خلاف بين نواب بريطانيين حول التعامل مع روسيا

ندوة في البرلمان تحذر من الاعتماد على موسكو في احتواء طهران

TT

كانت قضية العلاقات البريطانية – الروسية محل جدل بين نواب بريطانيين من الحزبين البريطانيين «العمال» الحاكم و«المحافظين» المعارض في البرلمان البريطاني امس. فبينما اتفق اثنان من ابرز النواب البريطانيين المهتمين بالشأن الروسي حول ضرورة «تفهم» روسيا ومعرفة سياساتها، الا انهما اختلفا حول اذا كان هذا التفهم يجب ان يجعل بريطانيا اكثر «تعاطفاً» مع موسكو أو اكثر «حذراً منها». وقال النائب باتريك ميرسر، وهو نائب من «المحافظين» المعارض: «علينا التعامل مع روسيا بتعاطف لمعرفة طريقة تفكير الكرملين والشعب الروسي». وأضاف ميرسر: «روسيا دولة قوية وطموحة وسياسية وليست الاتحاد السوفياتي من الماضي... اذا لا نتعاطف معها ونتعامل معها سيواجهنا عدو قوي بدلاً من صديق قوي». وبعد خطاب مطول لميرسر حول تاريخ روسيا وما عانته من الحروب العالمية وتراجع الاتحاد السوفياتي وشعور الروس اللاحق بالهزيمة، قال النائب بروس جورج من حزب «العمال» الحاكم ورئيس لجنة الدفاع سابقاً في البرلمان البريطاني: «علينا فهم روسيا ولكن ليس التعاطف معها بالتعامل معها بحذر». وأضاف: «يجب الا يكون التعاطف وسيلة للتباطؤ مع روسيا مثلما حصل مع المانيا في الثلاثنيات من القرن الماضي» في اشارة الى غزو المانيا دولا مجاورة لها قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية. ولكنه اردف قائلاً: «ارجو الا يتصور احد بانني اقارن بين (رئيس الوزراء الروسي فلادمير) بوتين و(الدكتاتور الالماني ادولف) هتلر».

من جهته، قال اللورد دونالد اندرسون من حزب «العمال»: «يجب ان نعلم بأن روسيا لديها تاريخ طويل من الحكم السلطوي ولن تكون ديمقراطية ليبرالية مثلنا».

ودار الحديث في ندوة نظمها منتدى «جنوب اسيا والشرق الاوسط» في البرلمان البريطاني أمس وبمشاركة عدد من الخبراء في الملف الروسي وطلاب وصحافيون. وكان من اللافت بأن ميرسر هو من اليمين السياسي بينما جورج من اليسار السياسي، الا ان اراءهما حول روسيا كانت معكوسة. ومزح ميرسر قائلاً: «هذه من المرات القليلة التي نجلس على الطرف الاخر من الطاولة السياسية». وكانت الازمة الجورجية على رأس القضايا التي نوقشت امس، اذ حذر النواب من انها قد تكون دليلاً على السياسة الخارجية الروسية في الحقبة المقبلة. وقال ميرسر: «موسكو ترى واشنطن ضغيفة وتستغل هذا الوضع لتقوية موقفها»، بينما حذر رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البربمان الهنغاري زولت نيث من تكرار الحادثة في دول اخرى. وحاول نيث اقناع البريطانيين امس على ضرورة «اتحاد اوروبا» في التعامل مع روسيا، قائلاً: «موسكو تحاول التعامل مع كل دولة على حدا لتخرج بالنتائج التي تفيدها». واضاف: «اوروبا الوسطى والشرقية يمكن ان تتأثر مباشرة من روسيا ولكن هذا التاثير يمكن ان يصل باقي اوروبا ايضاً». وعلى الرغم من ان الندوة افتقدت مشاركة روسية رسمية، الا ان الخبير الروسي في مجال الطاقة يولي غريغوريف دافع عن الموقف الروسي مرات عدة. وقال: «يبدو ان البعض هنا ليس سعيداً بأن روسيا قوية ويريدونها ضعيفة، ولكن عليهم معرفة ان روسيا قوية ولها نفوذ في مجلس الامن وهي قوة نووية وعندما سيكون لدينا قرار سنتخذه من دون اذن احد». ورفض غريغوريف اعتبار النواب النزاع مع جورجيا في اغسطس (اب) الماضي بأنه «غزو روسي». وبعد الحديث عن العلاقات الاوروبية ـ الروسية، انتقل الجدال الى الملف الايراني ودوره في تحديد العلاقات مع موسكو. وقال الخبير الأميركي جوناثان باريس: «يجب عدم الاعتماد على روسيا في تشديد العقوبات على ايران، على واشنطن واوروبا العمل على العقوبات من دون انتظار روسيا»، مضيفاً: «روسيا في الحالتين مستفادة، وتعلم انها قوية في هذا الشأن». واتفق النائب «العمالي» توني لويد مع هذا الراي، قائلاً: «لا يمكن لنا الاعتماد على روسيا بهذا الصدد». واجمع المشاركون على ان المرحلة الجديدة في العلاقات مع روسيا لا تعني عودة الحرب الباردة، اذ حسبما قال جورج «قواعد الاحداث تغيرت وروسيا مختلفة عن الاتحاد السوفياتي».