السلطة الفلسطينية بالخليل في مواجهة العشائر و«تجييش» العائلات

مدير الشرطة لـ«الشرق الأوسط»: منعنا مجازر كانت تخطط لها حماس

TT

تسعى الشرطة الفلسطينية في الخليل، جنوب الضفة الغربية، الى فرض هيبة القانون، على مدينة طالما حكمها، المسلحون الفلسطينيون، والعصابات، وقوة العشيرة. ويعمل في المدينة اليوم حوالي 400 شرطي، هم من سمحت اسرائيل لهم بالانتشار في المناطق المسماة «H1»، التي يفترض انها تخضع لسيطرة السلطة الفلسطينية أمنيا واداريا. الا ان هذه القوة الصغيرة التي حققت نجاحات لافتة في مكافحة الجريمة، تخطط لمواجهة قوة العشيرة التي لديها قوانين تحتكم اليها عائلات المدينة التي يتسلح بعضها بشكل افضل من السلطة.

ولتعزيز قوتها، طلبت السلطة السماح لها باستدعاء المزيد من القوات، ووافقت اسرائيل أخيرا على نشر قوة اضافية من 500 شرطي، الا انها لم تعط موعدا نهائيا لنشرها. وتريد السلطة لهذه القوة، ان تساعد على كبح جماح العائلات المسلحة، التي ازدادت قوة خلال الاعوام الماضية. ومن غير المعروف الى اي حد يمكن لهذه القوة ان تنجح في مواجهة هذه العائلات التي يعيش بعضها في مناطق «H2» الخاضة للسيطرة الاسرائيلية. وقال العقيد رمضان عوض قائد شرطة الخليل لـ«الشرق الأوسط»، «العشائر غير راضية عن عمل الشرطة، فالعشائرية اصبحت مهنة، وهم لا يريدون للقانون ان ينجح». لكن السلطة كما يبدو ماضية في محاربة هذا النظام، وقال عوض «رجال العشائر يعقّدون المسألة ويتلاعبون بأرواح الناس مقابل المال». واضاف «السلطة مصممة على فرض القانون». وتابع «نحن ننهي الخلاف خلال دقائق ونمنع الدم، ونعالج القضية من جذورها. اليوم هناك عدم رضى عن دور العشائر، ورضى عن دور الشرطة، اسأل المواطنين ماذا يقولون».

ولا يستطيع عوض ورجاله دائما الحضور اينما يتطلب ذلك، اذ يحتاجون لموافقة الاسرائيليين لدخول بعض المناطق. وقال عوض «اصبحت مؤخرا اذهب مع رجالي من دون تصريح لفرض الأمر الواقع، ونجحنا اكثر من مرة». لكن عوض لا يغامر دائما، لأكثر من سبب. في جبل جوهر القريب من مستوطنة كريات اربع تعيش بعض اقوى العائلات المسلحة، وتقتتل فيما بينها منذ عدة سنوات، بسبب ثأر قديم، وسقط في الصراع عدة قتلى. وقال جهاد القواسمي، احد قيادي فتح، «تدخلت الحركة لانهاء الاشتباكات الاخيرة (قبل شهرين) لأنه لم يكن بوسع السلطة الذهاب، فهناك الاسرائيلون، وهناك العائلات مسلحة بشكل افضل من السلطة».

وقال القواسمي، لـ«الشرق الأوسط»: «في هذا الاشتباك استخدمت قذائف واسلحة ثقيلة، لا تملكها السلطة». وأكد عوض ذلك وقال «استخدموا رشاشات ثقيلة على مرأى من الجيش الاسرائيلي»، لكن عوض قال انه «لو سمح لنا بالذهاب لحسمنا المعركة بالقوة وفي وقت قصير». ويعرف عوض ان مهمته صعبة، وقال «اصيب رجالي بجراح عديدة اثناء الاشتباكات مع عائلات متقاتلة، او في مواجهة العصابات المسلحة، لكن الأوامر صارمة جدا.. يجب مواجهة كل هذه الظواهر». لكن قواسمي يشكك في قدرة الشرطة على مواجهة كل العائلات.

وعلى جبهة أخرى، قالت الشرطة انها انهت ما كان يعرف بـ«الخاوات» التي كان تجار المدينة مضطرين على دفعها لعصابات مسلحة تحت تهديد السلاح. وقال عوض «اعتقلناهم وطاردنا آخرين، حتى التجأوا الى المناطق الاسرائيلية في المدينة، قضينا على الخاوات وظاهرة السطو المسلح والسرقات». واضاف «اعتقلنا 90% من المطلوبين للعدالة بتهم قتل وسطو وتجارة سلاح». ويشير اهالي الخليل الى بلدات تخضع للسيطرة الاسرائيلية، على انها مثل «دولة». ويقول بعض الذين التقتهم «الشرق الأوسط»، «في بعض هذه البلدات يمكن لك ان تحصل على ما تريد، سلاح، هويات، تصاريح عمل، وئاثق مزورة، ومخدرات».

وقال عوض «هؤلاء تمادوا في ظل ضعف الأجهزة الأمنية، ونحن سنحاربهم بكل قوة، لقد صادرنا اسلحة كثيرة، وسنستمر في العمل ضد اوكار الخارجين عن القانون والمدعومين من جهات خارجية».

واضاف «الاوامر هي جمع كل سلاح ايا كان». وردا على اتهامات حماس بأن السلطة تحارب سلاح المقاومة كذلك. قال «هذا سلاح حاقدين». واضاف «انهم حاقدون ونحن لن نسمح لهم بأن يسيطروا ويكرروا تجربة غزة مهما كلف الثمن». ويتهم عوض حماس في الخليل بالتخطيط لارتكاب «مجازر» وقال «كل محاولاتهم باءت بالفشل، لقد صادرنا اسلحتهم ومواد متفجرة، ومنعنا مجازر كان سينفذها اصحاب التفكير الاجرامي الخارجي».

وكانت حماس في الخليل قد اصدرت بيانا توعدت فيه الاجهزة الامنية، وقالت ان الحسم سيكون قريبا. وحسب عوض «اعتقلنا اصحاب البيان، لقد كانوا يخططون لاستهداف قيادات في الأجهزة الأمنية، وبعض اصحاب الفكر الذين ليس لهم علاقة بفتح، لكنهم يسعون الى حياة معاصرة، انهم ايضا خططوا للمس بالاقتصاد».

وفي وسط الخليل، في البلدة القديمة، تواجه السلطة القوة الاعتى من حماس والعشائر والعائلات، انهم 400 مستوطن متطرف حولوا البلدة الى ثكنة عسكرية. ولا يبدو في الأفق ان هناك خططا لمواجهتهم.