بارود: تنسيق لبناني ـ سوري «بالحد الأدنى».. ولا تشكيل للجان أمنية مشتركة بين البلدين

نائب في الأكثرية يطالب بالاطلاع على نتائج مباحثات وزير الداخلية في دمشق

TT

باكورة ردود الفعل على زيارة وزير الداخلية اللبناني زياد بارود لدمشق اول من أمس، كانت اتصالا هاتفياً تلقاه رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان من الرئيس السوري بشار الأسد تناولا خلاله موضوع «الزيارة الناجحة التي قام بها بارود»، وشددا على «ضرورة تفعيل العلاقات الثنائية على كل المستويات وفي كل المجالات».

لكن الاتصال بين الرئيسين لم يحل دون استعادة بعض اللبنانيين هواجس الوجود السوري في لبنان الذي كان قد انطلق مع «لجان التنسيق» ليتحوّل بعد اتفاق الطائف الى وصاية كاملة. وكرّست الاعترافات المتلفزة لعناصر من تنظيم «فتح الاسلام» هذه الهواجس، فأثارتها قوى سياسية محسوبة على الاكثرية. وفي هذا السياق يقول نائب عاليه هنري حلو لـ«الشرق الاوسط»: «كمبدأ عام نحن مع فتح العلاقات الدبلوماسية وقنوات الاتصال لمناقشة المواضيع الخلافية بين الجانبين السوري واللبناني. لكن الاعترافات المتلفزة التي سبقت الزيارة تبعث على الشك في النيات السورية، لا سيما لجهة توقيتها. كان يمكنهم انتظار الوزير بارود واطلاعه على الامر للتأكد منه وبحث الامر معه. لكنهم لم يفعلوا ذلك وانما عرضوا قصة غير منطقية عن تمويل لأعمال ارهابية يقوم بها تيار معتدل مهدد من الارهاب كونه يمثل الديمقراطية». ويضيف: «اما عن لجان التنسيق الامني فهذا زمن ولى. يجب اعادة النظر في المجلس الاعلى السوري ـ اللبناني والاتفاقات التي عقدها. كذلك علينا ان نطلع على جدول الاعمال الذي أسفرت عنه الزيارة لنعرف الى أين نسير. هناك أسئلة عديدة تتعلق بنية النظام السوري حيال لبنان».

الا ان بارود سارع الى تبديد الهواجس وأكد في حديث إذاعي ردا على سؤال عن سبب تشكيل اللجان والخشية من استعادة المرحلة السابقة، أنها «لجنة متابعة مهمتها البحث في أفضل ما يمكن ان نعتمده من سبل لإعادة التواصل بين الوزارتين». ولفت إلى أن «مجلس الوزراء عندما قرر في 3/11/2008 الموافقة على تلبية الدعوة، كان واضحا أن الزيارة لإعادة التواصل في سورية بين الوزارتين بالحد الأدنى، وأعتقد أنه هذا الحد الأدنى». وأوضح أن «لا تشكيل للجان أمنية، ولا لجان مشتركة كما في السابق، والمسألة متروكة لمجلس الوزراء في النتيجة».

وأضاف:»لجنة المتابعة التي شكلت، لها طابع إستشاري بإقتراح أمور معينة وإنجاز الاجتماعات. بهذه الطريقة نعيد التواصل، ولكن هذه اللجنة لن تباشر عملها إلا بعد موافقة مجلس الوزراء في كلا البلدين. وإذا كان هناك أي ملاحظات على الموضوع، أتمنى أن أسمعها في مجلس الوزراء، فهو المكان الصحيح لمناقشة هذه الأمور، وإذا كان هناك أي تحفظ لدى أحد أو أي مخاوف، فلتطرح وتناقش ونتخذ في شأنها القرارت المناسبة». واعتبر أنه «من غير المفيد أن يكون أحد في لبنان غير مرتاح لإعادة التواصل بين وزارتي الداخلية اللبنانية والسورية. زيارتي لا تخرج عن السياق الذي حدد لها في لقاء الرئيسين سليمان والاسد، ولا تخرج إطلاقا عما قرره مجلس الوزراء. وهذا واضح جدا في البيان الختامي».

ونفى بارود استبعاد ملف المفقودين في سورية. وأشار الى ان «الحديث في هذه القضية اقتصر على دور وزارة الداخلية ومساعدتها» والى «وجود لجنة مشتركة تتولى الموضوع وتم تفعيلها بعد زيارة سليمان، وهي معنية مباشرة به ولا ترتبط بوزارة الداخلية».

وعما بثه الإعلام السوري من اتهامات لقوى سياسية لبنانية أجاب: «هذا الموضوع لم يكن أساسيا على طاولة البحث، بل استجد بعد تعيين موعد الزيارة، ولكن تم التطرق إليه وكان موقف الجانب اللبناني واضحا جدا. وذكر في البيان الصحافي أنه، وبناء لطلب الجانب اللبناني، نريد تبادل المعلومات المتوافرة ومتابعتها، والقضاء اللبناني وضع يده على هذه المسألة».

