سجال بين السنيورة وبري خلال جلسة البرلمان اللبناني

حول إعادة بناء 220 قرية وعملية التنصت

TT

حافظ البرلمان اللبناني أمس على بعض من حيوية المناقشات النيابية للحكومة التي مثلت أمامه وهي تمثل كل فرقائه، وأكد رئيس البرلمان نبيه بري «أن البرلمان يبدو حريصا على الحكومة أكثر من الحكومة نفسها». ورغم بعض الحدة في السجالات انتهت الجلسة على توافق بين الحكومة والمجلس.

وأبرز ما تخللته الجلسة هو ما دار بين الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة. وقد قاطع بري رئيس الحكومة خلال رده متوجها إليه بالقول «ليس من عادتك أن تكون متشنجا هكذا»، فرد السنيورة «لا لست متشنجا أبدا فأنا مرتاح الضمير». وكان جواب بري «لم أعد أعرف ما إذا كان المجلس النيابي حريصا على الحكومة اكثر من الحكومة نفسها. نحن حريصون على نجاح الحكومة ونحاول بقدر استطاعتنا وأكثر أن نساعد ونؤازر فيما أنت تعطي المجال لانتقاد اكثر وانفعالات أكثر. وبكل أخوة استعملت مرتين تعبير إقفال وتعطيل المجلس النيابي وهذا الأمر سببه حكومة غير شرعية»، فقاطعه السنيورة قائلا «وجهة نظر»، فما كان من بري إلا القول «أنت تعرف أننا نحاول إزالة رواسب كل ما جرى بطريقة قانونية وشرعية. أما بالنسبة الى الهيئة العليا للإغاثة فأنا لم أسمع أياً من النواب قال إنها هيئة غير دستورية، وأساسا هي تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية ولم تكن تقوم بكل ما تقوم به حاليا. وكان بإمكانك أن ترضينا بجملة لجهة ما قلته حول ضرورة العمل للسعي للحصول على أموال لصالح المتضررين من عدوان تموز. وأخيرا عندما ننتقد لا أحد منا معصوم أو بعيد عن الخطأ، وأنت تعرف أن ما انتقده النواب بالنسبة الى أعمال وزارة الأشغال ولن أدخل في هذا الأمر لأنه غير شرعي برأيي، فأنا استشهد بوزير الأشغال وبسفير السعودية التي تبنت إعادة بناء 220 قرية. وذهب وفد والتقوه وهو أجرى اتصالا بالهيئة العليا للإغاثة ليتبين لاحقا أن الشيكات موجودة ولكنها لم تكن توزع على الناس من المستحقين، وكنت أتوقع منك ان تحاسب، لا القول بأنه ما من خطأ». وسأل بري السنيورة حول عملية التنصت على الهاتف مذكرا إياه بأنه لم يتلق منه جوابا. وقال: «نحن نريد حكومة تأسيسية للدفاع عن لبنان لأن الجنوبي عندما لم يجد من يحميه أنشأ المقاومة، والذي لا يحمي حدوده لا يستطيع الدفاع عن عاصمته».

وكانت مداخلة لرئيس كتلة المستقبل النائب سعد الحريري قال فيها: «عدوان تموز/ يوليو أدى إلى دمار شامل في الجنوب بلغت كلفته 1700 مليون دولار، وأن ما توافر من المساعدات من الدول العربية 1200 مليون جزء منها من السعودية ونحن نحتاج إلى 500 مليون دولار لاقتراضها لسد العجز»، داعيا إلى «التضامن داخل الحكومة والمجلس النيابي».

وأثنى النائب علي حسن خليل على كلمة الحريري لجهة التضامن، وقال: «السنيورة خلط بين الهبة السعودية لإعادة إعمار القرى وبين الوديعة السعودية، ونحن سمعنا من سفير السعودية ومن رئيس الهيئة العليا للإغاثة أن أموال المساعدة منفصلة عن الوديعة التي على أساسها استدانت الحكومة». ولفت إلى أن الأموال المتبقية من الهبة تكفي لإعادة الإعمار. فرد السنيورة قائلا: «هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق».

واعتبر خليل انه «إذا كان الكلام الذي يقوله السنيورة صحيحا فهذا يعني ان المشكلة كبرت كثيرا ولن تصغر»، وارتدى السجال طابع الحدة ما استدعى تدخلا من بري.

