مساومات بين بوش وأوباما في البيت الأبيض: إنقاذ صناعة السيارات مقابل اتفاقية مع كولومبيا

الرئيس المنتخب كان يأمل لقاء قادة مجموعة الـ20 الاقتصادية.. لكنه لا يريد إحراج الرئيس الحالي

TT

تسربت في واشنطن بعض التفاصيل حول اللقاء المغلق الذي عقد اول من امس في المكتب البيضاوي بين الرئيس الأميركي جورج بوش والرئيس المنتخب باراك اوباما في وقت اعلن فيه ان اوباما لن يلتقي مع احد من قادة الدول الذين سيشاركون في قمة اقتصادية ستنعقد في واشنطن في نهاية الأسبوع.

وكان اللقاء دام ساعتين بين بوش واوباما، وتبين ان هناك مساومة جرت بينهما حول مسألتين. فقد طلب اوباما من بوش مساعدة عاجلة من طرف الادارة الاميركية لانقاذ صناعة السيارات التي تمر باسوأ أزمة منذ عقود خاصة شركة «جنرال موتورز» التي هوت أسهمها في البورصة الى الحضيض وهو ما لم يحدث منذ 60 سنة، وبالمقابل طلب بوش من اوباما ان يكف الديمقراطيون في الكونغرس عن معارضة معاهدة التجارة الحرة مع كولومبيا والتي يتحمس بوش لها بشدة ويريد التوقيع عليها قبل ان يغادر البيت الابيض.

وتأمل إدارة بوش ان يقر الكونغرس الاتفاقية عندما يستأنف اشغاله الاسبوع المقبل. وقال روبرت غيبس المتحدث الصحافي باسم اوباما للمراسلين «طرح الرئيس المنتخب الأزمة التي تواجه صناعة السيارات على الرئيس بوش والحاجة الى اجراءات عاجلة» وكانت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب وهاري ريد زعيم الاغلبية في مجلس الشيوخ طالبا بتوسيع نطاق خطة الانقاذ التي رصدت لها 700 مليار دولار لتشمل شركات تصنيع السيارات. ورفض البيت الابيض رسمياً ان يؤكد او ينفي المعلومات التي تسربت حول لقاء بوش واوباما.

وكانت دانا بيرنو المتحدثة الصحافية باسم البيت الابيض قالت في وقت سابق، إن وزير الخزانة هنري بالسون سيراجع مجدداً خطة الانقاذ، لكنها قالت ايضاً إن على الكونغرس ان يحدد الصناعات المؤهلة للمساعدة. واشارت الى ان اولويات البيت الابيض هي المصادقة على اتفاقية التجارة الحرة مع كولومبيا. وتطرق الاجتماع المغلق بين بوش واوباما كذلك الى الحرب في العراق وافغانستان والأزمة المالية. وكان الرجلان وصف محادثاتهما بانها «ودية وبناءة ومريحة» بيد انهما لم يتطرقا الى تفاصيل ما جرى بينهما.

واحتفل باراك اوباما امس في شيكاغو مع مجموعة من معطوبي الحرب بمناسبة يوم «قدماء المحاربين». ورافق اوباما في الاحتفال تامي دكورث الذي سبق وان اصيب في حرب العراق ويعمل الآن في ولاية الينوي (ولاية اوباما) في مجال رعاية معطوبي الحرب. وقال مساعدو اوباما انهم لا يتوقعون الاعلان عن اسماء لشغل مناصب حكومية هذا الاسبوع. ويتشاور اوباما عدة مرات في اليوم مع جون بوديستا رئيس لجنة الفريق الانتقالي وكذا رام ايمانويل الذي عين رئيساً لموظفي البيت الأبيض حول الانتقال السلس للسلطة. وأوضحوا ان ليس في برنامج اوباما اللقاء مع قادة 20 دولة سيجتمعون يوم الجمعة المقبل في واشنطن لبحث الأزمة الاقتصادية العالمية، وأشاروا إلى انه سيقضي الأسبوع بأكمله في شيكاغو.

