المالكي يتعهد بإطلاع دول الجوار على الاتفاق الأمني بعد الرد الأميركي

قيادي في «الدعوة» لـ «الشرق الأوسط» : بغداد تريد طمأنتهم بأن لا شيء يمس دولهم أو حقوقهم

عراقيون يلعبون البليارد فيما يمر بقربهم جنود أميركيون ينفذون دورية راجلة في مدينة بعقوبة أمس (رويترز)
TT

فيما تعهد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي باطلاع دول الجوار على مضمون الاتفاقية الامنية التي تنوي بلاده ابرامها مع الولايات المتحدة لتنظيم وجود القوات الاميركية في العراق، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية القيادي في حزب الدعوة، ان قلق دول الجوار العراقي من احتواء الاتفاق على بند يتضمن شن هجمات اميركية على تلك الدول. من جهته، جدد رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني تأييده للاتفاق الذي اعلنت العديد من القوى العراقية عن رفضها له. وكان رئيس الوزراء نوري المالكي قد تعهد مساء اول من امس بإرسال وفود الى دول الجوار بهدف اطلاعها على آخر التطورات بشأن الاتفاقية الامنية. وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه المالكي في وقت سابق، مع الرئيس التركي عبد الله غل، بحسب بيان لمكتب المالكي. وقال البيان الذي تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه، أمس، إن المالكي «تلقى اليوم (الجمعة) اتصالا هاتفيا من رئيس الجمهورية التركية عبد الله غل بحثا فيه العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها على مختلف الاصعدة». وأضاف البيان أن المالكي «أطلع غل على آخر ما وصلت اليه المفاوضات بين العراق والولايات المتحدة الاميركية حول الاتفاقية الامنية»، حيث أكد المالكي، بحسب البيان، أنه «سيبعث وفودا الى دول الجوار ومنها تركيا لعرض الاتفاقية الامنية، بعد تسلم رد الولايات المتحدة على التعديلات التي اقترحتها الحكومة العراقية». وحول ما اذا كان التعهد الذي اكد عليه المالكي لدول الجوار باطلاعها على نص الاتفاقية كرد فعل للغارة الاميركية على سورية، قال الدباغ لـ«الشرق الاوسط» ان «لا علاقة للغارة الاميركية بتعهد رئيس الوزراء وان العراق لا يحتاج الى موافقة احد في امر يخص العراق، لكنه (العراق) مصر على ان يطمئن الدول وخاصة دول الجوار بان لا خطر عليهم من توقيع الاتفاقية»، معتبرا ان هذه المبادرة هي «مبادرة حسن نية من العراق لاطلاع المسؤولين وحكوماتهم في الدول المجاورة على الاتفاقية والاشتراطات التي وضعتها الحكومة من اجل العراق وسيادته». غير ان الدباغ أضاف أن حكومته متفائلة من عملية توقيع الاتفاقية الامنية وان الرد على التعديلات الاخيرة التي قامت بها حكومته والتي وصفها بالضرورية، ستأخذ وقتا من الجانب الاميركي، معتبرا ان هذه التعديلات «مهمة جدا» من اجل الوصول الى توافق في عملية التوقيع النهائي. وحول الزيارة المتوقعة من قبل وزيرة الخارجية الاميركية للعراق الاسبوع الحالي وعلاقتها بتوقيع الاتفاقية، اكتفى الدباغ بالقول ان «لا معلومات لدينا الآن عن زيارة رايس». من جانبه، أكد علي العلاق، القيادي في حزب الدعوة، ان «احد العوائق التي كانت تمنع توقيع اتفاقية انسحاب القوات الاميركية من العراق هي مسألة قلق دول الجوار من ان تتيح هذه الاتفاقية استخدام الاراضي العراقية منطلقاً للاعتداء عليها من قبل اميركا». وقال العلاق لـ«الشرق الاوسط» «على هذا الأساس تم وضع مادة ضمن الاتفاقية تؤكد منع استخدام الأراضي العراقية للاعتداء على دول الجوار سواء ايران او سورية وحتى السعودية ودولا اخرى، وقد تم التوصل الى اتفاق حيال هذا البند». وحول توقيت تعهد المالكي باطلاع دول الجوار على الاتفاقية، والذي جاء بعد توجيه ضربة اميركية الى سورية، شدد العلاق ان «التجاوز الذي حصل من قبل القوات الاميركية على سورية والذي راح ضحيته عدد من الاشخاص وان كان من ضمنهم بعض الارهابيين، إلا انه عمل مرفوض من قبل الجميع ويعد تجاوزاً على دولة جارة»، مضيفاً «ولضرورة طمأنة دول الجوار من ان الاتفاقية لن تمس دولهم ولا حقوقهم وان يكون هناك احترام لحقوق الجوار فيما بين العراق وبين تلك الدول، تعهد المالكي بإرسال وفود الى تلك الدول لإطلاعها على الصيغة النهائية للاتفاقية الامنية». وأضاف «من المؤمل ان تقدم الصيغة الاخيرة للاتفاقية بتعديلاتها في حال تم الاتفاق عليها الى البرلمان والشعب العراقي والمرجعيات ومن ثم تعرض على دول الجوار»، مؤكداً «ان التصريحات الاخيرة للاميركيين تبين وجود تجاوب مع المطالب العراقية الاخيرة». من جهته، جدد مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان تأييده الاتفاقية الامنية، وقال في بيان نشر أمس ان الاتفاقية «تصب في مصلحة الشعب العراقي والولايات المتحدة والمنطقة أجمع». وكان الزعيم الكردي يتحدث من واشنطن التي يزورها بدعوة من الرئيس الاميركي جورج بوش، حيث ألقى خطبة في حفل استقبال حضره مسؤولون اميركيون رفيعو المستوى بينهم ممثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة زلماي خليلزاد والحاكم المدني السابق في العراق بول بريمر.

