أبو الغيط: نأمل في أن يأخذ الجميع المبادرة المتوسطية كصفقة متكاملة

قال لـ«الشرق الاوسط» إن موضوع مشاركة الجامعة العربية سيظل سجاليا لما بعد مؤتمر مرسيليا

TT

كشف وزير الخارجية المصري تفاصيل ما سيجري في مؤتمر وزراء خارجية دول الاتحاد من أجل المتوسط في مرسيليا الاثنين والثلاثاء القادمين، وقال أحمد أبو الغيط، في حوار مع «الشرق الأوسط» أمس في باريس قبل مغادرة الوفد الرئاسي المصري الى المطار، إن الرئيس ساركوزي تخلى عن فكرته الأولى في البقاء رئيسا للاتحاد المتوسطي لما بعد انتهاء رئاسته للاتحاد الأوروبي وأن الرئاسة ستنتقل الى تشيكيا على أن يساعد الفريق الحالي الجانب التشيكي. وكشف أبو الغيط عن أن بحثا يجري حاليا بخصوص فكرة تشكيل ترويكا أوروبية لمتابعة الاتحاد. وأفاد الوزير المصري بأن الخلافات حول اختيار مقر الأمانة العامة ما زالت قائمة مرجحا بقاء الموضوع معلقا لما بعد مرسيليا. ورجح أبو الغيط أن يبقى الجدل حول موقع ومشاركة الجامعة العربية مشتعلا. وفي موضوع الحوار الفلسطيني، قال أبو الغيط إن وزير المخابرات اللواء عمر سليمان سيرأس المؤتمر، بحضور وزير الخارجية وأمين عام الجامعة العربية. وفي ما يلي نص الحديث. * يلتئم مؤتمر وزراء خارجية الاتحاد من أجل المتوسط في مدينة مرسيليا الاثنين المقبل، وسط خلافات حادة. مصر ترأس، الى جانب فرنسا، المؤتمر. هل يمكن توضيح بعض العقبات والنقاط الخلافية وإمكانية تسويتها، بدءا من موضع رئاسة الاتحاد من الجانب الأوروبي؟

ـ موضوع الرئاسة من الجانب الأوروبي سيحل بقبول فرنسا القواعد المعمول بها في الاتحاد الأوروبي، أي انتقال الرئاسة الدورية الى تشيكيا، طالما أن معاهدة لشبونه لم تصدق بعد، وليس لأوروبا رئيس بولاية من عامين ونصف العام. وهذا يعني أن تشيكيا ستخلف فرنسا على رأس الاتحاد المتوسطي من الجانب الأوروبي، على أن تعقبها السويد ثم إسبانيا. وسوف تعقد القمة المتوسطية الثانية برئاسة مشتركة إسبانية ـ مصرية.

* هذا يعني أن الرئيس ساركوزي تخلى عمليا عن طموحه بالبقاء رئيسا للاتحاد المتوسطي لعام كامل؟

ـ نتيجة للتصميم المصري والتأكيد على ضرورة تأمين الاستمرارية، توصلت فرنسا وتشيكيا الى اتفاق بأن يبقى الفريق العامل حاليا على موضوع الاتحاد المتوسطي في مكانه وناشطا في مهماته بعد انتقال الرئاسة الى تشيكيا. فضلا عن ذلك، ثمة بحث يجري الآن لتشكيل ترويكا، (الرئاسة الحالية والرئاستان اللتان تتبعان مع تشيكيا والسويد) لمتابعة الاتحاد المذكور. وأتوقع أن توضح هذه المسألة مع نهاية الرئاسة الفرنسية، نهاية العام الجاري.

