الكويت: مشادات بين النواب تدفع رئيس البرلمان لرفع الجلسة

الخرافي: الله يستر بعد أن وصل الخلاف بيننا إلى هذه الدرجة

TT

انقسمت جلسة البرلمان الكويتي أمس إلى ثلاثة فصول، خصص كل منها لموضوع مختلف، إلا أن أهمها كان الفصل الأخير الذي أدى إلى رفعها بداعي عدم التزام النواب باللائحة الداخلية، وخروج بعضهم عن أدب الحوار بعد مشادات متعددة بين فريقين جسدا حالة الانقسام التي تعيشها البلاد منذ فترة بين الفرق السياسية الفاعلة.

وبدت معالم الاستياء ظاهرة على رئيس البرلمان جاسم الخرافي وهو يرفع الجلسة نهائيا إلى اليوم، ليصرح لاحقا مطالبا النواب بأهمية «الالتزام بالأسلوب الديمقراطي في الحديث داخل قاعة عبد الله السالم (قاعة المداولة) خلال مناقشة الاقتراحات والقوانين».

وبدأت الجلسة صباح أمس بطلب الرئيس تحويلها إلى جلسة سرية بهدف مناقشة أسماء المرشحين لتولي رئاسة ديوان المحاسبة، وهو أعلى جهة رقابية معنية بتدقيق العمليات المالية للدولة، والرقابة على المال العام، وتم طرح اسم أحمد الكليب، إلا أن عددا من النواب طالبوا الرئيس الخرافي بتقديم أكثر من اسم للاختيار من بينها، وعدم قصر الترشيح على شخص واحد.

وبحسب مصادر نيابية كشفت ما دار في الجلسة السرية فإن «عددا من أعضاء البرلمان أبدوا تحفظا على الكليب، وهو نائب ووزير وسفير سابق، ويشغل حاليا منصب رئيس لجنة المناقصات التابعة لمجلس الوزراء، بداعي انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين التي مثلها بالبرلمان خلال الفترة 1992 – 1999، إلى جانب توقيعه على عريضة رفعت لأمير البلاد في منتصف الصيف الماضي، وحملت روحا عدائية للدستور وللبرلمان، ولكونه يحمل شهادة أدبية وغير متخصص بالمحاسبة، بالإضافة إلى أن البرلمان قدم بحقه استجوابا، ووقع 27 نائبا على طلب لطرح الثقة عنه، بعد استجوابه من قبل النائب السابق عباس الخضاري حينما كان الوزير الكليب يحمل حقيبة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وتسبب استجوابه في حل البرلمان عام 1999».

وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «الخرافي رفع الجلسة بعد تقدم عشرة نواب بطلب لإرجاء بحث هذا الموضوع لمدة أسبوعين، لتتحول إلى علنية لحين التوصل إلى اسم يكون محل اتفاق بين النواب من جانب، والبرلمان والحكومة من جانب آخر»، إذ يشترط دستوريا لمن سيتولى رئاسة ديوان المحاسبة أن يكون حاصلا على أغلبية الأصوات التي يتألف منها البرلمان والتي تضم أصوات النواب والوزراء.

وما أن عادت الجلسة إلى العلنية، حتى أعلنت الحكومة عن رفضها للتصويت على إعادة تشكيل لجان برلمانية مؤقتة كانت قد أُسقطت أواخر الشهر الماضي، إلا أن نوابا قبليين، تمكنوا إعادة إحياء اللجان الملغاة، ما دفع فريقا من نواب المعارضة والليبراليين، إلى الانسحاب من الجلسة احتجاجا على تمرير هذه اللجان.

وتلت الحكومة بيانا اعترضت فيه على تشكيل اللجان بداعي مخالفتها نظام العمل بالبرلمان، ووجوب مرور أربعة أشهر على الأقل لإعادة طرح موضوع سبق للبرلمان رفضه، مشيرة في بيانها إلى أن البرلمان سبق له في 21 من أكتوبر الماضي رفض هذا المقترح، ولم تمر حتى الآن المدة القانونية على تاريخ الرفض.

ومع بدء التصويت على المقترح بإحياء اللجان الملغاة وهي شؤون المرأة والأسرة، ولجنة شؤون الإسكان، ولجنة دراسة أوضاع غير محددي الجنسية، ولجنة شؤون البيئة، انسحب نواب كتلة العمل الوطني (محافظون وليبراليون) عبد الله الرومي، محمد الصقر، عادل الصرعاوي، علي الراشد، مرزوق الغانم، ومحمد العبد الجادر من الجلسة، وأصدروا بيانا أكدوا فيه أن «التصويت على اللجان المؤقتة يعد مخالفة قانونية صريحة ارتكبها المجلس»، وانتهى التصويت بموافقة 41 نائبا، ومعارضة 13 وامتناع أحد الأعضاء عن التصويت.

