ذوو ضحايا وزارة التجارة يطالبون بتفعيل بنود الاتفاقية.. و«القصاص من قتلة أبنائهم»

كشفوا لـ«الشرق الأوسط» عن رفع دعاوى ضد القوات الأميركية

غرفة الحمايات وتبدو آثار الدماء واضحة إثر اقتحام القوات الأميركية للموقع («الشرق الأوسط»)
TT

«لو كان يعلم بمصيره لما خرج وترك ابنه الوحيد دون أب»، بهذه العبارة بدأت زوجة اسعد جلوب، أم مصطفى، حديثها معنا وهي تفترش الارض في بيتها البسيط الواقع في مدينة الصدر شرق بغداد، رافضة لقاء أي من المعزين «إلا بعد أن يأخذ القضاء حقها وحق ابنها الوحيد وحق عائلته التي فجعت بوفاته»؛ وهو شاب لم يتعد عمره التاسعة والعشرين.

توقف حديث السيدة الثكلى، لكن شقيقه أحمد قال ان أسعد هو أحد ثلاثة من حمايات وزارة التجارة العراقية الذين قالت الوزارة انهم قضوا على يد القوات الاميركية فجر السابع عشر من هذا الشهر.

وكانت وزارة التجارة قد أعلنت عن مقتل ثلاثة من أفرادها على يد القوات الاميركية في مداهمة لأحد مخازنها في بغداد. وطالبت الوزارة القوات الاميركية بتفسير ملابسات الحادث وأسباب اقتحام مخزن الحبوب، وأشارت في بيان لها عقب الحادث الى انها «ليست المرة الاولى التي يتم فيها اقتحام اماكن تابعة لوزارة التجارة والعبث بالمخازن التابعة لها وتعريض منتسبيها للأذى».

وقال احمد، الذي يعمل في وزارة التجارة ايضا، ان «القوات الاميركية اقتحمت كراج النقل التابع لوزارة التجارة في مخزن الحبوب الواقع في منطقة العطيفية ودخلت الى غرفة الحماية وقتلت الاشخاص الثلاثة منهم والذين كانوا نياما في ساعة مبكرة من يوم 17 من هذا الشهر».

وأشار أحمد الى ان «القوات الاميركية قامت بتطويق المكان بعد ذلك ومنعت ذوي الضحايا من الدخول لتسلم جثث أبنائهم، واستمر الحال خمس ساعات وبعد ذلك تم الدخول الى الموقع وعثر على جثث الضحايا في فراشهم مقتولين».

وأكد احمد جلوب أن عائلته والعائلات الاخرى قد سجلت دعوى قضائية ضد القوات الاميركية في مركز شرطة الكاظمية، وتم تسجيل دعوى ضدهم في وزارة الداخلية وان احد اشقائه، الذي يسكن خارج العراق، سيرفع دعوى قضائية اخرى في المحاكم الدولية.

وأوضح أحمد جلوب ان «القوات الاميركية قدمت اعتذارا للعائلات وعرضت عليهم مبالغ كتعويض عن الحادث، لكنهم رفضوا الأمر، عادين ذلك جزءا من المساومة على أرواح أبنائهم التي راحت ضحية لتلك القوات».

من جانبها، أبدت عائلة الضحية الثانية حسين هاشم «استياءها» من تصرف عناصر القوات الاميركية تجاه الضحايا، وقالت شقيقة الضحية ان حسين كان المعيل الوحيد لهم بعد ان قتل الأب في تفجير سيارة مفخخة وكان ايضا احد موظفي وزارة التجارة، التي قامت بتعيين ابنه الوحيد ليعيل اخواته من البنات السبع، مضيفة ان «القوات الاميركية استهانت بحياته وقتلته بدم بارد».

وطالبت شقيقة حسين بأن يصار الى عقد محكمة عراقية اميركية لمعاقبة هؤلاء، كما طالبت رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بـ«التدخل الفوري والتحقيق في ملابسات الحادث ومعاقبة مرتكبي الجريمة الى القضاء».

من جهته، اشار والد الضحية الثالثة، حيدر ستار منشد، وهو رجل كبير في السن، الى ان ابنه حيدر لم يتجاوز 27 عاما ولم يتزوج بعد، وانه كان يحلم بان يبني بيتا جديدا وان يتزوج ويكون له اولاد، وأضاف «لكن القوات الاميركية قتلته وهو نائم ربما كان يحلم بنفس الحلم الذي رواه لي ذات يوم».

وطالب منشد ان يصار الى معاقبة المقصرين في هذا الحادث، مناشدا رئيس الوزراء بتطبيق فقرات الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة «والتي قيل عنها انها ستقاضي كل من يرتكب جريمة»، ورفض منشد أي تعويض يقدم له من القوات الاميركية كنوع من الاعتذار عن الحادث، عادا ذالك «استهانة به وبدم ابنه».

من جانبه، أكد محمد حنون المستشار الاعلامي لوزارة التجارة العراقية ان «القوات الاميركية جاءت الى موقع الحادث وقدمت اعتذارا للمنتسبين والمتجمهرين. وقالت عبر قائد اميركي انها لم تكن تقصد هذا المكان وهؤلاء الاشخاص وان الهدف كان مكانا آخر، وهي تعتذر عن ذلك وستقدم التعويضات لعائلات الضحايا». وقال حنون لـ«الشرق الاوسط» إن «وزير التجارة عبر في بيان عن استنكاره للحادث، وطالب القوات الاميركية بالاعتذار وتقديم المبررات للحادث، كما أعرب عن سخطه تجاه هذا التصرف ورفضه القاطع لأي مداهمة قد تتم مستقبلا دون علم الحكومة العراقية لأن المكان مؤسسة من مؤسسات الدولة والحكومة العراقية هي المسؤولة عنه». من جانبها، حاولت «الشرق الاوسط» تأمين الاتصال بالقوات الاميركية للرد على مطالبات ذوي الضحايا ووزارة التجارة، لكن دون جدوى.