تلميحات لانسحاب السلفيين من الحكومة الكويتية والخرافي يثني النائب دميثير عن الاستقالة

الحكم على مدير كونا بالغرامة لمسؤوليته عن إعلان الأهرام.. والكويتيون يحتفلون اليوم بالذكرى 46 لوضع الدستور

بحرينيتان امام صور لمجموعة من المعتقلين في قضية مقتل رجل امن خلال احداث شغب، وذلك بعد ان انسحب محامو الدفاع من جلسة المحكمة امس قائلين انهم غير واثقين من ضمان معاملة جيدة لموكليهم في المعتقل (أ.ب)
TT

في ما تحتفل الكويت اليوم بالذكرى السادسة والأربعين لوضع دستورها الذي ينظم العلاقة بين سلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، بدا المشهد السياسي متشابكا، إلى درجة الارتباك.

وتداخلت الأخبار ببعضها أمس، فاختلطت منبهات الهواتف النقالة التي تشير إلى ورود رسالة جديدة تحمل خبرا أو تحليلا، مع نقرات الأصابع على أجهزة الحواسيب الآلية التي تنقل مستخدميها إلى فضاء الانترنت لمتابعة آخر الأخبار المحلية.

بداية توالي الأخبار أتى بعد إعلان النائب السلفي علي العمير احتمال انسحاب تياره من الحكومة التي تقوم على مبدأ التمثيل النسبي للقوى السياسية.

ويستمد العمير أهميته من انتمائه لواحدة من أكبر الكتل النيابية، إذ تعد الكتلة السلفية (تضم 9 نواب) من أكبر داعمي الحكومة الحالية التي يرأسها الشيخ ناصر المحمد، الذي يتعرض من جهته لضغوط تأتيها من عدة جهات قاسمها المشترك مطالبته بتحسين الإدارة بعد تلبد الأجواء السياسية بالغيوم التي ستنقشع بعد إطاحتها ربما برأس وزير أو اثنين إن لم تكن الحكومة مجتمعة.

إلا أن تصريح احتمال انسحاب السلفيين من الحكومة لم يخفف من أهمية الخبر الذي لحقه ودار حول تقديم النائب المقرب من الحكومة خلف دميثير العنزي استقالته بداعي سوء الأوضاع السياسية، ثم تدخل رئيس البرلمان جاسم الخرافي شخصيا لاحقا لثنيه عن قراره.

وأرجع النائب العنزي تقديم استقالته الى تردي العلاقة بين السلطتين في البلاد، مشددا على مضيه قدما بتقديمها رغم طلب الخرافي بتجميدها، إذا «بقيت الأوضاع على ما هي عليه، بعد تفشي الفوضى على المستوى السياسي والاقتصادي والرياضي». وحمل دميثير الحكومة «جزءا من المسؤولية»، رافضا الديمقراطية التي تهدد مستقبل أبناء الكويت.

وأمام هذين الخبرين الثقيلين، كان هناك وقع مختلف لخبر صدور حكم قضائي بحق مدير عام وكالة الأنباء الكويتية الشيخ مبارك الدعيج المتهم بتشويه صورة الكويت في الخارج بعد ثبوت مسؤوليته عن إعلان مدفوع الثمن نشر بجريدة الأهرام المصرية قبل عام، ومس عددا من النواب الذين اتهموا بصيغة المادة الصحافية بأنهم وراء التأزيم وتعطيل التنمية بالبلاد، وقضت المحكمة بالامتناع عن النطق بالعقوبة وفرضت عليه غرامة مالية تصل إلى ألف دينار كويتي (حوالي 3700 دولار أميركي)، إلى جانب ضرورة التزامه بحسن السير والسلوك لمدة عام، إلا أن مصادر مقربة للشيخ الدعيج كشفت عن اعتزامه استئناف الحكم في أقرب فرصة.

