المغرب: بدء محاكمة أعضاء «خلية بلعيرج».. والدفاع يطلب الإفراج عنهم مؤقتاً

مصادر: زعيم الخلية قدم معلومات أدت لإحباط تفجير مقر الإنتربول بهولندا ومطار بريطاني

عبد القادر بلعيرج لدى وصوله الى المحكمة أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

فيما بدأت في المغرب أمس محاكمة عناصر «خلية بلعيرج»، المشتبه في تورطها في الإرهاب، كشفت مصادر متطابقة أن زعيم الخلية، عبد القادر بلعيرج، قدم معلومات مهمة لاجهزة استخبارات دول أوروبية، أدت الى إحباط عملية تفجير مقر الشرطة الدولية (الانتربول) بهولندا، وكذا تفجير مطار في بريطانيا.

وقالت مصادر متطابقة لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر جندت من قبل تنظيم «القاعدة»، كانت تعتزم استعمال شاحنة مليئة بالمتفجرات، للقيام بعملية تفجير مقر الانتربول بهولندا، شبيهة بالعملية التي جرت بباكستان، حيث تم تفجير فندق، فيما كانت العملية الثانية تستهدف تفجير طائرة بمطار بريطاني على طريقة هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 في اميركا. وأحجمت المصادر عن تقديم مزيد من التوضيحات المرتبطة بتاريخ العمليات التي تم إحباطها، وكذا عدد الاشخاص الموقوفين، وجنسياتهم، ولم تنف، أو تؤكد، ما إذا كان بلعيرج عميلاً للاستخبارات البلجيكية، كونه يحمل جنسية هذا البلد.

الى ذلك، رفض بلعيرج المثول أمام غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بسلا المجاورة للرباط، أمس، في اول جلسة علنية، وصرح للصحافة من الباب الخلفي للمحكمة باللغة الفرنسية، «إنهم أتوا بي بالقوة». واحتج المحامي محمد زيان، دفاع المتهم بلعيرج، والتمس من هيئة المحكمة وضع سؤال على موكله كي يجيب عن الأسباب التي دفعته لرفض الحضور الى المحكمة.

وقال بلعيرج لهيئة المحكمة «إنني رفضت المجيء إلى المحكمة، كوني أوجد في عزلة انفرادية بالسجن، وهذا يتنافى مع شروط المحاكمة العادلة، وإذا كانت العدالة في بلدكم تعني تطبيق الحق والقانون، فهي حتى الان لم تنصفن، فمنذ 9 أشهر، وأنا رهن الاعتقال، ومنعت من رؤية أولادي وزوجتي، كما أنني منعت من التحدث الى دفاعي الموجود ببلجيكا». وأضاف بلعيرج «إنهم ألصقوا بي تهمة اغتيال أشخاص لا اعرفهم ببلجيكا، وزج بي في السجن، ولم أتمكن من التحدث الى دفاعي في بلجيكا».

والتمس بلعيرج من هيئة المحكمة تمتيعه بالحقوق التي يكفلها له القانون، إسوة بباقي المعتقلين، وابسطها ـ على حد قوله ـ التحدث الى أسرته ودفاعه ببلجيكا، مضيفا أنه يحترم شخص القاضي وهيئة المحكمة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن لبعيرج محاميين بلجيكيين، من هيئة المحامين ببروكسل. وقال زيان، دفاع بلعيرج بالمغرب لـ«الشرق الأوسط»، إن دفاع بلعيرج ببلجيكا لم يتمكن من الحضور الى المغرب، والالتقاء به، لعدم توقيع المغرب وبلجيكا اتفاقية تتعلق بممارسة مهنة المحاماة، على غرار ما يجري به العمل مع بريطانيا. وأوضح زيان أن المحامية ميشال إريش البلجيكية، لم يرخص لها بدورها بالانتداب كطرف مدني، ينوب عن أحد الضحايا في ملف خلية بلعيرج، وذلك لنفس السبب.

