قبول 300 طالب «صدري» في «الممهدون».. بشرط عدم حمل السلاح أو التدخل في السياسة

المشروع أعلنه الصدر لتثقيف «جيش المهدي» في مواجهة العلمانية في العراق

TT

بدأ عناصر من جيش المهدي، الجناح المسلح في التيار الصدري بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، برنامجا تثقيفيا تحت عنوان «الممهدون» بهدف إبعاد «المسيئين» وتخريج جيل مسلح بثقافة تناهض التيار العلماني في العراق.

ويقول الشيخ فريد الفاضلي المشرف على برنامج «الممهدون» في ناحية الرصافة (شرق دجلة) «تم تقسيم جيش المهدي الى (مقاومين مسلحين) يرتبطون مباشرة بالصدر وعملهم محصور ضد قوات الاحتلال بسرية تامة، وهناك (الممهدون) وهو مشروع ثقافي هدفه محاربة الفكر العلماني وسلاحه القلم والعلم». ويضيف ان مشروع «الممهدون» سينتشر في عموم العراق «ونظرية السيد الصدر ان البرنامج هدفه إبعاد المسيئين من التيار وسيكشف البرنامج الصالح من الطالح».

ويقول محللون ان الهدف من المشروع قيام حركة نظامية منضبطة على غرار حزب الله اللبناني الذي لا يخفي انصار الصدر اعجابهم به وتأييدهم له. وكان الصدر قد اعلن اعادة تنظيم واسعة للميليشيا الشيعية في يونيو (حزيران) الماضي. وقد ظهر جيش المهدي بعد اجتياح العراق عام 2003، ليتولى مقاتلة القوات الاميركية وليتحول بعدها تدريجا لاكبر قوة شيعية مسلحة. والبرنامج عبارة عن حلقات دراسية يتلقى فيها الطالب دروسا في الفقه والتاريخ وغيرها من العلوم الدينية فضلا عن الكومبيوتر والانترنت والقانون وعلم النفس.

وحددت الدراسة بأربع مراحل، كل واحدة مدتها ستة أشهر يحظى المتقدم فيها على درجة كلما أكمل إحداها. وتبدأ الدرجات بـ«المريد» ثم «الطالب» و«الصالح» وتنتهي بـ«المخلص». ويؤكد الفاضلي «قبول 300 طالب من بين ستة آلاف تقدموا حتى الآن للاشتراك في البرنامج وتم توزيعهم على ثلاثة مساجد توفر لهم مكانا للدراسة». ويشير الى ان قبول «هؤلاء يتم وفق ضوابط، تتضمن ملء استمارة تحوي 150 سؤالا بالاضافة الى تزكية من رجل دين وأحد الوجهاء، وبعد ذلك تحول استمارته (المتقدم) الى النجف للتأكد من أهدافه ويأتي بعدها القرار من هناك». ويتابع ان «90 في المائة من المتقدمين سيتم قبولهم (...) وأهم أمر تعهدهم عدم حمل السلاح والتدخل في السياسة». ويوزع زي موحد للمتقدمين مؤلف من قميص أبيض وبنطال أسود.

ويقول الفاضلي من مكتبه في وسط مدينة الصدر بينما يدقق في استمارات بعض المتقدمين، ان «المشروع غير محصور بالتيار الصدري، لكن الأولوية لجيش المهدي»، مشيرا الى «مشاركة أطفال ونساء»، حسبما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وحول الأساتذة الذين يتولون التدريس، يوضح «انهم أكفاء من الحوزة العلمية ممن لديهم باع طويل، بالاضافة الى اساتذة اكاديميين تم التعاقد معهم براتب قدره 150 ألف دينار (125 دولارا)». ويضيف «أخذت تعهدات منهم ألا يتدخلوا في الأمور السياسية».

ويتابع الفاضلي ان «الطلاب لا يتلقون رواتب، لكن، هناك تفكير في الامر (...) وسيكون للمتخرجين دور أساسي في المكاتب والهيئات». وفي مسجد الحكمة في وسط مدينة الصدر، يعكف الطلاب على الدراسة ضمن حلقات جلوسا على الارض حول رجل دين يلقي محاضرته بعد صلاة المغرب.

ويقول احد المسؤولين في المسجد «هناك مقاعد لكن الطلاب فضلوا الجلوس أرضا».

ويؤكد علي دعير (32 عاما)، وهو أحد أفراد جيش المهدي «في البداية لم أكن مقتنعا بترك العمل المسلح، لكن بعد التفكير أدركت أن السلاح ليس كل شيء والتسلح بالعلم شيء مهم».

ويضيف الشاب الذي شارك في معارك ضد الجيش الاميركي «ما دام قائدنا يدعونا للعلم فلا بد من التزام أوامره لأنه يقودنا الى الطريق الصحيح».

ويقول زميله هادي ابو حسن ان «المشروع سببه الكثير من الجهلة في الوقت الذي تنتشر فيه الثقافة الغربية العلمانية، كما يدعو الى محاربة الفكر العلماني والتسلح بالفكر العقائدي». ويتابع أبو حسن «اخترت التسلح ثقافيا فمسيرة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة». وتقضي خطة الصدر بالاحتفاظ بمجموعة صغيرة من المقاتلين تتولى محاربة قوات التحالف فيما يحول جيش المهدي بكامله لمنظومة ثقافية. ويضيف ان «الدورات ستؤدي الى ظهور شباب يكون مستعدا لتنفيذ مشروع الامام المهدي وإيصال أفكاره وأهدافه الى المجتمع تحت إشراف مكاتب الشهيد في بغداد وجميع المحافظات مستقبلا».

لكن بعض الصدريين لا يرون اهمية لدورهم إذا أوقفوا القتال ضد القوات الاميركية.

ويقول قيادي في جيش المهدي، رفض كشف اسمه «نؤيد مطالبة قائدنا مقتدى بانسحاب قوات الاحتلال من دون اتفاقية، لذا نؤيد بقاء المقاومة». ويضيف ان «برنامج (الممهدون) سيضيع جهودنا التي بذلناها خلال الجهاد ضد الاحتلال (...) نخشى حصول المحتل على معلومات عنا من خلال تسجيل أسمائنا في هذا البرنامج، لأنها وسيلة يمكن ان يصل اليها المحتل». وكان الصدر قد أعلن «تجميد نشاطات جيش المهدي» إثر مواجهات دامية مع أطراف شيعة وأمنيين في كربلاء أوقعت عشرات القتلى صيف عام 2007.

وجدد في فبراير (شباط) 2008 تمديد قرار التجميد الذي اتخذه في 29 أغسطس (آب) 2007 ستة أشهر اخرى قبل أن يقرر إعادة تنظيمه في يونيو (حزيران) الماضي.

وخاض جيش المهدي معارك شرسة ضد القوات الأميركية عام 2004 في النجف، كما واجه القوات الأميركية والعراقية في مدينة الصدر الربيع الماضي.