قصة المحاكم الإسلامية والقراصنة مع ميناء هرارديري

TT

للمحاكم الإسلامية قصة تستحق أن تروى مع مدينة وميناء هرارديري التي تعتبر أبرز قواعد القراصنة الذين يهاجمون السفن التي تعبر المحيط الهندي قبالة السواحل الصومالية.فالمدينة التي تقع على بعد 300 كيلومتر شمال العاصمة الصومالية مقديشو وأقل من 30 كيلومترا من الشاطئ، كانت معقلا لتنظيم المحاكم الإسلامية في عز قوته وصعود نجمه السياسي والعسكري عندما سيطر على العاصمة مقديشو وبعض المدن الأخرى، قبل أن تنجح القوات الإثيوبية الداعمة للسلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس الصومالي عبد الله يوسف في إلحاق هزيمة نكراء ومفاجئة بميليشيات التنظيم أجبرته على الانسحاب وهروب معظم قياداته إلى خارج البلاد.

ونجحت المحاكم الإسلامية في فرض سيطرتها على المدينة بسهولة وتمكنت في أيام قليلة من تحجيم نشاط القراصنة بعدما أعلنت أن عهد قطاع الطرق والقرصنة قد ولى، وأن بإمكان الناس كسب عيشهم من خلال الصيد أو أي نشاطات أخرى ولكن ليس بالقرصنة.بإمكانيات عسكرية محدودة وبسيطة للغاية عبارة عن ثماني سيارات نصف نقل مزودة براجمات صواريخ وأسلحة ثقيلة وبسرية مكونة من مائتي عنصر كان الكلاشنيكوف هو تسليحهم الرئيس، بسط الإسلاميون سيطرتهم على كافة أنحاء المدينة ومشطوا شوارعها التي اختفى منها القراصنة فجأة وفى لمح البصر. آنذاك كان كبار مسؤولي المحاكم الإسلامية يدركون خطورة استفحال واستشراء خطر عمليات القرصنة على سواحل الصومال وأنها ستجلب أيضا أساطيل الدول الغربية للدفاع عن حرية الملاحة البحرية الدولية في تلك المنطقة.

كان هذا تحديدا هو آخر ما يريده الشيخ حسن طاهر أويس الرئيس الحالي لتحالف المعارضة الصومالية، أو تلميذه السابق الشيخ شريف شيخ أحمد الذي انشق عن التحالف وأسس جبهة مناوئة في جيبوتي للمضي قدما في مفاوضات السلام مع السلطة الصومالية بعدما تم تجريده من مواقعه كرئيس للتحالف ولتنظيم المحاكم الإسلامية. ولهذا راح كبار قادة المحاكم الإسلامية قبل السقوط المزري على أبواب مقديشو، يتوعدون ويهددون القراصنة وغيرهم، بأن أي شخص يشتبه في مساعدته القراصنة أو بالعمل معهم ستتم معاقبته وفق مبادئ الشريعة. «سندمر القراصنة ونقضي عليهم».

السكان الذين كانوا تحت رحمة القراصنة، تنفسوا أخيرا الصعداء وبات بمقدورهم ممارسة نشاطاتهم اليومية بشكل اعتيادي من دون التعرض لسطوة القراصنة المسلحين أو خشية تعرضهم لأذى مقابل الإرشاد عنهم. الآن عاد القراصنة مجددا لتبوؤ مقعد القيادة في مدينة منكوبة في دولة غارقة في الفوضى السياسية والأمنية العارمة وتفتقر منذ عام 1991 إلى وجود سلطة قوية قادرة على وقف نشاط القراصنة أو غيرهم.