الخرطوم تعلن وقف النار في دارفور من جانب واحد وتكلف لجنة لإطلاق معتقلين متمردين

ملتقى سوداني أوصى بمنصب نائب رئيس لأبناء دارفور.. وترك منح صفة «إقليم واحد» لأهل المنطقة ليقرروا بشأنه

TT

أوصى ملتقى سوداني لإنهاء الأزمة في دارفور باسم «ملتقى أهل السودان» باعلان وقف اطلاق النار في دارفور ووقف العدائيات من جانب واحد، ودعا الحركات المسلحة في الاقليم الى اتخاذ الخطوة نفسها، كما اوصى بالافراج عن المعتقلين من ابناء اقليم دارفور، وتكليف الجهاز العدلية بمراجعة اوضاع المدانين في المحاكم من ابناء الاقليم، في اشارة بعيدة الى نحو 50 من عناصر حركة العدل والمساواة المسلحة في الإقليم جرت محاكمتهم في الخرطوم على خلفية إلقاء القبض عليهم بتهم الضلوع في الهجوم الذي نفذته الحركة في مايو (أيار) الماضي على العاصمة الخرطوم، وأسفر عن مقتل المئات من الطرفين.

وحول مطلب الاقليم الواحد في دارفور، أوصى التقرير بقبول ما يتفق عليه أهل دارفور في أمر الإقليم الواحد او الولايات المتعددة من خلال الحوار أو التفاوض أو من خلال الاستفتاء، وتلتزم معهم كل الأطراف بما يصلون إليه. ووافق الملتقى على منح دارفور منصب نائب الرئيس، لكنه رهن الأمر بموافقة شريكي الحكم «المؤتمر الوطني والحركة الشعبية» المحكومين باتفاق السلام بين الشمال والجنوب الذي أقر منصب نائبين للرئيس «نائب أول ونائب ثان». وتعليقا على ربط خلق منصب نائب الرئيس لدارفور بموافقة الحركة الشعبية وامكانية موافقة الاخيرة على الطلب، قال نائب الامين العام للحركة ومسؤول قطاع الشمال في الحركة الشعبية ياسر سعيد عرمان لـ«الشرق الاوسط» إن «ما طرح في هذا الخصوص هي مقترحات وبدائل قابلة للأخذ والرد على طاولة التفاوض»، واضاف ان الحركة الشعبية ستشارك في تداول كل ما من شأنه ان يؤدي الى حل المشكلة، ولكن ليس على طريقة «العطاءات»، وقال ان المقبول بالنسبة للحركة هو ان تناقش كل الخيارات والبدائل الى ان يتم التوصل الى الاتفاق النهائي على الطاولة. وشدد عرمان على ان «كل ما سيتم التوصل اليه من حل لقضية دارفور هو حق دارفور وليس عطاء او منحة من اي احد».

وقال عرمان ان ملتقى اهل السودان وضع خيارات وبدائل هي في النهاية مطروحة للتفاوض، وشدد على ان المفاوضات لا تقبل القرارات الجاهزة وانما هي اخذ وعطاء ومن حق اهل دارفور ان يطالبوا بأي موقع مهما كان مستواه. وأوضح ان «المطروح الان في الملتقى ليس هو اعطاء هذا الموقع او ذاك من المناصب ولكن الملتقى القصد منه توفير الارادة السياسية الكافية للدخول في مفاوضات جادة بين الاطراف، وان يوفر الارضية التي تمثلت في مناقشة جذور المشكلة تمهيدا للوصول الى الحلول المرضية». وحسب عرمان فان عملية التفاوض يجب الا تكون من خلال أجهزة الاعلام، «لان ذلك سيخلق دعاية سياسية واستقطابا مع او ضد.. وهذا سيضر بالعملية التفاوضية». ويخطاب الرئيس السوداني عمر البشير اليوم لقاء حاشدا بمناسبة انتهاء ملتقى أهل السودان، واعلن ان توصيات الملتقى تشكل ورقة تفاوضية للمشاركين فيه خلال مفاوضات الوساطة العربية القطرية المقرر انعقادها في العاصمة القطرية الدوحة قريبا. واجيزت توصيات الملتقى في جلسة حضرها البشير ونائبه علي عثمان محمد طه استمرت لاكثر من خمس ساعات بقاعة الصداقة بالخرطوم.

وجاء الملتقى بمثابة خطوة اولى لتنفيذ مبادرة اطلقها الرئيس البشير اثناء زيارة اخيرة له الى دارفور لإنهاء الازمة في الاقليم اسماها مبادرة اهل السودان. وشارك في الملتقى خلال اعماله، التي امتدت لأكثر من ثلاثة اسابيع «حزب المؤتمر الوطني الحاكم، والحزب الاتحادي الديمقراطي بزعامة محمد عثمان الميرغني، وحزب الامة بزعامة الصادق المهدي، فيما قاطع الملتقى قوى معارضة اخرى رئيسية مثل «الحزب الشيوعي بزعامة محمد ابراهيم نقد، والمؤتمر الشعبي المعارض بزعامة الدكتور حسن عبد الله الترابي»، فضلا عن الحركات المسلحة الرئيسية في اقليم دارفور مثل العدل والمساواة، وتحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور. ودعا الملتقى إلى اعلان وقف العدائيات بكل صورها ووقف اطلاق النار من جانب واحد ودعوة الحركات الدارفورية المسلحة لوقف اطلاق النار وكل أشكال الأعمال العدائية ومطالبة الوسيط الدولي بحكم تكليفه للمعاونة في تحقيق السلام المبدئي اللازم لبدء المفاوضات مع افساح المجال للقوات الأممية المشتركة لتلعب دورها في إيقاف العدائيات وتأمين مسيرة السلام. واوصى الملتقي باطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين من مواطني دارفور وتكليف الجهات العدلية بمراجعة أوضاع المدانين في المحاكم إلى جانب إنشاء صندوق الديات لسدادها عن اولئك الذين تحول اوضاعهم الاقتصادية دون تمكنهم من قيامهم بواجبهم الشرعي والقانوني والعرفي والأهلي على ألا يستفيد من صندوق الديات القادرون حتى لا تضيع الحكمة والمبرر الذي لأجله فرضت الديات. واوصى الملتقى بإنشاء صندوق التعويضات و«جبر الضرر» ذلك لأنها حالة الشقاء التي يقاسيها النازحون واللاجئون ودعمهم وتيسير أمر عودتهم الطوعية وسد الحاجات التي تمكنهم من تعويض ما فقدوه والعودة الى ممارسة أنشطتهم العادية على أن تتولى إدارة صندوق التعويضات لجنة من أهل الثقة والمعرفة والخبرة والحيدة وان ينال المتضررون التعويضات الفردية والجماعية وتوفر للعائدين ضروريات الحياة ويمنح العائدون مقدما ماديا لمقابلة مستلزمات الترحيل ومتطلبات استعادة حياتهم.