وأكد زيان انه سيراسل المدعي العام لإخراج موكله من السجن الانعزالي، مؤكدا أنه في حالة رفض المحكمة رفع حالة الاعتقال الانفرادي، فإنه لن يسمح بحضور موكله الى قاعة المحكمة في الجلسة المقبلة، والتي حددت بتاريخ 11 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقال زيان: «إن موكلي لا يجري اتصالات مع تنظيم القاعدة عن طريق الاقمار الاصطناعية، حتى تتم معاملته بطريقة جد سيئة، لا تليق بما ينشده المغاربة من دولة الحق والقانون، واحترام مبادئ حقوق الإنسان، خاصة أن قاضي التحقيق أنهى جميع أطوار التحري في الملف».

ومن جهة أخرى، التمس قرابة 70 محاميا، من هيئة المحكمة تمتيع موكليهم، من أعضاء خلية بلعيرج، بالسراح (الافراج) المؤقت، لوجود ضمانات اشترطها قانون المسطرة (الاجراءات) الجنائية، بينها أداء كفالة، ومقر السكنى، وحجز جواز السفر. ودافع غالبية المحامين عن شكل جديد من المتابعة القضائية، تتجلى في الاخضاع للمراقبة القضائية، كما هو معمول به في الدول الأوروبية.

وقال المحامي خالد السفياني «إن الملك محمد السادس، اكد ضمان استقلالية القضاء، عن أي تأثير خارجي مهما كان نوعه، لذلك نطلب منكم فقط الامتثال للقانون، أي تطبيق ما نص عليه المشرع في قانون المسطرة (الاجراءات) الجنائية، خاصة أن المعتقلين السياسيين الستة الذين أدافع عنهم، بمعية زملاء آخرين، يصرحون انهم ضد الارهاب، وينبذون العنف، ويمارسون العمل السياسي في واضحة النهار، واعتقالهم حاليا بعد انتفاء مدة الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي)، يعد بمثابة إضافة عقوبة جديدة».

وأكد المحامي عبد الرحيم الجامعي أن قرينة البراءة في القانون المغربي هي الاصل، وتفسر دائما لفائدة المتهم، مشيراً إلى أن الملف الذي اعتقل على إثره السياسيون الستة، خال من وسائل الاثبات، والمغرب في غير حاجة الى معتقلين احتياطيين، متسائلا عن الجدوى من التصديق على قوانين، والتخوف من تطبيقها. والتمس المحامي عبد الكريم المساوي من هيئة المحكمة اصدار أمر استعجالي لنقل موكله صلاح، شقيق بلعيرج، الى المستشفى لتلقي العلاجات الضرورية من مرض السرطان، الذي يعاني منه، مدليا بملف طبي في هذا الشأن، ومحملا الهيئة القضائية حصول مضاعفات خطيرة على صحة موكله، كما طالب برفع العجز عن مدخراته خاصة المودعة بالمصارف، لكي يؤدي نفقات العلاج الطبي.

والتمس المحامي محمد هلال من هيئة المحكمة الافراج المؤقت عن موكله محمد الشعباوي، كونه ضابطا في الامن المغربي، وقدم خدمات في الدفاع عن الوطن، مستندا في ذلك إلى سجله الاداري الخالي من أي خطأ، مشيرا الى أن موكله حجزت أمواله، وأموال أسرته، ملحا على ضرورة نقله الى المستشفى لتلقي العلاج من مرض القلب، الذي يعاني منه.

وذكر دفاع العبادلة ماء العينين، بدور اسرة ماء العينين، في الدفاع عن الوحدة الترابية، مشيرا الى أن سيرة الاسرة تعد في حد ذاتها ضمانة كافية للإفراج عن موكله، وطالب بإجراء خبرة بشأن موكله بدعوى أنه تعرض لتعذيب معنوي. ورافع قرابة 70 محاميا يدافعون عن 35 معتقلا في ملف خلية بلعيرج، اثنان منهما متابعان في إطار سراح (إفراج) مؤقت، فيما رفض المدعي العام جميع الطلبات، مستندا في ذلك إلى خطورة الجرائم التي ارتكبها، او كان يحضر لها عناصر الخلية، من التخطيط لعميات اغتيال، وتفجير مقار حيوية.