رئيس وزراء الصومال الجديد: نطالب القراصنة بإطلاق الناقلة السعودية تقديرا لدور المملكة

منظمة «إيقاد» الأفريقية تتجه لتأييد إجراءات الرئيس يوسف الأخيرة.. وترفض إجراءات البرلمان

سفينة حربية بريطانية تغادر ميناء مومباسا الكيني لبدء عملها في حماية سفن برنامج الغذاء العالمي المتجهة الى الصومال (رويترز)
TT

علمت «الشرق الأوسط» أن بعثة تقصي الحقائق التي أوفدتها منظمة دول إيقاد (وسط وشرق افريقيا) إلى معقل السلطة الانتقالية في مدينة بيداوة جنوب الصومال، ستعلن خلال مؤتمر صحافي ستعقده خلال اليومين المقبلين في العاصمة الكينية نيروبي، تأييدها للخطوات التي اعلنها اخيرا، الرئيس الصومالي عبد الله يوسف، والتي عزل فيها رئيس وزرائه، العقيد نور حسن حسين (عدي)، بعد اتهامه بالعجز، وعين بدلا عنه، وزير الداخلية السابق محمد محمود جوليد (جعمديري) رئيسا للحكومة. وقالت مصادر دبلوماسية أفريقية وصومالية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار جاء بعد أن تسلمت البعثة شريط فيديو يبين حالة الهرج والمرج التي سادت جلسة للبرلمان مثيرة للجدل عقدت بعد يوم من قرار عزل رئيس الحكومة. وفي نهاية الجلسة قال رئيس البرلمان عدن مادوبي، ان النواب منحوا الثقة بأغلبية كبيرة لرئيس الحكومة الصومالية نور عدي، وطالبوه بالاستمرار في منصبه. وأكدت هذه المصادر ان البعثة الافريقية لن تعترف بنتيجة التصويت هذه. وقالت المصادر ان شريط الفديو يؤكد ان «الجلسة باطلة.. واحتوت على قدر كبير من التزوير والتزييف»، معتبرة أن «هذا يعني أحقية الرئيس الصومالي عبد الله يوسف في تعيين محمد جعمديري، رئيسا للحكومة خلفا لعدي».

ومن المقرر أن يجتمع الرئيس الصومالي، الذي يواجه في صمت محاولات برلمانية للإطاحة به من منصبه أيضا، مع جينادي فريزر مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية للشؤون الأفريقية في نيروبي لوضعها في صورة التطورات السياسية المتلاحقة التي تشهدها بلاده. وكشفت المصادر النقاب عن أن الرئيس الصومالي يشعر باستياء بالغ من رئيس البرلمان مادوبي بسبب انحيازه لرئيس الحكومة السابق، مشيرة إلى أن يوسف يتحفظ على قبول وساطات برلمانية وقبائلية سعى إليها مادوبي لإصلاح ذات البين بينهما.

ويتهم أعضاء في البرلمان الصومالي رئيسه باستخدام أسلوب الترهيب خلال جلسة البرلمان الأخيرة للإيحاء خلافا للحقيقة بتحدي البرلمان لطرد الرئيس الانتقالي رئيس الحكومة السابق من منصبه، بعدما اتهمه بالإخفاق والعجز عن تحقيق أي إنجاز خلال عام من توليه مهمته.

واستمر جعمديري في مواصلة مهامه كرئيس جديد للحكومة الانتقالية، ونفى لـ«الشرق الأوسط» ما تردد عن اعتزام كينيا فرض عقوبات على الرئيس الصومالي تشمل مصادرة أرصدته المالية وعائلته بسبب موقفه من رئيس الوزراء السابق. وقال جعمديري إن الحكومة الكينية أبلغت نظيرتها الصومالية عبر اتصالات عاجلة أنها هددت فقط بفرض عقوبات على أي شخص يتضح أنه يقف عقبة في وجه تحقيق السلام والمصالحة الوطنية في الصومال. وأضاف: «أنا اعمل جنبا إلى جنب الرئيس عبد الله يوسف من أجل تحقيق هذه الأهداف، وليست لدينا مصالح شخصية، كل ما يهمنا في هذه المرحلة هو استكمال مسيرة السلام التي ترعاه منظمة الأمم المتحدة لكي نمضي قدما في تحقيق الوفاق الوطني».

