مؤتمر في بغداد يتحول إلى ساحة تراشق بين المالكي ونائبه برهم صالح

«التوافق» لـ«الشرق الأوسط» ردا على دعوة رئيس الوزراء لتعديل الدستور لتعزيز صلاحيات حكومته: هل هذه صحوة أم مصالح؟

TT

كشف سياسي عراقي بارز عن تحول مؤتمر الكفاءات والنخب الذي عقد ببغداد اول من أمس، الى ساحة للتراشق بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وبين نائبه الكردي برهم صالح عندما طالب المالكي بمزيد من الصلاحيات للحكومة المركزية، فيما انتقد صالح تفرد حزب واحد في السلطة؛ في اشارة واضحة الى حزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء. وقال الناطق الرسمي باسم جبهة التوافق العراقية سليم عبد الله ان تصريحات المالكي «انعكاس للصراع بينه وبين الكرد بدليل ان برهم صالح تحدث بعده في المؤتمر بلهجة اخرى قال فيها إنه ضد المحاصصة وانه مع الحكومة القوية، ولكن ليست الدكتاتورية، وانه (صالح) يرفض الهيمنة والتفرد الحزبي، بمعنى انه كان (المؤتمر) ساحة خطاب انبرى بها الجميع للتعبير عما يتصوره». وكان المالكي قد دعا في المؤتمر الى اعادة كتابة الدستور بطريقة «موضوعية» تمنح الحكومة المركزية الصلاحيات وليست الحكومات المحلية. وقال ان الدستور العراقي «ربما كتب في أجواء كانت فيها مخاوف... لكننا ذهبنا بعيدا في تكريس المخاوف وتكريس التطلعات». وأضاف المالكي «استطيع ان اقول انها (المخاوف) لم تكن موضوعية وقد وضعنا قيودا ثقيلة لكي لا يعود الماضي ولكنها كتفت الحاضر وكتفت المستقبل».

وكانت خلافات قد دبت بين الحكومة المركزية ببغداد وحكومة اقليم كردستان حول ابرام الاقليم عقودا نفطية بمعزل عن حكومة بغداد، كما شملت الخلافات الصراع على المناطق المتنازع عليها بين بغداد واربيل ناهيك عن مدينة كركوك، ونالت حصة الاقليم من الموازنة العامة للبلاد ورواتب قوات البيشمركة الكردية قسطا من الخلافات بين الطرفين. وفيما يبدو أنه رد على تصريحات رئيس الوزراء، قال صالح في كلمته التي أعقبت كلمة المالكي «نحن في طور بناء دولة ترفض المحاصصة الطائفية التي هي ظلم يرتكب بحق المواطن العراقي، ولا يجوز التفرد لجهة واحدة أو فريق واحد». وكانت اتهامات عديدة قد وجهت لحزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي بالانفراد بالسلطة في قضايا عدة آخرها الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة التي تنظم مستقبل وجود القوات الأميركية بالعراق.

وحول المسائل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان، قال صالح إن «هناك مشكلة بين إقليم كردستان والحكومة الاتحادية ونحن نأمل ان تحل هذه المشكلة من خلال الدستور».

وعن قانون النفط والغاز ذكر أن «قانون النفط والغاز واضح في الدستور وهو ثروة للعراقيين ويشترك به كل العراقيين آملين ان تتمكن اللجان المشكلة من معالجة هذا الموضوع، ولكن وبعد خمس سنوات نرى مستويات النفط تتدنى والبلد يحتاج هذه المادة».

وبحسب الدستور العراقي الحالي، فانه يحق للمحافظات العراقية تكوين حكومات محلية بشكل منفرد او الاتحاد فيما بينها لتكوين اقليم ذي حكومة مشتركة.

الى ذلك، وصف الناطق الرسمي باسم جبهة التوافق العراقية مطالبة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتعديل الدستور وإعطاء مزيد من الصلاحيات لحكومته بـ«النقلة النوعية في التفكير». وأضاف أن اجراء تعديلات على الدستور كان منذ البدء أحد مطالب جبهة التوافق وان الفكرة ليست وليدة اليوم. وقال عبد الله في اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» من بغداد إن «من المفارقات ان المالكي كان عضوا في اللجنة التي وضعت صلاحيات الاقاليم والمحافظات عند كتابة الدستور»، مضيفا انه «عندما يبدأ المالكي بالتفكير بطريقة اخرى فهذا معناه مراجعة القوى السياسية لما يحصل وان هذا التغيير ناتج عن ملاحظات واصطدام بالواقع». وقال المتحدث باسم جبهة التوافق العراقية، التي تعد من اشد المعارضين لإقامة الفيدراليات في العراق «كنا ندعو الى التخفيف من صلاحيات الأقاليم وندعو الى حكومة قوية ضمن ادارة لا مركزية، فلسنا نريد ادارات ضعيفة للمحافظات بحيث تكون رهنا للحكومة المركزية.. وكان احد مطالبنا في تعديل الدستور هو تقوية الحكومة المركزية لأن شعورنا بأن الكونفدرالية موجودة في العراق». وأضاف عبد الله متسائلا «لماذا لم يستجب المالكي في حينها للمطالب بتقوية الحكومة المركزية وإعطاء صلاحيات.. هل جاء مطلب المالكي الآن عندما بدأت المصالح تتضارب؟ هل لأنه الآن موجود على أعلى هرم السلطة أم لأن التغيير صحيح؟ فهل هذه صحوة ام ان المصلحة اقتضت ذلك؟».

وأكد عبد الله أنه يرفض القول إن جبهة التوافق «تؤيد ما جاء به المالكي»، مضيفا ان «السؤال ليس: هل انتم تناصرون المالكي ام لا؟ وكأن الفكرة وليدة اليوم عندنا، او كأننا نوافق المالكي في كل ما يقول، مطلبنا ليس اليوم فقد قلنا منذ البداية ان الدستور يجب ان يعدل». غير انه كرر قائلا ان «مفهوم تقوية المركز لا يعني انعدام صلاحيات المحافظات، وان قانون المحافظات والأقاليم عند تنفيذه بعد اجراء انتخابات مجالس المحافظات لا يسوءنا، فان النفس العام يتجه الى التوازن بين صلاحيات الحكومة المركزية والمحافظات».