جهته حاول أمام لجنة التحقيق التهرب من المسؤولية وألقاها على رئيسة الحكومة، غولدا مئير، أو على رئيس الأركان، أليعازر. وحسب ما ورد في شهادته أمام لجنة التحقيق، قال انه لم يحاول استخدام خبرته العسكرية في ادارة الحرب لأن هذه هي مسؤولية رئيس الأركان. وأضاف: «أنا خلعت البزة العسكرية منذ سنة 1957 فما لي والجيش المتطور في سنة 1973؟ ثم انني تحولت الى سياسي محترف وأصبحت وزيرا للدفاع ليس لأن الجيش رشحني للمهمة، بل لأن حزبي أرسلني الى الحكومة واختار لي هذا المنصب».

وعندما سأله أعضاء اللجنة بصفته سياسيا وليس عسكريا عن الاخفاقات السياسية، أجاب: أنا سياسي، هذا صحيح. ولكن لا تنسوا انني لست السياسي الأول في الحكومة. فرئيس الحكومة ذو صلاحيات أخرى مختلفة عن صلاحيات الوزير». وكانت القضية التي حققت معه اللجنة بشأنها هي قضية جاهزية الجيش للحرب، وهي من صلاحياته الأساسية. لكن ديان حاول البرهنة على انه بريء من هذه المسؤولية على الاطلاق. فقال ان مهمة وزير الدفاع هي الإشراف من بعيد وليس التدخل في مستوى الجيش ومدى جاهزيته، فهذه مهمة رئيس الأركان. وتساءل «من أين لي أن أعرف ما هو مستوى سلاح الجو مثلا. أنا أعتقد ان لدينا أحسن سلاح جو في العالم. ولكني أعرف هذا من خلال التقارير التي تصلني ومن خلال أقوال رئيس الأركان ومن خلال متابعة أداء طائراتنا الحربية. أما الواقع فإنه يمتحن في الحرب الفعلية». وسئل عن سبب عدم موافقته على التجنيد لجيش الاحتياط، أجاب ديان انه التقى قائدي اللواءين الجنوبي والشمالي، فلم يسمع منهما انهما يحتاجان الى ذلك. لذا لم يوافق على طلب رئيس الأركان.

رئيس الأركان: شارون أراد الوصول الى القاهرة من خلال ثغرة الدفرسوار

* رئيس الأركان أليعازر، دفع الثمن الأبهظ في هذه الحرب. فقد أشارت اليه اللجنة بأنه أول من يتحمل مسؤولية الفشل في هذه الحرب. وقد حاول عبثا تنظيف اسمه، وعندما فشل وضع حدا لحياته بالانتحار.

في شهادته أمام اللجنة قال إنه كان مقتنعا بأن الحرب واقعة لا محالة في الساعة السادسة من مساء السبت، 6 أكتوبر. ولذلك فإنه دعا الى جلسة لرئاسة الأركان في الساعة الرابعة من فجر الجمعة، وأبلغ فيها تقديراته. وقال انه تحدث من البداية عن حرب سورية مصرية وليس حربا من طرف واحد. ويقول: «لقد أشركت في قلقي هذا كلا من رئيسة الحكومة ووزير الدفاع والحكومة بكامل نصابها ولجنة الخارجية والأمن البرلمانية ورئاسة الأركان. قلت بوضوح انني أخشى من حرب كهذه. وقبل ذلك كنا قد تدربنا بشكل جيد. وطرحت على ديان أن نقوم بتوجيه ضربة مانعة لمصر أو لسورية أو لكليهما، قبل أن يستعدوا ويضربونا. ولكنه رفض وقال اننا لا نستطيع ذلك من الناحية السياسية الدولية. فطلبت على الأقل أن نجند الاحتياط، فرفض لنفس السبب، أي انه لم يرد أن يقال في العالم اننا بادرنا الى استفزاز العرب. فأجبته: من الأفضل أن ينتقدونا وننتصر عن أن يبكوا على أكتافنا ونحن مهزومون، ولكن كلامي لم يؤثر فيه».

ثم كشف أليعازر انه بدأ باستدعاء قوات الاحتياط على عاتقه الشخصي، من دون الرجوع الى الحكومة أو وزير الدفاع، لأنه لم يكن مقتنعا بمواقف السياسيين. ولكن هذا لم يسعفه أمام اللجنة فرأت فيه مسؤولا أول عن الفشل. ويصف أليعازر الأجواء في هيئة رئاسة أركان الجيش الاسرائيلي عند نشوب الحرب بأنها «بيت مجانين، كأنك في مصح عقلي»، من شدة المفاجأة والفوضى. ويكشف في شهادته «كم كان يخشى من أرئيل شارون، الذي استدعي الى المعركة وتم تسليمه لواء المدرعات العامل في جنوب سيناء، حيث قام بإحداث ثغرة في خط الدفاع المصري الخلفي في منطقة الدفرسوار، ونقل قواته الى الشاطئ الغربي من قناة السويس وطوق بقواته الجيش المصري الثالث. وقال أليعازر ان شارون نجح في هذا الاختراق رغم انه لم يكن بقرار من القيادة العليا، وانه حاول الاستمرار في التقدم الى الأمام نحو القاهرة غير آبه بالاعتبارات السياسية. فمنعوه من ذلك بعد نقاش حاد.