الصين: باريس ولندن قبلتا إجراء محاكمات محلية حول دارفور بمشاركة أفريقية وعربية

قوات سودانية تقتحم مسرحا في مدينة بدارفور وتعتقل 3 ممثلين يؤدون مسرحية «سياسية»

TT

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الاوسط» أن المبعوث الصيني ليوغوي جين، الذي يواصل مباحثات مع المسؤولين في الخرطوم منذ ثلاثة ايام، شملت حتى امس المسؤولين في وزارة الخارجية والرئيس عمر البشير، طرح مقترحات لحل الازمة في دارفور، تضمنت المضي قدما في اجراءات المحاكمات الداخلية للمتهمين في جرائم الحرب في دارفور، بمشاركة قضاة ومراقبين من الاتحاد الافريقي والجامعة العربية، واتخاذ السودان لخطوات عملية اخرى لنشر قوات حفظ السلام في دارفور المعروفة بـ«اليوناميد»، والمضي في اتجاه حل المشكلة في دافور عبر المبادرة العربية القطرية، وذلك مقابل ايقاف اجراءات المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس عمر البشير المتعلقة بالجرائم ضد الانسانية دارفور، فيما وعدت الخرطوم بإخضاعها للدراسة.

وترفض الخرطوم بشكل قاطع التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية باعتبار انها غير موقعة على محضر الانضمام اليها، كما ترفض بشدة تسليم اي مواطن سوداني لمحاكمته خارج السودان. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد طلبت في عام 2007 تسليم كل من احمد هارون وزير الشؤون الانسانية، وعلي احمد كوشيب المشار اليه بأنه احد قيادات ميليشيات الجنجويد، لمحاكمتهم بجرائم حرب في دارفور، غير ان السودان رفض الطلب بشدة، وأخيرا طلب مدعي المحكمة في لاهاي من المحكمة الموافقة على ملاحقة الرئيس البشير بشأن جرائم الحرب في دارفور. وقالت المصادر ان المبعوث الرئيس الصيني نقل للمسؤولين بالخارجية السودانية «شروطا» من باريس ولندن وواشنطن في سبيل تجاوز مذكرة مدعي محكمة الجنايات الدولية في حق رئيس الجمهورية، لم تخض في تفاصيلها، واضافت ان القيادة الصينية شرعت في تحركات باتجاه دعم المبادرة العربية الافريقية الخاصة بدارفور وتجاوز إجراءات الجنائية.

وقال المبعوث الصيني، الذي رفض الافصاح عن مقترحاته، انه حصل على «ارتياح» من بريطانيا وفرنسا للمقترحات الصينية، فيما كشف عن تمسك اميركا بمواقفها السابقة حيال القضية تشترط مشاركة محققين وقضاة من الدول الغربية جنبا الى جنب مع قضاة ومراقبين، وافقت الحكومة السودانية على مشاركتهم من الاتحاد الافريقي والجامعة العربية في محاكمات المتهمين بجرائم دارفور، حسب تعبير المسؤول الصيني.

وأعلن المبعوث الصيني سعي بلاده مع فرنسا وبريطانيا لإقناع الولايات المتحدة الاميركية بالمبادرة العربية، وحمل تلك الدول مسؤولية ما قد يترتب من اجراءات المحكمة الجنائية من نتائج وآثار سالبة على الاوضاع في اقليم دارفور، وطلب المبعوث الصيني من المجتمع الدولي اتخاذ موقف متوازن تجاه قضية دارفور والضغط على الحركات المسلحة وتقديم الدعم اللوجستي للقوات الهجين، لجهة التطورات الايجابية التي أحرزتها الحكومة حيال نشر قوات «يوناميد» والتي اعتبرها خطوة اولى في اتجاه حل التعقيدات التي تواجه عملية السلام.

وكشف المبعوث الصيني ان من وجهة نظر الدول الغربية فان على السودان عمل الكثير لإقناع مجلس الامن بتفعيل المادة 16 من قانون محكمة الجنايات الدولية، التي تسمح بتأجيل القضية لمدة عام، كالإسراع في خطوات نشر العملية الهجين، لكنه أكد قناعة حكومته بأن الحكومة السودانية قامت بالكثير في هذا الإطار لاسيما وان المسؤولية في نشر الهجين ليست مسؤولية الحكومة وحدها. وقال ان حل مشكلة دارفور مسؤولية السودانيين مع دعم الاتحاد الافريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة، واعتبر ان التعاون الثلاثي القائم بين السودان والاتحاد الافريقي والأمم المتحدة يمكن ان يقود الى النتائج المرجوة.

وقال المسؤول الصيني ان حل مشكلة دارفور مسؤولية الحكومة السودانية وحدها بدعم الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة والجامعة العربية. وقال ان هذا التعاون قد يقود للنتائج المرجوة، منوها بأن الحل العسكري لن يسهم في إنهاء الأزمة بل يزيدها تعقيدا، داعيا الحركات المسلحة لتسوية المشكلة بالتفاوض «لأنه فقط من خلال الحوار والمصالحات والتنازلات يمكن التوصل لحل»، مشيرا الى المعاناة التي تكبدها مواطنو الاقليم الابرياء ومدى حاجتهم للسلام والاستقرار والمساعدات الانسانية.

وجدد المبعوث الصيني، دعم حكومته للسودان لحل ازمة لاهاي، وقال ان اتهامات اوكامبو زادت الوضع في دارفور تعقيدا، واعتبرها أمرا غير مسبوق في السياسة الدولية، مؤكدا ان الصين ستلعب دورا ايجابيا تجاه هذه القضية، بجانب مشكلة دارفور بصفتها عضوا دائما داخل مجلس الأمن.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية علي الصادق، ان المباحثات ركزت على نتائج الجولة التي قام بها المبعوث قبيل وصوله الخرطوم والمساعي التي بذلها في سبيل تعليق اجراءات المحكمة الدولية وحل قضية دارفور، بجانب المبادرة العربية، والدور الذي يمكن ان تلعبه بريطانيا وفرنسا في اقناع اميركا بها، ومحاولة انجاحها، كما طرح المبعوث مقترحات على الحكومة في ذات الاتجاه حيث وعدته الاخيرة بإخضاعها للدراسة.

الى ذلك، قالت مصادر سودانية أمس ان قوات تابعة أمنية، اقتحمت مسرحا في اكبر مدينة في دارفور، واعتقلت ثلاثة ممثلين يقومون بأداء مسرحية ذات طابع سياسي. وقال المصدر ان الحادث وقع مساء اول من أمس في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، عقب مسرحية تتحدث عن ثلاثة رجال جالسين في مغارة يبحثون في طريقة لتسيير حياتهم اليومية، وانتخاب احدهم رئيسا. وأعلن هيثم جلال الدين أحد اعضاء فريق التمثيل ويلعب الدور الرئيس في المسرحية «ما ان انتهت المسرحية حتى اقتحمت قوات الامن المسرح واعتقلت الرجال الثلاثة». وأضاف «انهم ما زالوا معتقلين». ولم تعلق السلطات بعد على هذه الحادثة. وقال جلال الدين ان الفرقة كانت قد عرضت تلك المسرحية في مهرجان بالخرطوم قبل نيالا. ورغم ان الدستور السوداني المؤقت يضمن حرية التعبير والصحافة فان الرقابة تمارس تقريبا يوميا على وسائل الاعلام.