البرادعي: السياسة التي اتبعت حتى الآن مع إيران فشلت

قال إن هناك أملا في الحل الدبلوماسي إذا ناقشت واشنطن وطهران كل القضايا وليس الملف النووي وحده

TT

اعتبر محمد البرادعي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، المسؤولة عن مراقبة انتشار الأسلحة النووية، أن الجهود الأميركية والدولية على مدى خمسة أعوام والتي تهدف إلى تقويض الطموح النووي الإيراني قد منيت بالفشل، بينما تقترب طهران من الحصول على الوسائل التي تمكنها من تطوير أسلحة دمار شامل. ويقول البرادعي: «في الواقع، لم نتحرك مقدار بوصة واحدة تجاه معالجة القضايا، واعتقد أن السياسة التي اتبعت حتى الآن كانت فاشلة». ودعا البرادعي، وهو مصري (66 عاما) حصل على جائزة نوبل للسلام عام 2005، قادة العالم إلى التعامل مع وضعية أكبر من عدم الاستقرار تتعلق بالأمن والفقر والظلم البيّن بدلا من التركيز على مخاوف أمنية ضيقة، مثل الأسلحة النووية. وقال البرادعي في مقابلة وجها لوجه أجرتها معه صحيفة لوس انجليس تايمز في مقر الوكالة بفيينا: «في الوقت الحالي، أتحدث بصورة أكبر عن الفقر ومرض نقص المناعة البشرية». وأضاف أن القضية النووية عبارة عن الجزء الطافي من جبل الجليد. ومع ذلك، ما زالت الطاقة الذرية في بؤرة اهتمامات الوكالة، ويقول البرادعي إنه يشعر بالتفاؤل بشأن التوصل إلى تسوية نهائية تحت قيادة الولايات المتحدة بين طهران والغرب.

وقال إن الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما أعطاه «الكثير من الأمل» بعد أن أدرج مقترحا بالقضاء على كل الأسلحة النووية في برنامج الحزب الديمقراطي ودعا لفتح حوار دبلوماسي مع الخصوم. وأضاف مشيرا الى اوباما: «إنه مستعد للحوار مع مناوئيه وأعدائه، وإذا جاز القول، من ضمنهم إيران وكوريا (الشمالية)»، مشيرا إلى أن إدارة بوش كانت مترددة في القيام بذلك. وقال: «الاستمرار في الضرب بقوة على المنضدة وقول: أنا لن أتحدث معك، والتصرف بطريقة متعالية، يفاقم من المشكلة».

ويتهم بعض الدبلوماسيين الغربيين الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها لم تتحل بالحزم في تعاملها مع الطموحات النووية لبعض الدول مثل إيران وسورية وكوريا الشمالية. وينتقده آخرون متهمينه بالجنوح عن متطلبات منصبه بإسداء النصح للدول الغربية بالإضافة إلى تعليقات سياسية دون أن يطلب منه ذلك بدلا من التركيز على الأنشطة الهامة للوكالة، والمتمثلة في المراقبة والتفتيش على البرامج النووية للدول الأعضاء وكتابة التقارير لمجلس المحافظين بالوكالة. ويقول بعض الخبراء إنه يمشي على حبل انتقادات توجهها إليه كل من إيران ودول حليفة للولايات المتحدة، مثل إسرائيل. ويقول مارك فيتزباتريك، وهو خبير في رقابة الأسلحة في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في لندن: «من منظور غربي، فإنه كان متسرعا في تصديق بعض الأمور ذات الصلة بإيران وكان يجري تغييرات في تقاريره في بعض الأحيان بالصورة التي تقلل أحيانا من الانتهاكات التي تقوم بها إيران وضعف تعاونها». ولكن، حصل البرادعي على الكثير من التقدير لموقفه بشأن العراق الذي تبين صوابه، حيث أصر على أنه لم يكن لدى العراق برنامجا نوويا حتى مع وجود الانتقادات الأميركية. ويقول فيتزباتريك: «يكون تصرفه حسنا عندما يكون على رأس وكالة من الخبراء الفنيين، ولكن يتسم تصرفه بالسوء عندما يتجاوز المتطلبات الفنية للوظيفة وينغمس في هالة سياسية أكبر. وقد اُنتقد على أنه يحاول أن يصبغ على نفسه صبغة الوسيط».

ويرى البرادعي أن العقوبات قد تكون أدت إلى «تشدد بصورة أكبر في موقف إيران»، «فالكثير من الإيرانيين الذين لا يحبون النظام الحاكم يتجمعون حول النظام لأنهم يشعرون أن البلاد تحت الحصار».

ويقول البرادعي إن هناك املا في الحل الدبلوماسي اذا اجتمعت إيران والولايات المتحدة لتبدءا في محادثات لا تقتصر فقط على القضية النووية، ولكن الخلافات منذ الخمسينات من القرن الماضي عندما ساعدت الولايات المتحدة على الإطاحة بحكومة منتخبة ديمقراطيا، الى الوقت الراهن الحالي، حيث يخوض البلدان صراعا في الشرق الاوسط. ويروج البرادعي لـ«صفقة واسعة» بين الشرق والغرب تعترف بدور إيران في المنطقة وتعطيها «السلطة والهيبة والنفوذ» الذين تتوق إليهم. وحيث أنه مصري قضى أعواما عدة رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية يتعامل مع الطموحات النووية لإيران والعراق وسورية وليبيا، يقول: «استطيع التحدث معهم بنفس لغتهم، أفهم بعض أساطيرهم، مثل نظريات المؤامرة، والإحساس بالظلم». ولم يقبل البرادعي ما يقوله بعض المحللين الأميركيين الذين يصفون إيران بأنها تصر على الحصول على الأسلحة النووية لبدء حرب ضد عدوها اللدود: إسرائيل. ويقول: «عندما أذهب إلي إيران أرى... أن هناك مختلف الأشكال والألوان بدءا من الملحدين إلى المتعصبين دينيا، ولذا لا تختلف إيران عن أي دولة أخرى، أعني أنهم متصلون ببقية العالم».

ويرى أن الطريقة الأفضل لتجنب انتشار الأسلحة النووية يكون عن طريق بناء ثقة دولية.

خدمة لوس انجليس تايمز ـ (خاص بـ«الشرق الأوسط»)