الكويت: احتواء الحكومة لاستجواب رئيسها.. يفتح أبواب التصعيد النيابي

جملة ملفات تطفو على السطح بينها «أزمة التجنيس» قد تؤدي إلى الإطاحة بوزير الداخلية

TT

في الوقت الذي توقع فيه المراقبون انتعاش أجواء التهدئة بين الحكومة والبرلمان نهاية الأسبوع الماضي، بعد إعلان النائب أحمد المليفي عدوله عن استجواب رئيس الحكومة، الشيخ ناصر المحمد، طفت أمس على السطح جملة ملفات، قاسمها المشترك تأكيدها أن الهدنة الحكومية ـ النيابية لن تصمد طويلا.

وانتقد عدد من النواب، الإجراءات الحكومية التي تمت لثني النائب المليفي عن تقديم استجوابه بحق رئيس الحكومة، ورأى عدد منهم أن هناك تسوية تمت في الخفاء، أدت إلى سحب الجنسية الكويتية عن عدد من الأشخاص، وهو ما اعتبروه أزمة جديدة، ربما تنتهي مع رحيل وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد أو الحكومة بكاملها.

وكان مجلس الوزراء قد انتهى الأسبوع الماضي إلى سحب الجنسية الكويتية من عشرة أشخاص، نظرا لحصولهم عليها بطريقة غير قانونية، وهو ما يعني إما أنهم أدلوا بمعلومات خاطئة تمكنهم من الحصول على الجنسية الكويتية أو لوجود قيود أمنية عليهم، وهي عادة تسمية تلاحق من ثبتت صلاتهم مع الاستخبارات العراقية خلال فترة الممتدة من الاحتلال العراقي على الكويت 1990 وحتى سقوط نظام صدام حسين.

ولخص النائب الإسلامي القبلي، حسين القويعان، الموقف النيابي حيال سحب الجنسية من عدد من الأشخاص نهاية الأسبوع الماضي، بأن «هذه الأزمة ولدت الكثير من الأزمات، وأدخلتنا في أنفاق التأزيم السياسي»، وملوحا باستجواب وزير الداخلية إذا لم يقله رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد من منصبه، نظرا لمسؤوليته عن ملف التجنيس.

وأضاف القويعان في تصريح للصحافيين أمس أن «وزير الداخلية فشل في التعامل مع الكثير من القضايا، منها قضية التجمعات أثناء فترة الانتخابات، وتعامله السيئ مع شريحة كبيرة من أبناء هذا البلد، ووجود تجاوزات في كلية سعد العبد الله الأمنية (كلية ضباط الشرطة)، إلا أنه لم يعالج هذه التجاوزات حتى الآن، بالإضافة إلى قضية ضابط أمن الدولة الذي أخل بأمن البلد».

أما كتلة العمل الشعبي البرلمانية، والتي يرأسها قطب المعارضة أحمد السعدون، فأصدرت بيانا أكدت فيه أن «الجنسية الكويتية لا يجب أن تكون مجالا للمساومات ومادة لتسويات ومحطة لترضيات وثمنا للمقايضات السياسية»، معتبرة ما حدث الأسبوع الماضي بأنه «إهدار لقيمة المواطنة وعبث بهوية الوطن، كون القرار الحكومي الأخير بسحب الجنسية أتى ضمن محاولة بائسة لتجنب الاستجواب، وما ذلك سوى شاهد جديد على الاستخفاف الحكومي بآلية اقتراح إصدار المراسيم الأميرية» مع رفض الكتلة «التعامل مع الجنسية الكويتية على أنها منحة أو هبة يمكن أن تُمنح لمن لا يستحق، مثلما لا يجوز في المقابل أن تُسترد من مستحقيها الجديرين بها وقتما يشاء المانح أو يقرر الواهب»، محملة الحكومة بمجملها مسؤولية التجاوزات التي تمت في ملف التجنيس «خاصة بعد أن اهتزت ثقة الحكومة ورئيسها فيه بما اتخذته من إجراءات«، وطالبت الوزراء من ممثلي القوى السياسية المشاركة في الحكومة بتقديم استقالتهم وتحمل مسؤوليتهم بشجاعة، والاعتراف بالخطيئة التي شاركوا فيها.

لكن في موازاة هذه الأجواء بدا أن تيارا داخل البرلمان يجنح للتهدئة، وهو ما لخصه أمس النائب السلفي محمد الكندري بالقول أن «تقديم أي استجواب لرئيس الوزراء في الفترة الحالية لن يصب أبدا في المصلحة العامة»، كما استغرب توجه بعض الأعضاء لمساءلة رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد على خلفية سحب الجنسية من الأشخاص، وهم من كانوا يدعون إلى التهدئة وعدم التأزيم.

وأضاف الكندري «كنا نتخوف من الدخول في نفق المقايضات السياسية، وها نحن دخلنا فيه»، مشيرا إلى أن المخرج من هذا الوضع يكون بـ«تشكيل لجان التحقيق في قضية سحب الجنسية أو أحالتها إلى لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية»، لكنه حمّل «وزير الداخلية وحده مسؤولية سواء في منح الجنسية أو سحبها في حال وجود خطأ في الإجراءات، والمسؤولية البرلمانية تقتضي أن نعمل جميعا على تصفية المناخ السياسي وخلق أجواء تفاهم تكفل لنا العمل حكومة ومجلسا من اجل تحقيق المشاريع التنموية».

إلى ذلك، شدد النائب الإسلامي المعارض فيصل المسلم على أن «معالجة تجاوزات ملف مصروفات ديوان رئيس الوزراء يعتبر كارثة على كل الأصعدة»، مبينا أن «الملف لا يزال مفتوحا، ولم يحسم بعد». وكانت الحكومة الكويتية قد كلفت منتصف الأسبوع الماضي الشيخ ثامر جابر الأحمد برئاسة فريق يعمل على متابعة سلامة الإجراءات المالية في ديوان رئيس مجلس الوزراء بعد أن هدد الناب أحمد المليفي باستجوابه إثر تقرير صدور تقرير ديوان المحاسبة يشير إلى وجود مخالفات شابت أوجه الصرف في بند الهدايا، كما كلفت الحكومة أيضا الشيخ ثامر الصباح الذي يعمل وكيلا في ديوان رئيس الحكومة بالتحقيق في ما أثير حول منح الجنسية لبعض الأشخاص الذين لا تتوفر فيهم شروط استحقاق الجنسية، بالإضافة إلى إصدارها قرارا يقضي بسحب الجنسية الكويتية من خمسة أشخاص.