الكويت: النواب الليبراليون يتقدمون بطلب لإشهار الأحزاب السياسية

الملا لـ«الشرق الأوسط»: مقترحنا يعزز الشفافية ويعطي دفعة للنظام الديمقراطي

TT

تقدم نواب التيار الليبرالي في البرلمان الكويتي أمس بمقترح قانون يجيز إشهار الأحزاب السياسية في البلاد.

وبموجب القانون الذي قدمه النواب محمد الصقر وعلي الراشد ومحمد العبد الجادر وصالح الملا، فإن «قانون الأحزاب السياسية المقدم يطمح إلى تمكين الأحزاب السياسية من إطار تشريعي يعيد إلى العمل السياسي اعتباره ومصداقيته، ويهيئ مناخا سياسيا ملائما يجعل من الحزب السياسي أداة لإشعاع قيم المواطنة».

يذكر أن الكويت لا تعتمد على الأحزاب في نظامها السياسي، إذ يتشكل البرلمان من مرشحين يخوضون الانتخابات على أساس التمثيل الفردي، إلا أن ذلك لم يمنع الكتل السياسية من تأسيس كيانات فاعلة أقرب لأن تكون مجاميع ضغط سياسية، تمارس نشاطها وتختار مرشحيها لتمثيلها في البرلمان.

وسبق لممثلي التيار الليبرالي في البرلمان أن قدموا في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي مشروعا مشابها، إلا أنه سقط قبل مناقشته، بداعي حل البرلمان في مارس (آذار) الماضي، والدعوة لانتخابات مبكرة وقتها.

ورغم أن الدستور الذي تعمل بمقتضاه البلاد منذ عام 1962 لم يجرم تأسيس الأحزاب السياسية بشكل صريح، إلا أن التعاطي السياسي بيّن تحفظا حكوميا من مبدأ إشهار الأحزاب، خوفا من تكرار النموذج اللبناني الذي قاد إلى الحرب الأهلية منتصف السبعينات، أو النموذج العراقي الذي خلق حالة استقطاب طائفي، أو اليمني الذي انتهى بفرز قبلي، بحسب التحفظ الحكومي.

وسبق أن أحالت وزارة الداخلية إلى النائب العام في فبراير (شباط) 2005 عددا من الناشطين الإسلاميين، لتأسيسهم حزب الأمة ذي التوجه الإسلامي المقرب من السلف، كما تم التحقيق مع ناشطين آخرين مطلع العام الجاري لذات التهم، بعد إحالتهم للنيابة العامة بسبب انتماءاتهم لحزب التحرير وحزب الله، إلا أن أيا من الأحكام القضائية انتهى بإدانة صريحة، أو إشارة إلى موضوع إشهار الأحزاب السياسية.

وعودة إلى المقترح، فقد أشار مقدموه في الديباجة إلى أن «القانون يبرز مسؤولية الأحزاب السياسية في العمل على التفعيل الأمثل والسليم لأحكامه، وترسيخها عن طريق الالتزام بتطبيق مضمونها، والتقيد ببرامجها وطرق تمويلها وتسييرها وأنظمتها الأساسية والداخلية بقواعد ومبادئ الديمقراطية والشفافية».

وأكد النائب صالح الملا في تصريح خاص لـ «الشرق الأوسط»، أن «المقترح الذي تقدمنا به أتى لإضفاء شرعية مضافة على العمل السياسي في البلاد، وإعطاء دفعة للأمام لنظامنا الديمقراطي، وإفساح المجال أمام التنظيمات السياسية التي تعمل في الشأن العام، وبعضها موجود منذ الخمسينيات، لأن تكون مشروعة وتعمل في النور، واشترط أن تقوم على أسس وطنية، لا أن تكون ممتدة ولها اتصالات بالخارج، كما سيتيح التعرف على آلياتها ومصادر تمويلها، بما يعزز الشفافية في العمل السياسي».