وقال روبرت غيبس للمراسلين في شيكاغو «باراك اوباما مهتم جداً بالمؤتمر ويظن انها فكرة جيدة (فكرة اللقاء مع القادة المشاركين في القمة الاقتصادية) لكن، نحن لدينا رئيس واحد فقط الآن وتقدم لنا تقارير حول ما يحدث لذلك لن يشارك في القمة، لكن هناك احتمال ان يشارك بعض مستشاري اوباما في المؤتمر».

الى ذلك نسب الى مستشارين للرئيس المنتخب قولهم إن الادارة الجديدة تسعى لوضع استراتيجية اقليمية جديدة للحرب في افغانستان، بما في ذلك اجراء مفاوضات مع ايران ومواصلة الحوار بين الحكومة الافغانية والعناصر التصالحية في حركة طالبان وربما التخلي عن دعم الرئيس الافغاني حميد كرزاي.

وقال هؤلاء المستشارون في تصريحات نقلتها امس صحيفة «واشنطن بوست» إن باراك اوباما سيعمل على اعتقال زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، وهي مسألة تشكل له اولوية بعد ان فشلت إدارة الرئيس جورج بوش في تحقيق هذا الهدف. كما ان اوباما سيبادر الى نشر مزيد من القوات الاميركية في افغانستان، وهو اجراء يتوقع ان يحظى بتأييد عدد كبير من العسكريين في البنتاغون الذين يريدون رفع عدد القوات المقاتلة هناك. ويقول البنتاغون إن عدد الجرحى والقتلى الاميركيين بلغ أعلى معدل له منذ ان بدأت الوجود الاميركي هناك عام 2001، كما تزايدت هجمات حركة طالبان. وفي السياق نفسه قال تقرير بثه «ناشونال بيليك راديو» (إن بي آر) إن من بين الخيارات المطروحة والتي قال بها مستشارون عسكريون للرئيس المنتخب هو التشاور مع الاوروبيين حول الشخصية التي يمكن ان تعوض الرئيس الافغاني حميد كرزاي في حالة ما إذا تخلت عنه واشنطن، وعلى الرغم من ان كرزاي يعتزم المشاركة في انتخابات رئاسية ستجري العام المقبل في افغانستان لكن التقرير يقول إن تخلي واشنطن عنه سيضعف حظوظه في الفوز، خاصة أن الأوروبيين يعتقدون انه رئيس ضعيف وغير فعال. ويقترح بعض القادة الاوروبيين وقادة حلف الناتو أن يختار مجلس القبائل الرئيس الافغاني الجديد، وان يتم تغيير طريقة انتخاب الرئيس الافغاني، وهي فكرة ظلت وزارة الخارجية الاميركية خلال سنوات الادارة الحالية ترفضها، وقال التقرير إن من بين الخيارات التي يطرحها مستشارو اوباما ان تكون للرئيس الافغاني الجديد علاقات جيدة مع المعتدلين من حركة طالبان وكذلك مع كل من باكستان وايران.

ويقول المستشارون إن توجه أوباما للقضاء على تنظيم القاعدة لا يعني انه سيهمل الحرب في افغانستان. وكان اوباما دعا خلال حملته الانتخابية الى نشر ثلاثة ألوية من القوات الاميركية المقاتلة في افغانستان، وهي مسألة كان اقرها الرئيس الاميركي جورج بوش على اساس ان تتم في الربيع المقبل وبعد سحب قوات اخرى من العراق.

ويرى مستشارو أوباما أهمية استمرار العمليات الاميركية ضد قوات طالبان الموجودة داخل الاراضي الباكستانية، مع اشارتهم الى ان الحرب ضد المتطرفين بدأت عام 2001 وعلى الرغم من ذلك لم تستطع القضاء على تنظيم القاعدة، وقال أحد هؤلاء المستشارين «القاعدة وبن لادن هم اعداؤنا ويجب أن يبقى هدفنا الرئيسي».