رحيل حسن ساتي.. الكاتب الصحافي السوداني.. وصاحب «آخر لحظة»

ظل يكتب زاويته حتى عدد أمس من صحيفته.. وكان أحد فرسان «الشرق الأوسط»

حسن ساتي
TT

انتقل الى جوار ربه في مستشفى «ساهرون» بالعاصمة السودانية الخرطوم الصحافي والمحلل السياسي السوداني حسن ساتي رئيس مجلس ادارة صحيفة «آخر لحظة» السياسية السودانية عن عمر يناهز الـ 60 عاما إثر علة في القلب، ظل يعاني منها لأعوام عديدة. ويقول ذووه إنه شعر في الثالثة بألم في صدره وذهب بنفسه الى المستشفى، ليفارق الحياة بعد ساعتين من دخولها.

وظل ساتي يكتب زاويته الشهيرة «سيناريو»، حتى عدد امس في الصفحة الاخيرة من صحيفته «آخر لحظة». وخصص سلسلة مقالات خلال الأيام الماضية حول الميزانية العامة للبلاد، التي تناقش هذه الايام في البرلمان السوداني. ويعد ساتي واحدا من كتاب صحيفة «الشرق الاوسط» منذ سنوات، الى جانب مسؤوليته عن إعداد الملفات الخاصة وصفحات الرأي. درس ساتي، وهو من ابناء شمال السودان، في كلية الصحة التابعة لجامعة الخرطوم، وبدأ حياته ضابطا للصحة في الخرطوم، في اوائل السبعينات من القرن الماضي، وفي الوقت ذاته كان يكتب متعاونا في الصحف السودانية في تلك الفترة في مجالات الرياضة والفن، واحيانا السياسية، بالتركيز على صحيفة «الأيام» المملوكة آنذاك لحزب الاتحاد الاشتراكي الحاكم في عهد الرئيس جعفر نميري. وانضم فيما بعد لصحيفة الايام وعمل في قسم المنوعات على يد الصحافي الراحل «طه الريفي»، وترقى الى ان تقلد منصب رئيس القسم السياسي.

ثم تولى في العام 1977 منصب نائب رئيس التحرير، وفي العام 1979 تولى ساتي منصب رئيس تحرير صحيفة الايام ورئيس مجلس ادارتها، وكانت في عهده الصحيفة الاولى مع نظيرتها صحيفة الصحافة. وبات قريبا من الرئيس جعفر نميري.

ويقول صحافيون مقربون منه تحدثوا لـ«الشرق الاوسط» إن ساتي هو اول من أدخل الاجهزة الحديثة في الصحافة السودانية، محدثا نقلة في شكل الصحافة. وفي عهده في صحيفة الايام، قام بتغيير في عمليات الطباعة مدخلا نظما جديدة، وأنشا اقساما استثمارية في الصحيفة ساهمت في ضخ اموال اضافية الى جانب الاعلان. ويقول مجايلوه من الصحافيين والنقاد في الخرطوم ان ساتي هو من ادخل الاسلوب الشاعري في كتابة التحليل السياسي، وينوهون الى انه كان لا يتردد في ايراد ابيات من الشعر في التحليل السياسي، فيما كان يبدو ذلك غريبا لدى الكثير من الصحافيين في ذلك الوقت، ولكن فيما بعد سادت الفكرة واصبحت ما يشبه المدرسة في الكتابة السياسية في الصحف السودانية. وخلال هذه الفترة شارك حسن ساتي في اعداد وتقديم جملة من البرامج الاذاعية والتلفزيونية، حيث شارك في اعداد برنامج «الكرسي الساخن» مع الاستاذ الصحافي احمد البلاد الطيب. وبعد تطبيق قوانين الشريعة الاسلامية في البلاد، ظهر ساتي، وهو محسوب في قائمة المقربين من الرئيس نميري، بآراء مناوئة للنظام الحاكم وانتقد المحاكم التي قامت بتطبيق قوانين الشريعة، ويقول مقربون منه ان تلك الآراء جلبت له عدة مشكلات مع نميري الذي كان قد وقع اتفاقات مصالحة مع المعارضين، خاصة الاسلاميين بزعامة الدكتور حسن الترابي، فحُجِّم دوره في الصحيفة اولا، قبل ان يعزله في الاشهر الاخيرة التي سبقت قيام الانتفاضة الشعبية ضد نميري ونظامه.

ومع ذلك جرى اعتقاله من قبل السلطة الانتقالية التي حكمت بعد نميري، ليفرج عنه بعد اشهر ويغادر الى القاهرة معارضا. وواصل كتاباته هناك في اغلب الصحف المصرية، منها: الاهرام، وروز اليوسف، وصحيفة «الخرطوم» السودانية، وظل مقيما مع اسرته هناك الى ان غادر الى السعودية، وعمل في صحيفة «المدينة» بجدة في منصب رئيس القسم السياسي، ثم تولى منصب نائب رئيس التحرير. ومنها توجه في منتصف التسعينات من القرن الماضي الى لندن وانضم الى صحيفة «الشرق الاوسط».

وبرز ساتي كاحد نجوم التحليل السياسي في القنوات الفضائية ووسائل الإعلام الاخرى، خلال وجوده في: القاهرة وجدة ولندن، بالتركيز على القضايا السودانية.

عاد الى الخرطوم في العام 2007 لأول مرة بعد اكثر من 19 عاما امضاها بشكل متصل خارج البلاد، ليشارك في اصدار صحيفة «آخر لحظة» التي يرأس مجلس ادارتها ويكتب فيها زاويته «سيناريو»، يوميا في الصفحة الاخيرة، وسيناريوا اسبوعيا في صفحات الداخل. ويعرف حسن ساتي بانه من محبي الادب، خاصة الشعر، كما انه يكتب الشعر، خاصة الغنائي منه، وله ديوان شعر تحت الطبع. وتغنى له المطرب السوداني الشهير كمال ترباس. يحب كرة القدم ويشجع ويتابع مبارياتها في السودان وخارجه بشكل لافت. ألف كتبا في المجال السياسي. وهو متزوج وله نجل واحد اسمه «وضاح» يدرس الآن في المرحلة الجامعية.