إلا أن مصادر مقربة شددت على أن «المقترح لم يتطرق إلى دور الأحزاب في التشكيل الحكومي، من خلال المناداة برئيس الحزب رئيسا للحكومة، نظرا لأن هذا المبدأ يتعارض مع الدستور الذي يعطي أمير البلاد وحده حق تسمية رئيس الوزراء واختيار أعضاء الوزارة، وعليه فهو حق أصيل للأمير، وأي تطرق لهذا المبدأ سيتعارض مع الدستور».

واشترط المقترح أن يقوم الحزب السياسي على ضرورة احترام «الهوية العربية الإسلامية، باعتبارها مصدرا للتشريع، والحريات والحقوق الأساسية، والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان كما ضبطت بالدستور وبالاتفاقات الدولية المصادق عليها من طرف دولة الكويت، ومبدأ سيادة الشعب كما نظمها الدستور والمبادئ المتعلقة بالأحوال الشخصية»، إلى جانب أهمية «نبذ العنف بمختلف أشكاله والتطرف والعنصرية وكل الأوجه الأخرى للتمييز، واجتناب تعاطي أي نشاط من شأنه الإخلال بأمن الدولة وبالنظام العام وحقوق وحريات الغير».

ومنع المقترح الاستقطاب الحزبي في المؤسسات العسكرية أو القضائية، وكذلك استخدام مؤسسات الدولة ومنها التعليمية للتنظيم الحزبي، فيما أكد مبدأ طواعية الانتساب للأحزاب، وعدم جواز محاسبة أي مواطن لانتمائه الحزبي.

ورفض مشروع القانون قيام الحزب السياسي على أساس مناهض للدين الإسلامي أو تكفير الأحزاب الأخرى أو المجتمع وأفراده، أو الادعاء بتفرد تمثيل الدين والوطنية، ومنع تأسيس أي حزب سياسي وفقا لدين أو جنس أو أصل أو لون، وجرم كذلك استخدام مراكز النقابات والجمعيات الخيرية والأندية وأموالها لمصلحة أي تنظيم حزبي، كما حظر على الحزب السياسي كل ما يتعلق بإقامة تشكيلات عسكرية أو استخدام العنف، أو التحريض عليه.

وجاء في باب التمويل ما نصه: «على الحزب الاعتماد الكلي في موارده المالية على مصادر كويتية محلية، معروفة ومعلنة ومحددة، وللحزب قبول الهبات والتبرعات من المواطنين الكويتيين فقط».

وشدد النواب في مقترحهم على أن يمارس الحزب نشاطه بالوسائل السلمية والديمقراطية لتحقيق برامج محددة ومعلنة تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للدولة، عبر المساهمة في الحياة السياسية والديمقراطية، والمشاركة فيها سلميا عن طريق الانتخابات العامة الحرة النزيهة.

وحدد مشروع القانون عدد مؤسسي الحزب بألا يقلوا عن خمسمائة شخص، وأتاح العضوية لكل كويتي، أكمل الثامنة عشرة من عمره، غير مدان بحكم قطعي بجناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، وأن يكون متمتعا بالأهلية المدنية والقانونية الكاملة، وألا يكون عضوا في أي حزب آخر، أو تنظيم سياسي حزبي غير كويتي، وكذلك ألا يكون من المنتسبين للسلك القضائي أو العسكري، أو من المنتمين للأجهزة الأمنية.

وطالب النواب في مقترحهم بتشكيل لجنة شؤون الأحزاب السياسية، تكون مهمتها الإشراف على عمل الأحزاب وفحص طلبات التأسيس، وتضم في عضويتها رئيس مجلس القضاء الأعلى، ووزير الداخلية، ووزير العدل، وأربعة قضاة أو محامين من غير المنتمين لأحزاب، وكذلك يتم من خلالها تقديم منح وتوزيعها بالتساوي بين الأحزاب، وبنسب متفاوتة بين من لها تمثيل داخل البرلمان ومن لا يوجد لها ممثلون.