وزراء خارجية إيقاد يقررون اليوم مصير السلطة الانتقالية في مقديشو

الرئيس الصومالي يزور نيروبي في تحدٍّ لاحتمال تعرضه لعقوبات كينية

ضابط صومالي يعرض للصحافيين القذيفة التي أطلقتها «جماعة الأحباب» على كلية الشرطة جنوب مقديشو أمس (رويترز)
TT

في تأكيد علني لعدم تخوفه من احتمال تنفيذ كينيا عقوبات ضده على خلفية الأزمة الدستورية الراهنة بينه وبين رئيسي الحكومة والبرلمان، استهل الرئيس الصومالي عبد الله يوسف أمس زيارة مفاجئة إلى العاصمة الكينية نيروبي لإجراء محادثات مع عدة مسؤولين أميركيين وغربيين بالإضافة إلى نظيره الكيني مواي كيباكي، بينما يعقد وزراء خارجية دول منظمة الإيقاد اليوم اجتماعا حاسما في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لدراسة التطورات الراهنة في الصومال في ضوء الانقسام الذي تشهده ترويكا السلطة الانتقالية (الرئيس والحكومة والبرلمان) هناك.

وقالت مصادر صومالية وجيبوتية رفيعة المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع الذي سيناقش تقرير بعثة تقصي الحقائق التي أوفدتها المنظمة الإقليمية إلى معقل السلطة الصومالية في مدينة بيداوة الجنوبية أخيرا، سيعلن أيضا عن موقف دول منظمة الإيقاد بشكل نهائي وحاسم من الصراع الدائر حاليا بين ثلاثي الترويكا الانتقالية في الصومال.

وتوقعت المصادر أن يتبنى الاجتماع ما ورد في تقييم لجنة بعثة تقصي الحقائق بشأن عدم دستورية الاجتماع الأخير الذي عقده البرلمان المؤقت في مدينة بيداوة، الأسبوع الماضي، والذي أعلن رئيسه في أعقابه أن البرلمان منح ثقته بأغلبية كبيرة لرئيس الحكومة المنتهية ولايته العقيد نور حسن حسين (عدي) رغم قرار الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف بإقالته من منصبه وتعيين محمد محمود جوليد (جعمديري) وزير الداخلية الأسبق مكانه على رأس الحكومة. وقالت مصادر صومالية حكومية إن كلا من الرئيس الانتقالي ورئيس حكومته الجديد يؤيدان إعادة جلسة البرلمان بحضور وفد من منظمة الإيقاد أو الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية للتأكد من قانونية الجلسة البرلمانية، مشيرة إلى أن يوسف وجعمديري لديهما ثقة كبيرة في أن إجراء أي تصويت نزيه ودستوري وبمراقبة إقليمية أو دولية، بشأن حكومة عدي، سينتهي إلى إقالته من منصبه على الفور. وأجرى أمس رئيس الوزراء الصومالي السابق نور عدي محادثات مفاجئة في جيبوتي مع الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة ووزير خارجيته محمود علي يوسف، الذي امتنع في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» عن الإدلاء بأية تصريحات في انتظار نتيجة الاجتماع المرتقب لوزراء خارجية الإيقاد اليوم في أديس أبابا.

وكانت مصادر مطلعة قد قالت لـ«الشرق الأوسط» إن بعثة تقصي الحقائق التي أوفدتها منظمة الإيقاد إلى الصومال والتقت كافة الأطراف المعنية بالأزمة الراهنة نقلت شريط فيديو يوضح حالة الهرج والمرج التي سادت جلسة البرلمان أخيرا وعدم مشروعية إجراء أي تصويت خلالها بمنح الثقة أو حجبها عن حكومة عدي. من جهة اخرى، شهدت معظم مدن إقليم البونت لاند (أرض اللبان) مسقط رأس يوسف شمال شرقي الصومال على مدى اليومين الماضيين، مظاهرات تأييد حاشدة لموقف الرئيس الانتقالي ورئيس وزرائه الجديد جعمديرى، علما بأن الجنرال موسى هيرسي رئيس حكومة الإقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1998، قد هدد علانية بإعلان انفصال الإقليم عن الدولة المركزية للصومال، إذا ما استمر عدي رئيسا للحكومة الصومالية أو تبنى البرلمان اتفاق جيبوتي للسلام والمصالحة.

إلى ذلك، اتهم أعضاء في البرلمان الصومالي رئيسه عدن مادوبي بتزوير هويات وبطاقات تعريف عدد كبير من أعضاء البرلمان في محاولة لملء الفراغ الناجم عن مقاطعة عدد كبير من النواب لأعمال البرلمان. وقال برلمانيون صوماليون لـ«الشرق الأوسط» إن مكتب مادوبي في نيروبي أرسل إلى مقر البرلمان في مدينة بيداوة الجنوبية أوراق تعريف مزورة لأسماء وهمية في البرلمان، فيما يعتبر بمثابة فضيحة سياسية ودستورية هي الأولى في نوعها منذ انتخاب البرلمان نهاية ماراثون مفاوضات السلام التي رعتها كينيا عام 2003.

من جهة أخرى، تصاعدت الانتقادات الرسمية والعلنية الموجهة داخل السلطة الانتقالية إلى أحمد ولد عبد الله المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الصومال، بسبب اتهامات له بالانحياز إلى جانب واحد في السلطة على خلفية النزاع الراهن. وقال مسؤول صومالي لـ«الشرق الأوسط» إن ولد عبد الله بدأ يفقد حظوته لدى غالبية أعضاء البرلمان وكبار مسؤولي السلطة الانتقالية، بمن فيهم الرئيس الصومالي نفسه، مشيرا إلى أن الدبلوماسي الموريتاني السابق لم يعد نزيها ولا موضوعيا في جهود الوساطة التي يقوم بها لتحقيق الأمن والاستقرار المفقودين في الصومال منذ 17 عاما.

في غضون ذلك، أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع قرارا لتمديد عمل المجموعة المعنية بمراقبة حظر الأسلحة المفروض في الصومال لمدة عام آخر. واعتبر أن الوضع في الصومال يشكل تهديدا على الأمن والسلم الدوليين وطالب جميع الدول، وخاصة دول المنطقة، بالامتناع عن القيام بأية انتهاكات وباتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمحاسبة منتهكي الحظر.