يذكر أن «إعلان الأهرام» تحول إلى قضية سياسية بعد تقدم نواب في البرلمان العام الماضي بطلب للتحقيق فيه لانه طال الديمقراطية الكويتية وتطرق لدور عدد من النواب في تأزيم العلاقة بين البرلمان والحكومة، وانتهت اللجنة البرلمانية إلى ضرورة إحالة الملف إلى القضاء، واتهم الشيخ مبارك الدعيج رسميا بعد ورود اسمه في التحقيقات نظرا لأنه كان يشغل وقتها منصب وكيل وزارة الإعلام لشؤون الإعلام الخارجي، وهو القطاع المعني بالعلاقة بين الحكومة الكويتية ووسائل الإعلام الأجنبية والإعلاميين.

وفي الأفق السياسي ذاته، رفض النائب السلفي وليد الطبطبائي توجيه رئيس الحكومة رسائل إلى نواب البرلمان عن طريق وسطاء، في إشارة منه إلى تصريح لوكيل المراجع الشيعية في الكويت محمد المهري الذي التقى أول من أمس رئيس الوزراء بهدف تقديم الدعم باسمه وباسم عدد من المواطنين الشيعة، إذ نقل المهري عن الاجتماع أن الشيخ ناصر المحمد يرغب من النواب بأن يعملوا على التهدئة حتى يتفادوا حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة.

وشدد الطبطبائي على رئيس الحكومة بأنه إذا ود توجيه رسالة إلى النواب أو مجلس الأمة فعليه إتباع القنوات الصحيحة وتوجيه رسالته بشكل مباشر. وتوجه بالسؤال إلى المهري قائلا: «من أنت حتى تنقل رسالة لمجلس الأمة موجهة من رئيس الوزراء؟» خاصة أن لرئيس الحكومة جهازا يمكنه نقل ما يدور داخل اللقاءات، واصفا الرسالة بأنها «لغة مرفوضة».

وعلى صعيد مواز أكد النائب علي العمير أن «الكلفة السياسية للمشاركة في الحكومة باتت باهظة، وأن السلفيين سينصحون (ممثلهم في الحكومة) وزير التجارة ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة أحمد باقر بالاستقالة إذا استمر التخبط الحكومي».

من جهة أخرى، قال وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة أحمد باقر إن «الحكومة تتفق على ما جاء في تقارير لجان مجلس الأمة من الاقتراحات والمشاريع بقوانين في شأن ثلاثة مواضيع هي إقامة الديوانيات والعمل في القطاع الأهلي والفحص الطبي للراغبين في الزواج».

وبعيدا عن الأجواء السياسية المشحونة، يحتفل الكويتيون اليوم بالذكرى السادسة والأربعين لوضع دستور بلادهم، الذي ينظم العلاقة بين السلطات الثلاث، وستقام احتفالية شعبية عصر اليوم أمام البرلمان.

يذكر أن الدستور الكويتي الذي وضع في مثل هذا اليوم من عام 1962، جاء بعد اعتماده من قبل المجلس التأسيسي الذي يعد أول مجلس منتخب في الكويت الحديثة التي دشنت مشوارها بعد إلغاء اتفاقية الحماية البريطانية، وإعلان الاستقلال الكامل للبلاد في عهد الأمير الراحل الشيخ عبد الله السالم في يوليو (تموز) 1961.

ونظرت لجنة مختصة في المجلس التأسيسي في مواد الدستور واعتمدتها في 23 جلسة بدأت في 17 مارس 1962، وانتهت في 27 أكتوبر 1962، وبعد أقل من ثلاثة شهور من إقرار الدستور من قبل الشيخ عبد الله السالم أجريت في 23 يناير 1963 أول انتخابات نيابية في الكويت.

يشار إلى أنه تم تعطيل العمل بالدستور عشر سنوات انقسمت بين الفترة 1976 – 1980، والفترة 1986 – 1992، وتم انتخاب 12 برلمانا خلال الـ 46 عاما الماضية، وقابلها تشكيل 25 حكومة، آخرها الحالية يرأسها الشيخ ناصر المحمد.