ازدياد الانقسام داخل وكالة الطاقة حول عون فني لإنشاء محطة وقود نووي لسورية

الدول الغربية مازالت تعارض

TT

علمت «الشرق الاوسط» في ساعة متأخرة من مساء أمس، ان اجتماع اللجنة الفنية للتعاون التقني للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي ظل في حالة انعقاد متواصل، في جلسات صباحية ومسائية منذ الاول من امس، لم يصل بعد لقرار حول تقديم عون تطلبه سورية لدراسة جدوى لانشاء محطة وقود نووي، وذلك للاختلاف الحاد بين الدول الغربية التي تمانع منعا باتا في منح سورية ذلك العون، والدول النامية وروسيا والصين التي تؤيد موقف مدير الوكالة الدكتور محمد البرادعي، الذي يؤكد ألا خطورة في إنشاء سورية لتلك المحطة النووية بمساعدة الوكالة، وذلك رغم ان سورية تخضع لتحقيق دولي حول نشاطها النووي.

وتواصل اللجنة اجتماعها هذا الصباح، بمقر الوكالة الدولية بالعاصمة النمساوية فيينا، بعد ان تعثرت آخر محاولات تمت مساء امس لإجازة برنامج اللجنة كاملا، بما في ذلك الدعم للمحطة النووية السورية، مع تسجيل تحفظ الدول الغربية، الا ان تلك المساعي باءت بالفشل في اخر لحظة، كما اكدت لـ «الشرق الاوسط» مصادر من داخل الاجتماعات. مشيرة الى ان المواقف ماتزال متشددة. كل طرف في اتجاه، بسبب اختلافات سياسية بينة. وكانت اللجنة الفنية قد بدأت اجتماعاتها مع الدول اعضاء مجلس امناء الوكالة الـ 35 بغرض اجازة برنامج اللجنة الفنية للاعوام 2009 2011 -  وفيما تم الاجماع والموافقة على كل المشاريع المقدمة من الدول الأعضاء، الا ان مشروعا لإجراء دراسة جدوى لاختيار موقع لانشاء محطة وقود نووي، تقدمت به سورية، تسبب في إحداث انقسام واضح وقوي بين المجتمعين، بسبب اعتراض ومحاولات قوية تقوم بها الدول الغربية التي تتمتع بعضوية مجلس أمناء الوكالة، لحجب العون والتمويل عن ذلك المشروع السوري، الذي تقدر تكلفته بـ 350 الف دولار.

وماتزال دول الاتحاد الاوربي، برئاسة فرنسا، بالاضافة للولايات المتحدة وكندا واستراليا، تتمسك بموقفها الممانع لتمويل المشروع لانشاء محطة طاقة نووية بسورية، بدعوى ان الطاقة النووية ليس من الاولويات السورية، وان سورية لا تمتلك المقومات التقنية والفنية التي تؤكد مقدرتها على توفير الأمن اللازم لمحطة كتلك، اضف الى ذلك ان سورية تخضع لتحقيق وتحر وتفتيش من قبل الوكالة الدولية بتهمة سعيها لانشاء مفاعل نووي دون علم الوكالة. وان سورية لم تبد التعاون الكامل لتكملة تلك التحقيقات، وانها ماتزال تمانع في امداد الوكالة بكل ما تطلبه من معلومات، كما انها ماتزال تمانع في التصريح للمفتشيين الدوليين بتكملة مهمتهم، والسماح لهم بعمليات التفتيش التي يطلبون القيام بها. وذلك في اشارة لعمليات التحقيق التي تقوم بها الوكالة حول حقيقة مفاعل الكبر، بمنطقة دير الزور، شرق سورية، الذي دمرته اسرائيل في سبتمبر الماضي، بدعوى انه مفاعل نووي يهدد امنها. مؤكدة انها لن تسمح لسورية بأي نشاط نووي عسكري في جوارها. هذا رغم النفي السوري والتأكيد بان المبنى الذي تم تدميره مجرد مبنى عسكري مهمل، كما سبق لتصريحات سورية ان اشارت الى ان المبنى موقع اختبارات زراعية يتبع لجامعة الدول العربية. من جانب اخر، تبدي مجموعة دول عدم الانحياز، ومجموعة السبعة والسبعين والصين، التي يشار اليها اختصارا باسم «نام» بالاضافة لروسيا، الاعضاء بمجس امناء الوكالة، تأييدها القوي للمشروع السوري، مشددة على ان الاعتراض الغربي ما هو إلا لاسباب سياسية بحتة.. داعية لإجازة المشاريع جملة دون عرضها للتصويت الذي سيكسر من مبدأ الاجماع في القرارات المتبع في الوكالة الدولية. وكان الدكتور محمد البرادعي، مدير عام الوكالة، كما علمت «الشرق الاوسط» قد حذر في لهجة حادة وقاطعة الدول اعضاء الوكالة من تسييس عملها. داعيا للنظر بموضوعية وعلمية للمشروعات، التي تقدمت بها الدول الاعضاء، التي تطلب عونا تقنيا متعدد الاغراض. مذكرا ان حجب العون لأغراض سياسية سيرسل رسالة سلبية للدول النامية من اعضاء الوكالة، ما سيشجعهم على البحث عن تنمية برامجهم وطموحاتهم النووية السلمية بعيدا عن رقابة الوكالة. مذكرا ان التحقيق الذي تقوم به الوكالة بشأن سورية لم يثبت ادانتها. وان سورية بحكم القانون، ماتزال بريئة ما لم يثبت العكس. منبها بان الوكالة تحترم القانون، وتعمل كمجموعة دول وحكومات تحترم القانون، وليس وفقا لأهواء افراد وأشخاص. مضيفا ان هذا المشروع السوري لم يهبط امام الوكالة «فجأة عبر مظلة سقطت من السماء»، بل هو نتاج دراسة وتعاون وثيق وتنسيق، بين الوكالة وسورية، بدأ منذ العام 1979. منبها ان الوكالة تأخذ في الاعتبار كل الاحتياطات. مؤيدا تقديم العون لكل المشروعات السورية خاصة ألا سبيل سيسمح لسورية باساءة استخدام او استغلال تلك المحطة، لغير الاغراض التي تمت دراستها، خاصة ان الامر سيكون تحت رقابة الوكالة.

وتشير متابعات «الشرق الاوسط» الى ان الدول الغربية ماتزال تتمسك برأيها. مصرة الا ضرورة للاسراع في اتخاذ قرار حول هذا المشروع. راجية ارجاءه لحين انتهاء التحقيق من الملف النووي السوري، الذي سيتم تضمينه لاجندة مجلس امناء الوكالة في جلسته غدا. هذا فيما تشير معلومات الى ان البرادعي مايزال يحاول تقريب وجهات النظر للخروج بحل يرضي كل الاطراف دون تصويت، ومن ذلك تسجيل تحفظ الدول الغربية ما سيعني ضمنيا اقرار البرنامج كاملا.