الحكومة الأميركية تكشف روابط بين بنك «ميلي» الإيراني وأحد أفخم مباني نيويورك

واشنطن تشدد العقوبات على طهران.. ووقف صادرات إيران من زيت الوقود العام المقبل

TT

زعمت وزارة العدل الاميركية امس أن مصرفاً إيرانياً، ساعد على تمويل برنامج إيران النووي، يشترك سراً في ملكية مبنى واقع في الشارع الخامس في مانهاتن، احد افخم شوارع نيويورك. وربطت الوزارة بين بنك «ميلي» الايراني المحضور، وأحد فروع شركة «تشارلز شواب»، ومقهى أنيق بالاضافة الى متجر رئيسي لدار أزياء «جوسي كوتور».

وتسعى الوزارة إلى وضع يدها على حصة المصرف في المبنى والحسابات المتعلقة به، حيث تذكر أن 40 في المائة من مبنى رقم 650 في الشارع الخامس يملكها المصرف «ميلي» منذ حوالي عقدين. وكانت وزارة الخزانة قد اتهمت المصرف بأنه أحد الممولين الأساسيين لبرامج إيران النووي والصاروخية، وأنه مصرف قوات الحرس الثوري الإيراني وقوة القدس التابعة له، وهما على اتصال بجماعات تعتبرهم الوزارة «إرهابية». واستشهدت وزارتا الخزانة والعدل بمجموعة من الصفقات المزيفة المزعومة والرسائل الإلكترونية، على أن شركة «أسا»، التي تملك نسبة 40 في المائة من المبنى، مجرد شركة وهمية تمرر صفقات الإيجار عبر شركة ام في جزر القنال، قبالة السواحل الفرنسية، إلى بنك إيراني تملكه الحكومة الإيرانية بالكامل. وبموجب قوانين متعددة ومراسيم رئاسية، الحكومة الإيرانية والهيئات المتعلقة بها ممنوعة من ممارسة نشاط تجاري في الولايات المتحدة بدون تصريح من وزارة الخزانة الاميركية. وقال ستيورات ليفي، وكيل وزارة الخزانة للاستخبارات المالية والإرهاب: «يعتبر استخدام بنك ميلي شركة كواجهة لها، من أجل تمرير الأموال من الولايات المتحدة إلى إيران، إشارة جديدة إلى ازدواجية إيران». ويقول بيتر ليفينغستون، المحامي عن «أسا» إنه لم ير ملف دعوى وزارة العدل، ولكنه يعتقد أن به أخطاء. وأضاف: «إنه خطأ ترتكبه الحكومة. لا نعتقد أن ذلك دقيق على الإطلاق». وشيد المبنى الضخم المكون من 36 طابقاً، والواقع بالقرب من «متحف الفن الحديث»، في السبعينات من القرن الماضي من قبل مؤسسة «بهلوي»، وهي جمعية خيرية لا تستهدف الربحَ مرتبطة بشاه إيران السابق. وساعد بنك «ميلي» على بنائها بقرض تبلغ قيمته 42 مليون دولار. وتمتلك مؤسسة «علوي»، وريثة مؤسسة «بهلوي»، الـ60 في المائة الأخرى. وواجهت المؤسسة اتهامات متكررة بوجود صلات بينها وبين الحكومة الحالية في إيران. ولا توجه دعوى وزارة العدل اتهامات محددة ضد «علوي»، ولكنها تشير إلى أن المؤسسة كانت على علم بأن «أسا» مجرد واجهة مزيفة. وتزعم الحكومة أنه في عام 1989، عقدت مؤسسة «علوي»، التي كانت تعرف حينها باسم مؤسسة «مصطزفان»، شراكة مع «أسا» لتجنب دفع الضرائب على أرباحها من الإيجار. ونفى جون وينتر، المحامي عن مؤسسة «علوي»، أن تلك الشراكة عقدت من أجل تجنب دفع الضرائب. وأضاف أنه دافع بنجاح عن «علوي» خمس مرات من قبل ضد ادعاءات بأنها على صلة بإيران. وقال: «لا أدري إن كانت أسا تابعة لبنك ميلي أم لا. وأسا شريك تقوم بجمع شيكاتها فقط». ووفقا للدعوى الحكومية، لدى «أسا» في الولايات المتحدة موظف واحد فقط، وهو محمد تافتي، وهو مواطن ولد في الهند وحصل على الجنسية الإيرانية ووصل إلى الولايات المتحدة لأول مرة عام 1999. وأوردت الحكومة 13 رسالة إلكترونية يعود تاريخها إلى عام 2003، أرسلها تافتي إلى مسؤولين تابعين لبنك «ميلي» ذاكرا فيها تفاصيل الصعوبات التي تواجهه في إرسال الأموال، والصفقة غير الناجحة لبيع حصة «أسا» في المبنى. وتقول الحكومة إن الرسائل الإلكترونية توضح أن تافتي كان يرسل تقارير دورية لبنك «ميلي» حول تعاملات نشاط أسا التجاري، وكان أيضا يتبع تعليمات البنك.