ومما جاء في رد رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة بالأمس على مداخلات النواب في نهاية الجلسة العامة للمجلس»: سأركز في مداخلتي على جملة من القضايا أبدأ أولا بمسألة العدوان الإسرائيلي وإزالة آثاره ودور الهيئة العليا للإغاثة. فبالنسبة الى ازالة آثار العدوان الإسرائيلي الذي تعرض له لبنان عام 2006، علينا أن نعي أننا أمضينا قرابة سنتين ونصف السنة بعد انتهاء الأعمال الحربية في السجال والاتهام... ولم يأت كل ذلك بالإفادة للمواطنين ولا ساهم في تمكين الدولة من أن تنجز عملها بفاعلية أكبر». واضاف: «كل الأموال والمساعدات التي حصلنا عليها، كانت قاصرة من جهة أولى عن تغطية كل النفقات والحاجات الضرورية لإكمال عملية الإغاثة وإعادة الإعمار ورفع الركام ومساعدة ذوي الشهداء والجرحى وغير ذلك من نفقات، وبالتالي فإن المبالغ المطلوبة لاستكمال أعمال الإغاثة وإعادة الإعمار وتقديم المساعدات لم تكن متوافرة إلا أن الغريب العجيب، أن الحكومة بعد أن قامت بكل هذه الجهود وسعت إلى تأمين الأموال والمساعدات وبادرت إلى تحمل المسؤولية والاستدانة من مصرف لبنان، بسبب تعطل مجلس النواب وعدم القدرة على تأمين الاعتمادات اللازمة، فان البعض، مازال يتجاهل كل هذا الجهد ويضرب بعرض الحائط كل المساعي المبذولة ويتهم ويوجه الاهانات ويطرح التشكيك». وقال: «...لقد أنشئت الهيئة العليا للإغاثة في ظروف اضطرارية بموجب قرار من مجلس الوزراء وقد أعطي القرار قوة القانون بموجب مرسوم اشتراعي أجاز لمجلس الوزراء تعديل صلاحياتها ومهماتها وتشكيلها. وقد تم توسيع هذه الصلاحيات بموجب قرارات لاحقة ومنذ سنوات طويلة بسبب الظروف الاستثنائية الطارئة التي مرت على البلاد على مدى العقود الثلاثة الماضية لمعالجة المشكلات التي سببتها الحروب والظروف الصعبة .. ولقد قامت الهيئة بمهماتها بالتعاون مع كل الإدارات الرسمية بما فيها وزارة الشؤون الاجتماعية ومجلس الجنوب وصندوق المهجرين ووزارة المهجرين. والكل يعلم أن الفترة الماضية تخللها الكثير من الاضطرابات ما جعل هذه الهيئة في حالة استنفار دائم لمعالجة هذه الأوضاع. إنه لولا وجود هذه الهيئة لما استطعنا أن نتصدى لكل المشكلات المعروفة بالسرعة المطلوبة.

واستغرب «الكلام عن هستيريا بيع الأراضي من الأجانب». ورأى ان «تضخيم الواقع بهذه الصورة أو تحويره يؤدي إلى تخويف اللبنانيين على نحو مصطنع ويرسل إشارة سلبية إلى إخواننا العرب والمستثمرين الأجانب الذين مازالوا يرغبون في توظيف أموالهم في لبنان». وشدد على أن الحكومة «تواصل عملها وجهدها في متابعة تنفيذ القرار 1701 خاصة لجهة استعادة السيادة على الجزء الشمالي من قرية الغجر وعلى مزارع شبعا المحتلة عبر السعي إلى تنفيذ ما لم ينفذ بعد من النقاط السبع التي سبق إقرارها والإجماع عليها في مجلس النواب ووزراء الخارجية العرب. كما أنه لم يغب مرة واحدة عن محادثات الحكومة في الزيارات واللقاءات في لبنان والخارج التشديد اللبناني على حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وإجماع اللبنانيين على رفض التوطين». ودافع عن اتفاق الطائف، «الذي قال البعض أنه جاء بقوة المدفع، هو حقيقة الذي أوقف المدفع، وقاد لبنان إلى السلام بعد أن دمرت الحرب كل مقومات وجود الدولة». وبعد جلسة المناقشة عقد المجلس النيابي جلسة قصيرة عين خلالها القضاة الخمسة الأعضاء في المجلس الدستوري (على أن تعين الحكومة لاحقا الخمسة الآخرين) وهم: أحمد تقي الدين وطارق زيادة وانطوان خير وانطوان مسرة وزغلول عطية.