ثم انتقل البرلمان إلى الفصل الأخير من جلسة أمس والذي تم فيه نقاش تقرير اللجنة المالية يقضي بتمكين المواطنين من استغلال أملاك الدولة الواقعة أمام منازلهم لتحويلها إلى دواوين، وهو الموضوع الذي تعارضه الحكومة وشكلت له فريقا لإزالة التعديات الواقعة على الأراضي المملوكة لها، إلا أن النواب القبليين تعرضوا لضغوط شعبية، دفعتهم إلى تحويل هذا المقترح لأولوية على جدول أعمال البرلمان.

وشدد رئيس البرلمان جاسم الخرافي بعد رفعه الجلسة على أهمية أن إتباع النواب «الأسلوب الديمقراطي في الحديث داخل قاعة عبد الله السالم خلال مناقشة الاقتراحات والقوانين، وأنا اليوم (أمس) أشعر بالألم لرفع الجلسة بهذه الصورة، فما حدث من مشادات نيابية ـ نيابية لا تمت للديمقراطية بصلة، وبعيدة كل البعد عن الأسلوب الديمقراطي الصحيح، وأشعر بالأسف لوصولنا إلى هذه المرحلة».

وطالب نواب الأقلية (يقصد النواب القبليين) بألا يتحدثوا بلسان الأغلبية وألا يعرقلوا العمل الديمقراطي، «ولابد أن يعرف النواب بأن الأسلوب الديمقراطي هو التصويت، فما شهدته الجلسة خلال مناقشة قانون الديوانيات ليس من شيمنا ولا من تقاليدنا، ولا ينم عن الألفة والمحبة التي تربط النواب بعضهم ببعض، والله يستر، فلا يجب أن يصل الخلاف بيننا إلى هذه الدرجة».

على صعيد ذي صلة، أقر البرلمان الكويتي في جلسته أمس على مقترح بقانون يستوجب الفحص الطبي على الراغبين في الزواج قبل إتمام الزواج.

وبحسب القانون فإنه يتحتم «على الراغبين بالزواج إجراء فحوصات طبية تفيد خلوهم من الأمراض المعدية والوراثية، ويثبت ذلك بشهادة صحية يبين فيها أن الزواج آمن أو غير آمن، على أن تصدر عن طريق وزارة الصحة العامة، وتحدد فترة صلاحية هذه الشهادة بستة أشهر من تاريخ الإصدار».

ومنع القانون المأذون الشرعي من «إبرام عقد الزواج كما لا يجوز لأية جهة أخرى توثيقه إلا بعد تقديم الشهادة المشار إليها، فإن كانت نتيجة الشهادة أن الزواج غير آمن، وجب إرفاق معها إقرار من الطرفين بعلمهما وموافقتهما على إتمام عقد النكاح، ولا يعتد في هذه الحالة بموافقة من لم تبلغ سن الرشد ولا يحق لوليها تمثيلها في هذه الحالة».

وجرم القانون في مادته الثالثة إفشاء سرية المعلومات التي تضمنتها الشهادة «بالحبس مدة لا تجاوز سنة وغرامة لا تجاوز ألف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، بهدف الحفاظ على سرية تلك المعلومات»، كما فرضت المادة الخامسة عقوبة على «المأذون أو الموثق الذي يخالف أحكام القانون، بالحبس مدة لا تجاوز سنة، وغرامة لا تجاوز ألف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين».

وعلى صعيد آخر، احتفل الكويتيون أمس بالذكرى السادسة والأربعين وضع الدستور الذي تعمل بلادهم بمقتضاه منذ عام 1962، وأقامت مجموعة شبابية احتفالا رمزيا شارك فيه عدد من الشخصيات العامة، أبرزهم رمز المعارضة الدكتور أحمد الخطيب، كما ألقى عدد من السياسيين والكتاب كلمات لهم في هذه المناسبة.

من جهته، أصدر مكتب مجلس الأمة أمس بيانا بمناسبة مرور الذكرى السادسة والأربعين لوضع الدستور طالب فيه «كل مواطن بالحرص على تطبيق أحكام الدستور تطبيقا كاملا، فهو السياج المنيع لكرامة المواطن والحريات العامة وهو الذي أسبغ على المواطنين المزيد من الرفاهية والمكانة الدولية والعدالة الاجتماعية».

واستذكر البيان الذي نقلته وكالة الأنباء الكويتية «مصادقة أمير البلاد الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح في الحادي عشر من نوفمبر 1962 على مشروع دستور دولة الكويت الذي أعده المجلس التأسيسي، وكذلك تاريخ العمل فيه وهو يوم الـ 29 من يناير 1963، الذي شهد أول اجتماع لمجلس الأمة (البرلمان)».