وأشار إلى أن «الزيارة ليست غاية بذاتها بل هي محطة أولى في اتجاه إعادة التواصل، وكان الجو إيجابيا جدا من ناحية الإخوان السوريين. ويجب أن يتابع الموضوع في لبنان كما في سورية، لكن في لبنان يجب أن يتابع من خلال مجلس الوزراء بالدرجة الأولى، ونعرض اقتراح تشكيل لجنة المتابعة هذه، وإذا أخذ مجلس الوزراء قراره نسير في اتجاهات تبحث في أفضل السبل على مستوى مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود».

وقد اعتبرت قوى المعارضة أن زيارة بارود إلى سورية خطوة ايجابية، لا سيما على الصعيد الأمني. لكن مع بعض التمايز في المواقف. فقد اعتبر نائب المتن الشمالي في كتلة «التغيير والاصلاح» سليم سلهب ان لبنان لا يستطيع ان يستغني عن التنسيق مع سورية. وقال لـ«الشرق الاوسط»: «اللجان التي تألفت من المدير العام للأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي والمدير العام للأمن العام العميد وفيق جزيني، تدل على ان التنسيق يتعلق بالحدود والتهريب والتنقلات. وهذا أمر مطلوب. كما ان تصريح الوزير بارود يبعث على الاطمئنان. الا ان البعض خائف. والتجارب السابقة تفرض ان نكون حذرين. لكن الايجابيات موجودة والآمال معلقة على الرئيس سليمان وحكومة الوحدة الوطنية لنسير خطوة خطوة وبشكل مدروس».

اما عن توقيت بث اعترافات «فتح الاسلام» تلفزيونيا، فيقول سلهب: «في الاساس هناك اتفاق قضائي بين لبنان وسورية. وبالتالي كان مفروضا تنسيق المعلومات المتعلقة بفتح الاسلام. حينها كان بارود سيعود من زيارته بهدية حلوة. فيتم البحث في القضية بين الجانبين ليصار بعدها إلى الإعلان عن نتائج التحقيقات فلا تبقى مثار جدل وتسبب الضرر للبنان».

رئيس الحكومة السابق سليم الحص اعتبر «أن تطوير العلاقة الاخوية بين البلدين الشقيقين إنما يصب في مصلحة الشعبين كما في المصلحة العربية العليا». كما تمنى ان «تتكثف اللقاءات بين الوزراء في البلدين بما يكفل تنمية العلاقات المتبادلة».

نائب حزب الله حسين الحاج حسن قال بعد لقائه رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ان «أي تعاون في جميع المجالات بين لبنان وسورية هو عمل إيجابي ومطلوب، ما يعني الخوض في المجال الأمني، لأن أمن لبنان وأمن سورية مترابطان في شكل أو آخر».

عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت أعطى الأولوية لـ«تشكيل لجنة تقصي حقائق عربية في موضوع فتح الإسلام». وطالب بـ«وضع كل الأمور على الطاولة من دون أي تغليف سياسي». ورفض استغلال موضوع «فتح الإسلام». كما استنكر ظهور المتهمين على شاشة التلفزيون السوري وكأن الهدف هو تشكيل ضغط على لبنان.

وأوضح ان قضية «فتح الإسلام» هي في عهدة لجنة التحقيق الدولية، لارتباطها بجريمة عين علق، إضافة إلى شك كبير في علاقة هذا التنظيم باغتيال الوزير بيار الجميل، «وبالتالي هناك تحقيق دولي يجب على كل الفرقاء التعاون معه. ونحن ننتظر لنرى ماذا سيفعل النظام الأمني السوري في هذا الاتجاه».

ويشكك عضو اللقاء الديمقراطي النائب انطوان سعد في النيات السورية تجاه لبنان واعتبر «ان اي تشكيل للجان امنية مشتركة او غير امنية، هو بمثابة العودة للنظام الامني السوري من الشباك بعد خروجهم من الابواب في نيسان 2005».

عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني اعتبر ان «ما ظهر على التلفزيون السوري هو اعتداء متلفز وملفق»، و«كأن النظام السوري يريد وضع القواعد والسقف الأمني الذي يجب ان يتحرك لبنان من خلاله». وعبر عن «خيبة أمل وإحباط من نتائج محادثات وزيري الداخلية اللبناني والسوري، بسبب تجاهلها موضوع المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية». وأبدى تخوفه من ان «تعيدنا اللجان الأمنية المشتركة إلى العهد السابق حين كان المسؤول السوري يأمر والمسؤول اللبناني ينفذ».