الهاشمي يعرض التخلي عن منصبه مقابل إنهاء المحاصصة الطائفية في العراق

نائب الرئيس العراقي: البدائل الأخرى للاتفاقية كانت أكثر قتامة وأغلى كلفة وأبلغ خطرا

نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي خلال مؤتمر صحافي عقده ببغداد أمس (رويترز)
TT

قدم طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي، أمس، عرضا يقضي بان يتخلى وأعضاء حزبه عن مناصبهم مقابل تشكيل حكومة جديدة شرط ان يكون تشكيلها بعيدا عن نظام المحاصصة الطائفية، كما قال ان عملية الاستفتاء الشعبي المقرر اجراؤه على الاتفاقية الامنية التي ابرمها العراق مع الولايات المتحدة سيكون وسيلة «للتصويب والاصلاح».

وقال الهاشمي في مؤتمر صحافي في بغداد ان نظام المحاصصة الطائفية العراقية الذي اعتمده وتبناه النظام السياسي العراقي منذ عام 2003 حتى الآن «ثبت فشله لاحقا ولم يعد أمامنا الكثير من الفرص كي نضيعها ولا بد من التحرك سريعا بهذا الصدد». واضاف ان «التخلي عن خيار المحاصصة يتطلب التضحية والتغيير وإذا وجدت الاحزاب والكيانات السياسية حرجا في ذلك فأنا على استعداد للتخلي عن منصبي في الدولة ومعي اعضاء الحزب الاسلامي وجبهة التوافق أملا في إعادة تشكيل حكومة جديدة». ومضى يقول «أتمنى ان تلقى مناشدتي هذه صدى طيبا عند الآخرين وان لا يتأخروا كثيرا في ذلك».

ويرأس الهاشمي الحزب الاسلامي العراقي، وهو احد الكيانات التي تتشكل منها قائمة التوافق البرلمانية السنية ولها خمسة مقاعد في الحكومة اضافة الى منصب نائب رئيس الوزراء.

وكان نظام المحاصصة الطائفية والعرقية هو الاساس في أي تشكيل حكومي أو مؤسساتي او برلماني منذ سقوط النظام السابق في ابريل من عام 2003 وحتى الآن. وبحسب هذا النظام فان أغلب المناصب الحكومية ورئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان في العراق يتم تقاسمها حسب نسب معينة بين الطائفتين الشيعية والسنية على أساس طائفي اضافة الى الكرد على أساس قومي.

ورغم الانتقادات الموجهة الى طريقة تبني هذا النظام إلا انه ما زال يشكل الاساس في أي تشكيل حكومي او غير حكومي في العراق.

وقال الهاشمي ان عرضه «سيبقى قائما، لكنه سيكون بحاجة الى قناعة الآخرين أيضا... ومتى ما اقتنعوا به سأكون أول المبادرين لذلك.. على أمل تشكيل حكومة ليس على معيار المحاصصة الطائفية»، بحسب وكالة رويترز. الى ذلك، قال الهاشمي ان عملية الاستفتاء الشعبي المقرر إجراؤه نهاية يونيو (حزيران) المقبل على الاتفاقية الامنية سيكون وسيلة «للتصويب والاصلاح».

ووصف الهاشمي الاتفاقية بأنها لم تكن أفضل الحلول المطروحة بل الاقل ضررا.

وكان مجلس الرئاسة العراقي قد صادق يوم الخميس على الاتفاقية الامنية مع الولايات المتحدة والتي ستوفر الغطاء القانوني لوجود القوات الاميركية في العراق حتى نهاية عام 2011.

وقال الهاشمي «بقدر ما في الاتفاقية من مصالح راجحة فان فيها مفاسد والى جانب ذلك وردت نصوص مواد اختلفنا عليها نحن العراقيين لانها ببساطة جاءت متناقضة مع مشاريع المصالحة الوطنية».

وأضاف الهاشمي «لقد صادق مجلس النواب على الاتفاقية ليس باعتبارها الخيار الأمثل، ولكن لكونها الأقل ضررا بين بدائل اخرى، والأهم ما فيها جدولة الانسحاب وحماية الأموال العراقية وخروج القوات (الاميركية) من القصبات والمدن».

وصوت مجلس النواب العراقي بالأغلبية لصالح الاتفاقية الامنية الشهر الماضي رغم معارضة قوى وشخصيات برلمانية لم تكن كافية لعدم تبني الاتفاقية. وتضمنت الاتفاقية بندا يشترط اخضاعها الى الاستفتاء الشعبي يجري نهاية شهر يونيو (حزيران)، وهو التاريخ الذي تنص فيه الاتفاقية على انسحاب القوات الاميركية من القرى والمدن العراقية الى قواعد سيتم الاتفاق عليها لاحقا.

وقال الهاشمي ان «فرض شرط الاستفتاء العام وجعله جزءا لا يتجزأ من الاتفاقية.. ليس فقط للتعرف على تفاصيل الاتفاقية في وقت لاحق، بل لتدارك أمر خطير». واضاف «اذا وجدنا ان الأمور تمضي خارج اطار توقعاتنا فسوف نتداركها بإذن الله بالاستفتاء الذي سيبقى وسيلة للتصويب والاصلاح».

وقال الهاشمي اذا صوت الشعب العراقي ضد الاتفاقية فسيتعين على الحكومة العراقية ان «تلتزم بنتائج الاستفتاء وتنقل هذه الرغبة الى الادارة (الاميركية) وتعتبر الاتفاقية لاغية».

وبحسب الاتفاقية فان للطرفين العراق والولايات المتحدة الحق في الغاء الاتفاقية خلال فترة لا تتجاوز السنة. وقال الهاشمي «إذا صوت العراقيون بالرفض فان الاتفاقية سوف تنتهي بعد مرور سنة». وكشف الهاشمي عن ان الاتفاقية الامنية كانت مقترحا اميركيا وانها جاءت بسبب ان العراق كان مصرا على عدم إجراء أي تمديد جديد لقرار مجلس الأمن والذي يفوض القوات الاميركية بالبقاء في العراق واستبداله باتفاقية أمنية. وقال «صحيح ان الاتفاقية كانت قد عرضتها الولايات المتحدة ولكن الصحيح ان العراقيين كانوا يصرون منذ السنة الماضية على عدم تمديد قرار مجلس الامن واستبداله باتفاقية تنظم خروج القوات». واضاف «لقد كانت البدائل المطروحة الاخرى أخطر ... وأكثر قتامة وأغلى كلفة وأبلغ خطرا وأنا أقر ما كان ينبغي المصادقة على هذه الاتفاقية لو كانت الخيارات البدائل أفضل».

واشترطت الكتلة البرلمانية لقائمة التوافق التي ينتمي اليها الهاشمي على تمرير وثيقة سميت وثيقة الاصلاح السياسي تضمن تحقيق مطاليب طالما طالبت بها الكتلة مقابل تصويتها لصالح الاتفاقية.

وعلى صعيد متصل، تلقى عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي اتصالا هاتفياً من الرئيس الأميركي جورج بوش وبحثا الاتفاقية، بحسب بيان للمجلس.

وقال البيان إن الحكيم وبوش «بحثا أمس في اتصال هاتفي أهمية تقوية علاقات الصداقة والتعاون بين العراق والولايات المتحدة وبخاصة بعد إقرار مجلس النواب العراقي لاتفاقية انسحاب القوات الأميركية من العراق». وأضاف أن «الرئيس الأميركي شكر الحكيم على الدور القيادي المهم الذي لعبه ولا يزال لبناء العراق الجديد، وإعادته إلى وضعه الطبيعي والريادي في المجتمع الدولي».