دبلوماسيون غربيون: استعداد السعودية لرعاية المباحثات بين طالبان وكابل أمر له أهمية خاصة

مهندس المبادرة فقيه شرعي من قيادات الأفغان العرب

TT

بدأت الحكومة الأفغانية وحلفاؤها في المنطقة التواصل مع طالبان وجماعات المتمردين الأخرى على نحو مكثف، لاختبار احتمالات عقد مباحثات سلام، وهذا وفقا لما صرح به دبلوماسيون غربيون ومسؤولون أفغان في كابل.

وتزايدت الجهود الدبلوماسية طوال الأشهر الماضية من جانب الحكومة الأفغانية، بالإضافة إلى باكستان والسعودية، وهي جزء من الجهد السياسي الموسع الذي يُبذل بهدف القضاء على دوامة العنف المستمرة في أفغانستان، وانخفاض التأييد الشعبي للحكومة، في العام الذي يعد الأكثر دموية بين الأعوام السبعة الماضية.

وتدهور الوضع الأمني لدرجة أن عددا متناميا من الدبلوماسيين الغربيين وقادة قوات الناتو والأفغان بدأوا في الحديث عن عدم إمكانية هزيمة المتمردين بالوسائل العسكرية فقط. ويؤكد بعض المسؤولين في كابل أن الحرب ضد المتمردين لا يمكن الفوز فيها ويدعون الآن إلى المفاوضات.

ويقول دبلوماسيون غربيون إن استعداد السعودية لرعاية المباحثات بين طالبان والحكومة الأفغانية أمر له أهمية خاصة. فقال أحدهم: «إنه جزء من الجهود السياسية التي يجب أن تبذل داخل البلاد وخارجها، من أجل ضمان إكمال الجهود العسكرية بالطرق الصحيحة».

والمهم في هذه الإستراتيجية هو استغلال ما يسميه الدبلوماسيون الانقسامات داخل طالبان، لفصل المقاتلين الأُجَراء عن عناصر الحركة المتشددة، الذين يعتبرهم العديد من المسؤولين غير قابلين للمصالحة، ولفصل طالبان عن تنظيم القاعدة.

ولكن يخشى بعض المسؤولين من أنه إذا لم يحدث تغير في الوضع الأمني، لن يكون موقف الحكومة الأفغانية والقوات الدولية هنا قويا في المفاوضات. ويقولون إن الأشهر الستة أو السبعة المقبلة، عندما يقل القتال عادة في فصل الشتاء، ستكون حاسمة.

وقد اشترط العديد من الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين والأفغان الذين أجريت معهم مقابلات، عدم ذكر أسمائهم، بسبب حساسية الموضوع.

وقال قائد عسكري رفيع المستوى إن الجيش الأميركي يستعد لقتال المتمردين طوال الشتاء، وقد طلب إرسال 20000 من القوات الأميركية تعزيزا له، بالإضافة إلى الفرقة الأميركية التي ستصل في شهر يناير (كانون الثاني). وهناك آمال في تغيير الوضع الحالي مع المتمردين في الجنوب. وظل التعاون الدبلوماسي والإقليمي في الصراع في أفغانستان متعثرا، ولكنه يتغير إلى حد ما في الوقت الراهن. وعلى سبيل المثال، في يوم الثلاثاء، أنهى المسؤولون الأفغانيون والباكستانيون اجتماعا للقيادات، جيرغا، استمر لمدة يومين، وحضره 50 مسؤولا وزعيما من كلتا الدولتين، من أجل العمل على إحلال السلام والأمن في المنطقة.

ووراء الكواليس، يجري عمل هادئ أيضا يقوم به أشخاص مثل عبد الله أنس، وهو جزائري يعتبر مهندس مبادرة المفاوضات، كان منضما إلى المجاهدين في أفغانستان أثناء الاحتلال السوفياتي في الثمانينات، وهو زوج ابنة عبد الله عزام الزعيم الروحي للافغان العرب، وهو فقيه شرعي ويحظى باحترام كبير من مختلف الفئات الافغانية، وكان من اكثر المقربين للقائد الافغاني احمد شاه مسعود «اسد بانشير» الذي اغتالته «القاعدة» قبل يومين من هجمات سبتمبر. وعلى مدى العامين الماضيين، وفي جهود دعمها كرزاي، كان عبد الله أنس يحاول التأثير على العلماء المسلمين ذوي النفوذ وقادة المجاهدين الدوليين، في محاولة لإبعاد طالبان عن «القاعدة» وتحقيق السلام في أفغانستان، وذلك وفقا لما قاله ملحق عسكري أفغاني يعمل في هذه الخطة.

وقال أنس في حوار عبر الهاتف من لندن: «المشكلة لن تحل عن طريق الحرب». وأضاف أن أيا من الناتو والمتمردين لن يستطيع الفوز تماما في الحرب، وتوقع أن القتال قد يستمر لمدة 10 أعوام أخرى ويتسبب في مقتل وإصابة 100000 شخص.

وقال إن هناك قضيتين رئيستين بين الجانبين: وجود قوات أجنبية ونظام الحكومة. ويجب على الأفغان من جميع الطوائف والأعراق، ومعهم جميع قوات المجاهدين أن يجتمعوا معا لحل هذه القضايا.

وأضاف يجب أن تقتنع الدول المجاورة بأن السلام لن يؤذيها، وأنها من الممكن أن تربح أيضا. «وستنجح هذه المبادرة إذا رأت دول الجوار أنها ليست ضدها، بل لصالحها». وتحدث عبد الله انس مع «الشرق الاوسط» امس عبر الهاتف، عن وجود قيادات من طالبان متعلمة ومعتدلة ومنفتحة على العالم الخارجي ويمكن الاعتماد عليها. وصرح دبلوماسيون ومسؤولون في الحكومة الأفغانية بأن تدخل ملك السعودية له أهمية رمزية بسبب مكانته في العالم الإسلامي. وقد استضاف خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حوالي 50 ممثلا أفغانيا في مكة على مائدة الإفطار في نهاية شهر رمضان الكريم.

* خدمة «نيويورك تايمز»