وزيرة حقوق الإنسان: مشكلة سجوننا ليست التعذيب بل الازدحام

وجدان السالم لـ «الشرق الأوسط»: نشكل لجانا لتسلم المعتقلين

TT

كشفت وجدان السالم، وزيرة حقوق الانسان في الحكومة العراقية، عن قيام الجانبين العراقي والأميركي بتشكيل لجان تدرس وضع المعتقلين العراقيين لدى القوات الاميركية لغرض تسليمهم للسلطات العراقية، حسبما تنص عليه الاتفاقية العراقية الاميركية.

وقالت وجدان السالم لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بغداد، امس، ان «وزارة حقوق الانسان طلبت ان تكون لجنة حقوق الانسان في مجلس النواب (البرلمان) العراقي، ووزارتنا أعضاء في هذه اللجان».

جاء ذلك، فيما يشعر الجيش الأميركي بالقلق من اطلاق سراح معتقلين عراقيين، إذ قد يؤدي ذلك الى ان يجوب المسلحون الذين ازدادوا قسوة الشوارع مجددا وناشطو حقوق الانسان الذين يخشون العكس، وهو أن تنقل السلطات العراقية المعتقلين الى سجون عراقية وربما يتعرضون لتعذيب أو يعدمون. كنا نعد عددا من عائلات بعض المعتقلين بعملية تسليم المعتقلين العراقيين الى سلطات بلدهم.

وقال الميجر نيل فيشر المتحدث باسم عمليات الولايات المتحدة المتعلقة بالسجناء «يساورنا القلق من أننا في الغالب سنطلق سراح سجناء خطرين ليعودوا الى جماعات في العراق لم تسهم بشكل مباشر في مقتل أفراد من القوات العراقية وقوات التحالف فحسب، بل ايضا في (قتل) أعداد لا تحصى من المدنيين». وأضاف «كل سجين محتجز لدينا جاءنا لأنه يمثل تهديدا ملحا لأمن واستقرار العراق».

وأوضحت وزيرة حقوق الانسان العراقية، قائلة «ان اللجان العراقية الاميركية التي هي في قيد التشكيل حاليا ستدرس قضايا المعتقلين وتحيل من هم متورطون بارتكاب جرائم الى القضاء، بينما ستطلق سراح الذين ليست عليهم اية أدلة بتورطهم بارتكاب أية جريمة او معتقلين لأغراض احترازية»، مشيرة الى ان «هذه العملية ستتم بينما الموقوفون موجودون في المعتقلات الاميركية وسيطلق سراح السجناء من هناك مباشرة».

ونفت السالم ان «تكون هناك حالات تعذيب داخل السجون العراقية التي هي تحت اشراف وزارة العدل، ولجاننا تزور السجون لأكثر من مرة شهريا وتراقب اوضاع السجناء»، مشيرة الى ان «المشكلة الرئيسة التي تعاني منها السجون العراقية هي الازدحام، حيث قلة السجون، ومع اكتظاظ السجون، وخاصة سجن التسفيرات في الرصافة، فان الخدمات لا يمكن تقديمها بشكل طبيعي».

وعن مخاوف منظمات حقوق الانسان الدولية وعائلات أركان النظام السابق المعتقلين في سجن كوبر الأميركي قرب مطار بغداد الدولي، قالت وزيرة حقوق الانسان «حسب الاتفاقية فان جميع المعتقلين لدى القوات الاميركية سيتم تسليمهم الى السلطات العراقية، ولا توجد اية مخاوف على حياة المعتقلين، حيث كما اوضحت ان المتورطين بارتكاب جرائم ستتم إحالتهم الى القضاء وإطلاق سراح الآخرين، وليست هناك حالات تعذيب او اعدامات في السجون العراقية لا سيما وانه تم استحداث دوائر لحقوق الانسان في وزارات العدل والداخلية والدفاع للتنسيق معنا وإرسال التقارير الشهرية لوزارتنا ونحن على اطلاع مستمر حول اوضاع السجون والسجناء».

وأشارت السالم الى ان «مجلس القضاء يبذل قصارى جهده للنظر في القضايا المحالة الى الادعاء العام للتخفيف من الازدحام في السجون، وهذا الوضع سوف يتغير (ازدحام السجون) خاصة بعد افتتاح سجن الناصرية، كما ستتم إعادة تأهيل سجن ابو غريب كونه يتمتع بمواصفات دولية وهو سجن كبير وسيتسع للكثير من السجناء». ومن بين السلطات التي يفقدها الجيش الاميركي بموجب الاتفاقية الجديدة الحق في القبض على عراقيين لأجل غير مسمى ودون توجيه اتهامات.

وبحسب تقرير لوكالة رويترز، فان هذا يعني أنه سيكون على القوات الاميركية تسليم السجناء الذين يحتجزهم حاليا وعددهم بين 16 ألفا و17 الفا للسلطات العراقية بأسلوب نظامي.

وأطلق الجيش الاميركي سراح نحو 15 ألف سجين خلال العام المنصرم. وقال فيشر ان الجيش يعتزم الافراج عن 1500 آخرين كل شهر. وبالنسبة للمسؤولين الاميركيين يمثل هذا مصدر ازعاج. وسيعود آلاف السجناء وبعضهم مقاتلون سابقون من العرب السنة او أفراد ميليشيات شيعية الى الشوارع. ولا توجد أدلة كافية تسمح باستمرار احتجاز معظمهم. ولم يتسن الوصول الى القائد الاميركي المسؤول عن برنامج المحتجزين البريجادير جنرال ديفيد كوانتوك لإجراء مقابلة معه، لكنه صرح لصحيفة «يو اس ايه توداي» بأن المسؤولين يعملون جاهدين لوضع تكييف قانوني ضد السجناء الخطرين. وأضاف «سوف... نتأكد من بقائهم وراء القضبان».

وترى الجماعات المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان مفارقة قاتمة في المخاوف الاميركية من الاضطرار الى الافراج عن العراقيين الذين لا يملكون أدلة ضدهم. وتساءل مالكولم سمارت مدير برنامج الشرق الاوسط وشمال افريقيا بمنظمة العفو الدولية «لماذا هم محتجزون إذا كانوا لا يملكون أدلة كافية ضدهم». وأضاف «تشير أعداد الذين تم الإفراج عنهم الى أنه ربما لم تكن هناك أسباب جيدة لاحتجاز الكثير من هؤلاء الناس في المقام الاول... نحتاج الى عملية مضبوطة من القانون والنظام وهذا لا يعني احتجاز الناس من دون محاكمة».