تبرعات أوباما تكشف ثغرات في قانون الانتخابات الأميركية

مبالغ صغيرة مكررة ساعدت المرشح الديمقراطي على جمع 458 مليون دولار

TT

امتلأت خزانة الحملة الانتخابية للمرشح الديمقراطي للانتخابات الاميركية باراك أوباما بأموال أمثال مارثا ميرفي؛ الجدة التي تبرعت لحملته الانتخابية 104 مرات بإجمالي 2475 دولاراً. وقد استخدمت ميرفي بطاقتها الائتمانية للتبرع بالمبالغ التي قدمتها إلى الحملة الانتخابية لأوباما، والتي بلغت في بعض الأحيان 10 دولارات. وقالت: «من المدهش كيف تجمعت هذه التبرعات لتصبح مبلغاً كبيراً».

واثار أوباما ثورة في جمع التبرعات للحملات الانتخابية، حيث وظف الانترنت لقرع أبواب المتبرعين أكثر من أي مرشح آخر عبر التاريخ. وأوردت الحملة الانتخابية مساهمات قيمتها 160 مليون دولار من متبرعين قدموا 200 دولار أو أقل، وتمثل تلك الفئة أكثر من ثلث التبرعات التي تم جمعها التي قدرت بـ 458 مليون دولار. ولكن في الوقت الذي سجل فيه أوباما رقما قياسيا، زادت عمليات الفحص والمراقبة على عملية جمع التبرعات الخاصة به، خاصة عبر الانترنت. وقدمت التبرعات للمرشح الديمقراطي من اطراف حملت اسماء غربية، فتبرع احدهم ويدعى «مونغ كونغ» بمبلغ 1065 دولاراً، وأضاف إلى تبرعه عنوانا لمدينة غير موجودة، كما تبرع «فورناري يو إس إيه» بمبلغ 800 دولار وسجل عنواناً لمتجر ملابس بهذا الاسم بالقرب من سان فرانسيسكو. وفي هذا الأسبوع، رفعت اللجنة الوطنية الجمهورية شكوى فيدرالية، بزعم أن بعض التبرعات الصغيرة التي تلقاها أوباما غير قانونية، نظراً إلى أنها جاءت من جنسيات أجنبية أو أنها تخطت الحدود المسموح بها. كما كشفت التبرعات التي تلقاها أوباما عن بعض الثغرات القانونية، حيث القانون لا يلزم المتبرعين بالكشف عن هوياتهم اذا كانوا يقدمون تبرعات بقيمة 200 دولار أو أقل، ما يشير إلى استحالة تحديد ما إذا كانت تلك التبرعات شرعية بدون مراجعة فيدرالية. وأشار لورنس نورتون ـ المستشار العام السابق للجنة الانتخابات الفيدرالية ـ إلى أن القانون قد تمت صياغته «في وقت كان لا يتصور فيه أحد أنه بإمكان مرشح ما جمع الملايين» من مثل هذه التبرعات الصغيرة. وقال بوب بييرساك، الناطق باسم لجنة الانتخابات الفيدرالية، ان الاسباب وراء استخدام اسماء مختلقة غير واضحة، مضيفاً: «ذلك جزء من ظاهرة لم نعتدها من قبل». ويعتبر اختلاق الأسماء لدى التبرع للمرشحين الفيدراليين خرقا لقوانين تمنع تقديم افادات خاطئة على العمد، ومع ذلك لا يتذكر بييرساك اتهام أحد بمثل تلك الجريمة من قبل. وأوضح بييرساك أن لجنة الانتخابات الفيدرالية لا يمكنها القيام بالمراجعة ما لم تكن شكوك قوية حول العمليات التمويلية للمرشح، حيث قال: «إن الأسماء الغريبة في حد ذاتها لا تعتبر كافية، فالكثير من الأشخاص لديهم أسماء غريبة. وأنا أتعاطف بالتأكيد مع هذه القضية». وقد ردت حملة أوباما الأموال التي كانت قد تلقتها من اطراف عدة قدمت اسماء زائفة. كما ستعيد الحملة الأموال إلى كونغ بعد أن لفتت صحيفة «لوس إنجلس تايمز» انتباهها لذلك الاسم. وفي رد من الحملة على ذلك الأمر، صرح بن لابولت، الناطق باسم أوباما بأن «كل حملة (انتخابية) تواجه مراقبة ومراجعة التبرعات، وقد كنا واضحين بشأن اتخاذ كل خطوة ممكنة للتأكد من أن تبرعاتنا ملائمة».

وقد اتجهت حملة أوباما إلى فرض عمليات مراقبة وفحص لمحاولة التأكد من أن جميع المتبرعين مواطنون أميركيون، فعلى الذين يعيشون في الخارج تقديم رقم جواز السفر الخاص بهم. ومع ذلك، اتهمت اللجنة الوطنية الجمهورية، في شكواها التي رفعتها إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية، حملة أوباما بأنها «قبلت مساهمات وتبرعات زائدة من مواطنين أجانب على علم منها بذلك»، كما أنها وصفت ذلك الأمر بأنه مشكلة واسعة النطاق. وقد تلقت الحملة الانتخابية لأوباما حوالي 3.2 مليون دولار من تبرعات تزيد عن 200 دولار من أشخاص من الخارج. كما أن ما يقارب 600 الف دولار من نفس المبلغ أتى من عناوين عسكرية أميركية، أو أراض أميركية مثل بورت ريكو، وغوام، حسبما أفادت بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية. وخلال السباق الى الرئاسة، اشاد اوباما بالمتبرعين بالمبالغ الصغيرة، قائلاً انها علامة على شعبيته الواسعة. فقد بلغ عدد المتبرعين لأوباما أكثر من 2.5 مليون متبرع؛ وهو ما يزيد بكثير عن أي مرشح سابق للرئاسة. كما قدرت حملة أوباما متوسط التبرع بـ 84 دولار، وهو أقل بكثير من الحد الأقصى الذي يمكن للمواطن التبرع به لكل من الانتخابات الأولية أو العامة والمقدر بـ2300 دولار. واكثر من متبرع قدموا مساهمات من جانبهم لعشر مرات على الأقل، أي ما يعني أنهم قدموا ما يزيد عن 200 دولار. كما أن 22 شخصًا على الأقل تبرعوا أكثر من 100 مرة. وأكثر من 8600 شخص تبرعوا بـ1000 دولار، أو أكثر، وذلك من خلال تبرعهم بصورة متكررة أثناء سير الحملة الانتخابية. كما أن الكثير من المتبرعين كانوا مثل ميرفي؛ الجدة التي سجلت اسمها على التبرعات بفخر. وهي من المغرمين بأوباما منذ أن شاهدت خطابه في مؤتمر عام 2004. وعندما كانت تدخر بعض الأموال، كانت ترسل بعضها إلى أوباما. فأحياناً ترسل 10 دولارات، وأحياناً 30 دولاراً. وكانت تقدم التبرعات كلما قال أوباما شيئًا تحبه على وجه الخصوص، أو كلما قال ماكين شيئًا يغضبها. وفي المقابل، أوضح المتبرعون أن عملية جمع التبرعات عبر الإنترنت جذبتهم، حيث شجعتهم على التسابق من أجل التبرع.

*خدمة «لوس أنجلس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»