هجمات مومباي تلقي بظلالها على العلاقات الهندية ـ الباكستانية

تأجيل مباحثات التطبيع.. وإسلام أباد مستعدة لمكافحة أي مجموعة إذا قدمت نيودلهي أدلة ضدها

TT

في أعقاب الهجمات الإرهابية التي ضربت مدينة مومباي، والتي تمثل مركزا تجاريا مهماً في الهند، تراجعت علاقات الهند مع باكستان بصورة ملحوظة، حيث أخبرت الحكومة الهندية الحكومة الباكستانية بتأجيل مباحثات ثنائية مهمة بين الدولتين كان من المقرر أن تقام في الأسبوع الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل في العاصمة الباكستانية إسلام آباد. وقد تكون العلاقات التطبيعية بين الهند وباكستان، والتي كانت تشهد تقدما في الحوار بين الدولتين، الشيء الأكثر تضررا من الهجمات التي ضربت مومباي. ويقول مسؤول بارز في مكتب الخارجية الباكستانية: «لمّحت الحكومة الهندية إلى أنها لن تكون قادرة على إرسال مسؤوليها إلى إسلام آباد للمشاركة في المحادثات التي تهدف لتحسين العلاقات التجارية والمباحثات الثنائية بغية حل النزاع القائم منذ وقت طويل حول حدود سير كريك». يذكر أن المباحثات الخاصة بالنزاع حول حدود سير كريك وقضية تحسين العلاقات التجارية، كانت جزءاً من حوار ثنائي بين البلدين بدأ عام 2004، بعد أن أكدت الحكومة الباكستانية التزامها بألا تستخدم أراضيها للقيام بعمليات إرهابية في الهند. ودخل الدبلوماسيون الباكستانيون والهنود في مباحثات ثنائية تناولت قضايا جادة من أجل تحسين العلاقات الثنائية بين البلدين ولحل النزاعات السياسية والعسكرية القائمة بين البلدين منذ وقت طويل. وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها الحكومة الهندية بتأجيل المباحثات الثنائية في أعقاب هجمات إرهابية على مدينة هندية، حيث قامت الحكومة الهندية بنفس الخطوة عامي 2006 و2007 عندما قام إرهابيون بهجمات على قطار ركاب في مدينة مومباي وقطار بين بنجاب الباكستانية والهندية. ولكن، يقول خبراء عسكريون ودبلوماسيون إن هناك علامات إيجابية في العلاقات بين باكستان والهند في أعقاب الهجمات الإرهابية الأخيرة في مدينة مومباي. ويقول أوداك باسكار، وهو محلل بارز في الشؤون الدفاعية في الهند ويقيم في نيودلهي: «تلك إشارة جيدة أن يتشاور رئيس الوزراء الهندي مع رئيس الوزراء الباكستاني في الوقت الذي ما زالت فيه عملية تطهير مدينة مومباي من الإرهابيين مستمرة. وقرر رئيس الوزراء الباكستاني أن يرسل رئيس الاستخبارات الداخلية الباكستانية للمساعدة في التحقيقات الخاصة بالعمليات الإرهابية». وأعلن مكتب رئيس الوزراء الباكستاني إن باكستان سوف ترسل ممثلا للاستخبارات الداخلية بدلا من مدير جهاز الاستخبارات أحمد شجاع باشا. وكان رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني قد ترأس اجتماعا خاصا لمجلس الوزراء الفيدرالي يوم السبت لمراجعة الموقف التي طرأ بعد اتهام الحكومة الهندية مباشرة بأن للإرهابيين الذين ضربوا مومباي علاقة بباكستان. وغيرت باكستان التي اشارت اليها جارتها الهند باصابع الاتهام في هجمات بومباي الدامية، بشكل مفاجئ امس موقفها وألغت زيارة الى الهند لرئيس اجهزة الاستخبارات كانت اعلنتها اول من امس للتعاون في التحقيق بالاعتداءات، ليحل محله ممثل عن هذه الاجهزة. ومن المقرر ان تدرس الحكومة الباكستانية التي عقدت «اجتماعا استثنائيا» امس، هذا الامر.

من جهته قال الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري امس انه سيتصرف بسرعة اذا اعطي اي دليل على تورط اي جماعات او افراد باكستانيين في هجمات شهدتها مدينة مومباي قتل فيها 195 شخصا. وقال زرداري لتلفزيون «سي.ان.ان ـ اي.بي.ان» بوصفي رئيسا لباكستان، فسأقوم اذا ظهر اي دليل على تورط اي فرد او جماعة في أي جزء من بلادي بأسرع الخطوات في ضوء الدليل وأمام العالم. وقال زرداري في مؤتمر صحافي إنه «ملتزم إلى أقصى حد بالقضاء على الإرهابيين» الذين قال إنهم «يهددونه ويهددون بلاده»، مضيفاً: «أنا مهدد من القوى نفسها، قد لا يكون الأشخاص هم أنفسهم، لكن القوى هي عينها وتمتلك التفكير ذاته». واعلن وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي امس ان بلاده على استعداد لمكافحة اي «مجموعة» متمركزة على ارضها اذا قدمت الهند دليلا على ضلوعها في هجمات مومباي. وقال الوزير خلال مؤتمر صحافي ان «السلطات الهندية لم تتهم حكومة باكستان. انها تشتبه وأشدد على انها تشتبه، في مجموعات قد يكون لها وجود في باكستان. وبالتالي فاننا نقول انه اذا كانت لديها معلومات او ادلة، فعليها ان تطلعنا عليها». وتابع انه «اذا كان احد ما او مجموعة ما ضالعة في هذا العمل الفظيع، فان حكومة باكستان ستتخذ اجراءات بحقها».