* ما المخرج بالنسبة لاختيار مقر الأمانة العامة للاتحاد؟

ـ لا يزال هناك تجاذب بين دول الشمال المتوسطي وجنوبه على الفوز بمقر الأمانة العامة. اسبانيا تدفع بأفكارها، إذ تريد برشلونه، فيما جهات أخرى تصر على اختيار عاصمة من دول الجنوب. لكن هناك دولا عربية تعترض على خيار الجنوب، أي الجزائر وسورية. وأريد أن أقول إن من ينضم الى الاتحاد المتوسطي إنما يقبل صفقة متكاملة، ولا ينضم اليه وفق نشاطات انتقائية. وعندما يقال إن اجتماعات ستعقد في دولة عربية متوسطية، وإن إسرائيل ستكون موجودة فيها، ولذا فنحن لن نشارك، اعتقد أن ذلك يضعف التأثير والمساهمة العربيتين، لذا نأمل في أن يأخذ الجميع المبادرة المتوسطية على أنها صفقة متكاملة بما لها وما عليها، وأن يقبل قواعدها، علما بأننا نعرف أنها لم تصنع في الجنة أو أنها كلها إيجابيات.

* عقد اجتماع تنسيقي في القاهرة ولم تتوصلوا الى موقف عربي موحد من موضوع المقر؟ ـ الشد والجذب موجود بين الدول العربية نفسها، كما أن هناك الشيء نفسه بين الأوروبيين. نعي أن حل هذه المسائل يأخذ وقتا. المسألة لن تكون كارثة ذلك أن الاتحاد أطلق في يوليو (تموز) الماضي، ومن الطبيعي وجود عقبات، والأوروبيون يعرفون من خلال تجربتهم في الاتحاد الأوروبي هذا الأمر. وعندما تواجهنا صعوبات سنستمر في العمل حتى نجد الحلول والتسويات الوسط ونقنع بعضنا ونتعامل ونتفاعل مع المبادرة. وهذا قد يأخذ عامين أو ثلاثة أعوام.. ولكن في نهاية المطاف، سيظهر الاتحاد بصورة مشروعات، إذ أن الهدف هو المشاريع التي تخدم الجميع وحتى اللحظة لم تنطلق هذه المشاريع.

* كيف ستحلون موضوع الفيتو الإسرائيلي على حضور الجامعة العربية اجتماعات الاتحاد التي هي دون القمة أو الاجتماعات الوزارية؟

ـ المسألة لا تطرح بصيغة الفيتو. فالاتحاد من أجل المتوسط صيغة يعمل فيها بمبدأ التوافق. فالعرب، غدا، قد يتخذون مواقف تنحو باتجاه الاعتراض على نهج ما. وقد نجحت إسرائيل، بدعم من بعض الدول الاوروبية في إقناع الاتحاد الأوروبي بأنه لا يوجد توافق بخصوص الجامعة العربية، وحجتها أن الاتحاد اتحاد دول وأن الهيئات التي لها صفة مراقب، مثل الجامعة العربية، ليست في صلب عمل الاتحاد ولا علاقة لها بالمشاريع. وفي المقابل، ثمة من يقول إن للجامعة العربية تأثيرها في ما يخص تنسيق مواقف دول الجنوب. وفي رأيي أن هذا الموضوع سيبقى سجاليا لما بعد مرسيليا بالتأكيد حتى نصل الى لحظة تجري فيها إسرائيل لاهثة وراء الجامعة العربية، لكي تشارك أو أن تنجح الجامعة في إقناع الجانب الأوروبي بأن لها دورا محوريا. وأود أن أقول إن العرب يرددون أحيانا أن مشاركة الجامعة لها محاذيرها، إذ أنها تدفع باتجاه التطبيع، ثم عندما تطرح هذه الإشكالية للنقاش، يتصدى العرب للدفاع عن حق الجامعة في المشاركة. وألاحظ أن بين الموقفين تناقضا واضحا. وعلى أي حال أستطيع القول إن الجامعة ستشارك في كل الاجتماعات الوزارية ونعمل من أجل تأمين مشاركة على المستوى الفني، ولكن ليس في كل المجالات الفنية، إذ أنه قد لا تكون للجامعة تجربة في بعض القطاعات الفنية.