وفي بعض الأحيان، يعرب تافتي عن خوفه من حقيقة أن أصحاب «أسا» بالاسم فقط يذكرون أن محل إقامتهم طهران. وكتب في رسالة تاريخها 2 يوليو (تموز) عام 2005 إلى رئيس قسم الفروع الخارجية في بنك «ميلي»: «في الوقت الحالي، يمنع حاملو الأسهم من أن يكون محل إقامتهم في إيران.. وربما تجمد الحكومة الأميركية رأس مال حاملي الأسهم». وما بين عامي 2000 إلى 2007، تم إيداع أكثر من 17 مليون دولار في أحد حسابات «أسا»، كما ورد في أوراق القضية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وضعت الحكومة يدها على 1.9 مليون دولار من حساب في مصرف «سيتي بنك»، و1.2 مليون دولار من حساب في «جي بي مورغان تشايس». وقالت وزارة الخزانة الاميركية انها تصنف الآن «أسا كورب» و«أسا كو ليمتد» على انهما شركتان تعملان لصالح بنك ميلي او نيابة عنه. واوضحت الوزارة ان «أسا» انشئت لحيازة حصة بنك ميلي في مبنى بنيويورك، مضيفة انها حولت اموال ايجار المبنى الى ايران. وتابعت ان تصنيفها لـ«اسا» واجهة لا يهدف الى التدخل في الاعمال او الانشطة الاخرى في المبنى، مضيفة ان المواطنين الاميركيين ليسوا ممنوعين من التعامل مع شركات او مستأجرين آخرين في المبنى. وتواجه ايران ازمة اقتصادية داخلية، بالاضافة الى تبعات العقوبات المفروضة عليها. وقالت مصادر بصناعة النفط امس ان ايران ستوقف على الارجح صادراتها الفورية من زيت الوقود في الربع الاول من عام 2009 مع سعيها لتلبية احتياجات الطلب المحلي على الوقود لتوليد الطاقة خلال فصل الشتاء. وذكرت المصادر أن شركة النفط الايرانية الوطنية التي تصدر عادة ما بين ثلاث وأربع شحنات من زيت الوقود شهريا بين يناير (كانون الثاني) ومارس (اذار) لن تعرض شحنات في السوق الفورية الا اذا تراجعت الاحتياجات المحلية.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مطلع على برنامج تصدير زيت الوقود: «لا يمكن أن نعرض شحنات فورية لان علينا تدبير احتياجاتنا لتوليد الطاقة في ايران خلال الشتاء». واضاف: «سنواصل الالتزام باتفاقات العقود طويلة الاجل ولن نفكر في مبيعات السوق الفورية إلا اذا لم يكن الشتاء قارساً وتراجعت الاحتياجات لتوليد الطاقة المحلية».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»