قلق إسرائيلي من «غزو» المتدينين المتطرفين لقيادات الجيش

يمثلون حوالي 15% من الوحدات القتالية

TT

أعربت مصادر في الجيش الاسرائيلي والحلبة السياسية عن مخاوفها وقلقها من جراء التزايد الكبير لعدد اليهود المتطرفين المتقدمين الى الوحدات القتالية المختارة، الضباط في الجيش. وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، التي أوردت النبأ، انه رغم هذا القلق فإن أحدا في قيادة الجيش أو الحكومة لا يجرؤ على التحقيق في هذه الظاهرة وأبعادها، مع انه في الأحاديث الجانبية تُسمَع أقوال مقلقة للغاية عن الموضوع.

يذكر ان المتدينين يمتنعون عن الخدمة العسكرية في الجيش بدعوى انهم يتولون مهمة الحفاظ على الدين اليهودي حيا. لكن هناك مجموعة منهم تؤمن بالصهيونية كحركة قومية مكملة للدين باعتبار انها ترمي الى تنفيذ الوعد الإلهي في العودة الى أرض اسرائيل ويعتبرون الجيش الاسرائيلي أداة لا تقل أهمية عن التوراة في تحقيق هذا الوعد. وبدأت هذه المجموعة نشاطها مع بداية الصهيونية وأطلقت على نفسها اسم «الصهيونية الدينية» وعملت تحت يافطة حركة «هبوعيل همزرحي» ثم أصبحت حزب «المفدال». وتميز هذا الحزب في بداياته بالاعتدال الديني والسياسي، ولكنه بعد حرب 1967 أصبح الحزب الطليعي في الاستيطان في القدس والضفة الغربية المحتلين. وصار خطابه السياسي متطرفا للغاية. ومن بين صفوفه يتخرج العديد من المتطرفين لدرجة ممارسة الارهاب. وبعض المتطرفين فيه لم يعد يكتفي بسياسته فتمرد عليه وشكل عصابات ارهابية، واعتمد في نشاطه الارهابي على الخبرات التي اكتسبها ابان خدمته العسكرية في الجيش.

وتوجد لهذا التيار عدة مدارس دينية مرتبطة بالجيش، منها يتخرج الطلاب جنودا. وعلى سبيل المثال فإن الاعتداءات العنصرية على المواطنين العرب في عكا، بدأها طلاب إحدى المدارس الدينية العسكرية التي أسسها حزب «المفدال» في المدينة.

ويمثل هذا التيار، حسب آخر الاستطلاعات، حوالي 7% من المجتمع الاسرائيلي، إلا انه يشكل أكثر من 10% من ضباط الجيش حاليا ويمثل أكثر من 15% في الوحدات القتالية فيه. وهذه أرقام قياسية لم يسبق لها مثيل في تاريخ الجيش الاسرائيلي، ولها أبعاد جدية على مستقبله. ففي معظم سنوات الجيش الستين الماضية كانت الشريحة الأبرز في قيادة هذا الجيش ووحداته القتالية هي شريحة أبناء الكيبوتسات (تعاونيات يهودية ذات طابع يساري)، الذين تربوا على الطاعة العمياء والانضباط الصارم، فكان الجندي ينفذ الأمر حتى لو لم يكن مقتنعا به على الاطلاق. وفي الوضع الحالي يخشى كثيرون من تمرد الضباط المتدينين أو حتى يخشون من تنفيذ انقلاب عسكري. فالمتدينون يخضعون أولا لرجال الدين. فإذا تضاربت الآراء بين رجال الدين والحكومة، فإنه من المستبعد ألا يلتزم الضباط المتدينون بموقف رجال الدين. وفي هذه تبعات سياسية خطيرة. وبرز تناقض كهذا في فترة تطبيق خطة الفصل (الانسحاب من قطاع غزة وبعض أجزاء شمالي الضفة الغربية) قبل ثلاث سنوات. فقد تمرد عدد من الجنود والضباط المتدينين على أوامر قادتهم ورفضوا المشاركة في إخلاء المستوطنين بالقوة. ويقول الباحث في الشؤون السياسية المجتمعية، الدكتور يجيل ليفي، انه في حالة تواصل قوة المتدينين اليهود لقيادة الجيش ووحداته المختارة، كما هو الحال اليوم، فإن من الصعب أن نتخيل ان تستطيع اسرائيل تنفيذ اخلاء جديد للمستوطنين من المناطق المحتلة. وأكد انه لا يستبعد أن تكون قيادات المستوطنين في الضفة الغربية تشجع الجنود من المستوطنين على الارتباط بالجيش والتطوع لوحداته القتالية والانضمام لدورات الضباط تمهيدا لمرحلة الانسحاب من الضفة الغربية مستقبلا.