* هل ثمة بيان سياسي سيخرج عن اجتماع مرسيليا؟

ـ هناك مشاروات تتم حاليا حول وثيقة، ولكن أراها طويلة ومستفيضة وينبغي أن نتفق على إيجازها.

* خلال قمة باريس، سورية اعترضت على البيان الختامي وكذلك فعل الفلسطينيون. سورية حصلت على ترضية باضافة جملة على البيان والفلسطينيون حصلوا على رسالة من ساركوزي ومن وزير الخارجية الفرنسي كوشنير وبوعد بتعديل ما جاء في بيان باريس. هل سيتم هذا الأمر؟

ـ المشاورات الحالية تصحيح ما تم في باريس. وآمل أن تتضمن الوثيقة التصحيح المطلوب.

* الشهر القادم ستستضيفون في القاهرة مؤتمر المصالحة الفلسطينية. ـ الاجتماع سيكون ايام 9 و10 و11 نوفمبر (تشرين الثاني).

* من سيمثل الرئيس مبارك في المؤتمر؟

ـ من سيمثل الرئيس مبارك ومصر الجهة التي تفاوضت مع الفلسطينيين أي الوزير عمر سليمان، ولكن بحضور وزير الخارجية المصري وحضور أمين عام الجامعة العربية، وربما أطراف أخرى.

* عربية أم أجنبية؟

ـ لن أكشف الهويات. سوف نرى.

* هل حصلتم على ضمانات من الأطراف الفلسطينية حول أنها تذهب الى القاهرة بنية التعاون والوصول الى حلول؟

ـ الجميع وعدنا بذلك. سوف يقومون بالتوقيع على الوثيقة المشتركة بينهم جميعا ثم ينطلقون في مجموعات عمل تدرس عناصر التسوية. وهذه المجموعات تتفاوض في ما بينها وصولا الى التراضي الكامل، وينطلق تنفيذ التسوية بعد ذلك. وليس لدي اليوم قدرة على حسابه بدقة.

* ثمة من يطالب بتعديل مسودة مشروع الاتفاق؟

ـ لا يمكن إدخال تعديلات، ففتح باب التعديل معناه أننا نفتح الأمر أمام كل طرف ليشد ويجذب ويدفع، وينتهي الأمر الى وضع تسويات وسط وفي منتصف الطريق، وهذا ليس في صالح هدف المصالحة.

* هل سيحضر الرئيس مبارك قمة حوار الأديان التي ستعقد في الأمم المتحدة بدعوة من العاهل السعودي؟

ـ الرئيس مبارك لن يسافر الى الأمم المتحدة، وسوف يمثل مصر أحد الوزراء. ونحن في طريقنا الى اختياره.

* نسمع كلاما هنا وهناك عن دور مصري لتطرية الأجواء بين الرياض ودمشق. هل يمكن أن توضحوا لنا هذه التحركات؟

ـ ليس لدي تفاصيل عن هذه التحركات التي تتحدث عنها.

* هناك انتخابات أميركية بعد أيام وإسرائيلية بعد ثلاثة أشهر، وهناك جمود أو فراغ دبلوماسي في جهود السلام. كيف يمكن تفادي انتكاسات في المنطقة والإبقاء على «جذوة» الاتصالات الدبلوماسية؟ وأخيرا هل ترون أن أنابوليس قد انتهى؟

ـ هناك مرحلة سكون. لا شك بذلك. ولذا علينا أن نعد المواقف: الموقف الفلسطيني أولا من خلال الحوار والمصالحة بهدف تشكيل موقف فلسطيني متكامل. وأيضا علينا أن نبقي على الحوار الفلسطيني ـ الإسرائيلي مع اللجنة الرباعية، وهذا سيتم في 8 و9 من الشهر القادم في شرم الشيخ. وبموازاة ذلك، علينا أن نعرض على الجانب الأميركي رؤية مثلما تم التوصل اليها منذ أنابوليس وعلى مرجعيات التسوية. ثم نأمل في أن تكون كافة الأطراف عندما يستقر الوضع جاهزة للانطلاق مرة أخرى.