هل يمكن أن تخطئ استطلاعات الرأي؟

بعض المراكز التي تبين تقدما كبيرا لأوباما تعتمد على الإقبال الكبير المتوقع للسود والشباب

صورة ماكين منعكسة في نظارات شمسية لاحد مؤيديه في تجمع انتخابي في فلوريدا امس (رويترز)
TT

هل يمكن ان تكون استطلاعات الرأي مخطئة؟ المرشح الجمهوري جون ماكين وحملته يقولون ذلك. ويقولون انه يمكن ان تكون البلاد متجهة الى انتخابات شبيهة بتلك التي حصلت في العام 1948، ويلعب ماكين دور هاري ترومان، وباراك أوباما دور توماس ديوي الذي شعر بثقة زائدة بسبب استطلاعات الرأي غير الدقيقة.

سارة سايمونز، مديرة استراتيجية في حملة ماكين، قالت أول أمس: «نعتقد أنه سباق متقارب للغاية، وأنه يمكن الفوز به بسهولة». الا ان القليل من المحللين خارج حملة ماكين يوافقون سايمونز هذا الرأي. ومؤسسات استطلاعات الرأي لن ترتكب الخطأ نفسه هذا العام الذي ارتكبته مؤسسة غالوب منذ 60 عاما، عندما أوقفوا استطلاعاتهم قبل أسبوع وفوتوا بذلك نهوض ترومان في اللحظات الأخيرة. كل يوم يحمل تغيرات في الولايات والاستطلاعات وهذا لا يبدو انه سيتغير حتى يوم الانتخابات. قبل يومين، بين عدد من الاستطلاعات إن اوباما يتقدم على ماكين، بعضهم قال انه يتقدم بنقطتين والبعض الأخر بـ15 نقطة. والبعض في حملة ماكين، يقولون ان استطلاعات الرأي التي تظهر تقدما كبيرا لأوباما، يقدرون خطأ ان الناخبين الشباب والاميركيين الافارقة سيظهرون يوم الاقتراع بأرقام قياسية. ويراهن الحزب الجمهوري على اقبال كبير أيضا لدى مؤيديهم وهم يعملون جاهدا لتأمين ذلك. وقال ستيفن شير، وهو محلل سياسي من جامعة كارلتون في مينيسوتا: «أتساءل منذ اسابيع ما اذا كانت استطلاعات الرأي تقيس مسألة اللون». وأضاف: «هل عدد الأشخاص الذين يرفضون المشاركة في استطلاعات الرأي يميلون أكثر الى الحزب الجمهوري؟ لعلهم لا يريدون ان يعترفوا بأنهم لا يريدون التصويت لأوباما؟ ليس لدي دليل على ذلك ولكني ما زلت أظن أن هناك 25 في المائة فرضية ان يكون السباق اشد مما تقول استطلاعات الرأي».

الا ان خبراء آخرون يبدون أقل اقناعا. راي تاكسيرا من «سنتشوري فاونديشن»، يقول ان معدل الاستطلاعات يظهر ان مسألة اللون قضية ثابتة، وان اوباما ثابت في المقدمة.. عندما يكون الشخص متقدما لهذه الدرجة، من الصعب ان يخسر».

ويقول جون بيتروكيك، مدير معهد العلوم السياسية في جامعة ميسوري، أنه «من السمتبعد ان نرى مفاجئة في اللحظات الاخيرة. فأوباما يتقدم بست الى ثماني نقاط منذ اسبوعين ومن الصعب تخيل ان هذا الأمر سينقلب».

واعتقاد حملة ماكين ان السباق أقرب مما تظهره استطلاعات الرأي، يبدو انه مستند بشكل كبير على ان الخريطة الانتخابية هذا العام ستكون الى حد بعيد شبيهة بالخارطة الانتخابية في العام 2004. وتتوقع المؤسسات التي تجري استطلاعات رأي لصالح حملة ماكين، ان الإقبال سيكون اكبر بكثير هذا العام من المرة الماضية قبل أربعة أعوام، ويعتبرون ان الإقبال الكثيف الذي يتوقعه الحزب الديمقراطي من الناخبين الشباب والسود، سيوازيه الإقبال الكبير لناخبيهم، ويعتمدون أيضا على ان السباق يبدو شديدا في الولايات التي تشهد صراعا وان الناخبين المستقلين يميلون الى ماكين. ويقول بيل ماكينتورف، وهو ينظم استطلاعات رأي لحملة ماكين: «الاستطلاعات الوطنية تظهر ان الفارق بين اوباما وماكين تتقلص مع اقتراب يوم الانتخابات، وكل المؤشرات تدل على اننا متجهون صوب انتخابات ستكون متقاربة جدا لدرجة انه سيكون من الصعب معرفة الفائز يوم الثلاثاء».

أما حملة أوباما، فهم يعبرون عن ثقتهم بأنهم سيفوزون، الا انهم يقولون أنهم دائما ما توقعوا ان يكون السباق متقاربا. وتستند حملة ماكين الى استطلاعات الرأي التي تنظمها غالوب والتي تظهر يوميا ان تقدم أوباما لا يفوق النقطتين في حال كان الاقبال في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) كالإقبال في السنوات الماضية، الا ان الفارق يقفز الى 7 نقاط اذا اضيف الناخبون الذين يقترعون للمرة الاولى. وبحسب استطلاع لمعهد «بيو» للأبحاث أول أمس، فان اوباما يتقدم بـ15 نقطة. ويقول اندرو كوهوت، رئيس المعهد، إن الناخبين من الاميركين السود يشكلون هذا العام 12 في المائة من مجموع الناخبين، وهو رقم أعلى من الرقم الذي كان في العام 2004، وكذلك الأمر بالنسبة للناخبين الشباب. وأضاف أنه في الوقت نفسه «نلاحظ حماسة اقل من المعتاد لدى الناخبين الجمهوريين». وقال ان هناك مؤشرات كثيرة تقول ان هناك بعض الناخبين ليسوا مقتنعين بمرشح معين بعد، مثلا من خلال اجابات أن «اوباما خيار فيه مخاطر»، الا انه أضاف ان هذه المؤشرات لا تدل على حدوث «انقلاب كامل» في تفضيل الناخبين يوم الاقتراع. وحتى ان بعض استطلاعات الرأي تشير الى تقدم اوباما بفارق كبير من دون حسبان الإقبال الكبير من السود والشباب. فبحسب استطلاع «واشنطن بوست» و«إيه. بي.سي»، فان عدد الناخبين السود يشكل 10 في المائة من مجموع الناخبين، مقابل 11 في المائة من السود في انتخابات العام 2004. كما أن عدد الناخبين الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما، يشكلون 16 في المائة من الناخبين بحسب الاستطلاع نفسه، مقابل 17 في المائة في انتخابات العام 2004.

* خدمة «واشنطن بوست» الخاصة بـ«الشرق الأوسط»