ويتفاوض الجانبان العراقي والأميركي حاليا بشأن إبرام اتفاقية أمنية طويلة الأمد بينهما أثارت جدلا حادا في الأوساط الشعبية والسياسية المحلية، على مدى الأشهر الماضية، تحدد الطبيعة القانونية لوجود الجيش الأميركي على الأراضي العراقية بعد نهاية العام الحالي، حيث سينتهي التفويض الدولي الممنوح للجيش الأميركي في العراق من الأمم المتحدة بموجب قرار من مجلس الأمن.

وبحسب مسودة الاتفاقية، فان الوجود الاميركي في العراق سيستمر حتى 31 ديسمبر (كانون الاول) 2011، ويكون من حق الحكومة العراقية بعد هذا التاريخ، الطلب من الادارة الاميركية سحب قواتها من العراق. الى ذلك، شهدت مدينتا بغداد والنجف مظاهرات ضد الاتفاق الامني امس. وطافت في مدينة النجف تظاهرة نسويه بقيادة عضو البرلمان العراقي الدكتورة لقاء الياسين عن الكتلة الصدرية طالبت بعدم توقيع الاتفاقية. ورفعت المتظاهرات لافتات مثل «الاتفاقية المشؤومة استبعاد ابدي للعراق» و«لن يكون العراق مستعمرة اميركية» و«من اجل ان لا تكون فلسطين اخرى نطالب بإيقاف التوقيع على الاتفاقية».

وقالت الياسين لـ«الشرق الاوسط» ان «المظاهرة شاركت فيها العشرات من  النساء من النجف وبابل وكربلاء وبغداد لتثبيت موقف المرأة العراقية برفض توقيع الاتفاقية باعتبارها لا تمثل الجانب الأمني والسياسي، بل لها انعكاسات على الجانب الثقافي والاجتماعي والاقتصادي في العراق». وأضافت ان «المظاهرة خرجت لرفض سياسة الهيمنة والعولمة الغربية التي تحاول اميركا ان تسيطر بها على افكار الشعب العراقي».

وحول مطالب المتظاهرات قالت الياسين «نطالب الحكومة العراقية بعدم توقيع الاتفاقية الامنية طويلة الأمد وجدولة انسحاب القوات المحتلة من العراق».