الشاذلي بن جديد: رؤساء الجزائر يقسمون على احترام الدستور ويفعلون العكس

تصريح الرئيس الأسبق فهم على أنه هجوم على تعديل بوتفليقة

TT

قال الرئيس الجزائري الأسبق، الشاذلي بن جديد، إن رؤساء الجزائر «يؤدون اليمين فيضعون أيديهم فوق المصحف ويقسمون بأن يحترموا الدستور، ولكنهم يفعلون العكس». وهو تصريح وصف بالقنبلة بدعوى أنه ينتقد ضمنا التعديل الذي أدخله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الدستور ليترشح لولاية ثالثة.

وتحدث الرئيس الأسبق بن جديد، نزولا عند رغبة بعض مجاهدي حرب التحرير (1954-1962)، أول من أمس بمدينة الطارف بشرق الجزائر، عن وقائع تاريخية لكنها لا تخلو من إسقاطات على أحداث سياسية لا تزال ساخنة مثل تعديل الدستور، الذي أتاح للرئيس بوتفليقة الترشح لولاية ثالثة كان الدستور الماضي يمنعها. وذكر بن جديد الذي حكم الجزائر من 1979 إلى 1992، أنه مارس الحكم مدة 12 سنة «وعشية أحداث أكتوبر (تشرين الأول) 1988 وصلت إلى قناعة؛ مفادها أن النظام ينبغي أن يرحل، وأنه لابد من التخلي عن التحجج بالشرعية التاريخية للبقاء في الحكم، وبالتالي ضرورة أن يسترجع الشباب تسيير البلاد حتى يمكنهم بناء المستقبل الذي يليق بهم».

واستمر خطاب الشاذلي ثلاث ساعات، وهو شيء غير مألوف لديه، فالرجل منزوٍ في إقامته بمدينة وهران (غرب الجزائر). ونادراً ما يظهر في لقاءات يحضرها عدد كبير من الأشخاص، مثل اللقاء الذي نظم بمدينة الطارف، والذي كان شبه تجمعٍ، حيث شارك فيه 1000 شخص بمناسبة الاحتفال بذكرى مرتبطة بحرب التحرير. واستقال بن جديد، 80 سنة، من الرئاسة في فبراير (شباط) 1992، مدفوعا من طرف ضباط نافذين بالجيش، حسب مذكرات وزير الدفاع الأسبق خالد نزار، حيث اتهموه بـ«التساهل مع الإسلاميين» الذي كانوا في تلك الأيام على عتبة الوصول إلى سدة الحكم، بفضل فوزهم الساحق في انتخابات البرلمان التي تدخل الجيش لإلغاء نتائجها. وتناول بن جديد الإصلاحات التي أعلن عنها قبيل «ثورة الشباب» التي وقعت في أكتوبر(تشرين الأول) 1988، والتي كان من أبرز تجلياتها إقرار التعددية الحزبية وإنشاء صحف خاصة بعد الأحداث، حيث قال ولأول مرة: «لقد أثارت إصلاحاتي حفيظة البعض في النظام، فقد كنت أريد إرساء نظام برلماني عن طريق العودة إلى الشرعية الشعبية، وإقامة الثقة بين الشعب وقيادته.. لكن منذ ذلك الوقت «يؤدون (يقصد الرؤساء المتعاقبين) اليمين حيث يضعون أيديهم فوق المصحف ويقسمون بأن يحترموا الدستور، ولكنهم يفعلون العكس». وقال الشاذلي إنه لا ينتمي إلى الرؤساء الذين تتوفر فيهم هذه الصفات. وهو تصريح، فهم من الحاضرين على أنه يتوجه مباشرة إلى الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة بالنظر للسياق الذي جاء فيه، حيث يأتي بعد أيام فقط من مصادقة البرلمان على تعديلات أدخلها بوتفليقة على الدستور تسمح له بالترشح لولاية ثالثة. وحديث عن النظام البرلماني هو انتقاد أيضا لتعديل الدستور الذي يكرس النظام الرئاسي في الحكم. ومن غير المتوقع أن يمر كلام الشاذلي دون أن يثير ردود فعل من جانب محيط رئيس الجمهورية، الذي سيقرأ موقفا كهذا على أنه ينخرط ضمن جبهة معارضة لتمديد بوتفليقة حكمه. ورد الشاذلي بن جديد على من يعيبون عليه صمته زمنا طويلا، حيث قال: «منذ أن غادرت السلطة فرضت على نفسي التحفظ. لقد تعرضت للشتم والقذف وسردوا عنِّي قصصاً كاذبة ولم أرد لأنني أؤمن ببعض القيم. وحان الوقت لقول الحقيقة لأنني ألاحظ اليوم احتكارا خطيرا للتاريخ والثورة وشرعيتها. إنني أدعو المؤرخين الحقيقيين إلى إظهار الحقيقة بكل حياد خدمة لمستقبل الجزائر وأجيالها».