وشدد جعمديري على أنه، والرئيس الانتقالي، ليسا عقبة ضد السلام، ملقيا باللوم على بعض المسؤولين السابقين، الذين رفض تسميتهم، وقال إنهم يروجون إشاعات كاذبة لبث الفرقة والإيحاء بان السلطة الانتقالية على وشك الانهيار. إلى ذلك طالب جعمديري القراصنة الذين يحتجزون عشرات السفن المخطوفة، ومئات من بحارتها قبالة السواحل الصومالية، إلى الإسراع في الإفراج عنهم بدون أية شروط مسبقة.

وقال جعمديري لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من بيداوة «نطالب القراصنة خاصة هؤلاء الذين يحتجزون منذ سبعة أسابيع ناقلة النفط السعودية العملاقة، سيريوس ستار، بسرعة الإفراج عنها، تعبيرا عن تقدير الشعب الصومالي للدور السعودي النشط في خدمة مصالح الشعب الصومالي». واعتبر جعمديري أن خطف السفن والبواخر قبالة سواحل الصومال يجب أن يتوقف على الفور، داعيا المجتمع الدولي إلى الإسراع بتقديم المزيد من الدعم للسلطة الانتقالية لكي تتمكن من بسط سيطرتها على كامل الأراضي الصومالية.

وحذر من أن أي تراخٍ سيعني تفاقم الأمور إلى الأسوأ وسيطرة الإرهابيين والمتشددين على العاصمة الصومالية مقديشيو. وأضاف: «إذا كان المجتمع الدولي والعربي يريد إقامة السلام الشامل والعادل في الصومال، عليه دعمنا نحن السلطة الشرعية في البلاد. لا يوجد طريق آخر لوقف هذه الفوضى السياسية والأمنية في البلاد». ورحب جعمديري بإعلان الحكومة الصينية عزمها إرسال قوات بحرية لحماية سفنها المبحرة في منطقة المحيط الهندي وخليج عدن، وقال إنه يرحب بأي تعاون دولي في هذا المجال، لكنه اشترط أن يتم ذلك عبر الجامعة العربية وبالتنسيق مع السلطة الانتقالية في الصومال.

وكانت وزارة الخارجية الصينية قد أعلنت أن الصين تدرس إرسال سفن حربية لمحاربة القراصنة قبالة ساحل الصومال، حيث أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، ليو جيان تشاو، في مؤتمر صحافي في بكين أن «الجانب الصيني يدرس بجدية إرسال سفن حربية لخليج عدن والبحار الصومالية لحماية الطرق البحرية». وتأتي هذه التصريحات غداة إحباط هجوم على سفينة تجارية صينية قبالة ساحل الصومال.

من جهة أخرى أعلن جعمديري عن دعمه للقرار الذي اتخذه مجلس الأمن الدولي أول من أمس وتبنى فيه بالإجماع دعوة المجتمع الدولي للمشاركة بفعالية في مكافحة عمليات القرصنة في المياه قبالة السواحل الصومالية. ونص القرار على أن تتعاون الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية في مكافحة القرصنة عبر اتخاذ كل الإجراءات الضرورية في الصومال من بينها استخدام مجاله الجوي بغرض مكافحة القرصنة.

ودعا القرار أيضا الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والدولية التي لديها القدرة للمشاركة بفعالية في مكافحة القرصنة والسطو المسلح عبر نشر السفن الحربية والطائرات العسكرية، كما حث جميع الدول الأعضاء والمنظمات للمشاركة في مكافحة القرصنة وإنشاء آلية حول التعاون الدولي يمكن بموجبها لجميع الأطراف ذات الاختصاص الاتصال ببعضها البعض. وطالب ببحث إنشاء مركز في الإقليم لتنسيق المعلومات الخاصة بالقرصنة والسطو المسلح لزيادة القدرة الإقليمية في محاولة لتفعيل التحقيقات ومحاكمة القراصنة واللصوص المسلحين بشأن جرائمهم في عرض البحر. وأعرب مجلس الأمن الدولي في القرار المكون من أربع صفحات عن قلقه العميق إزاء تصاعد حوادث القرصنة في الشهور الستة الأخيرة بالإضافة إلى التهديدات التي تواجهها المساعدات الإنسانية الدولية للصومال.