ناشط حقوقي سوداني متهم بالتعاون مع لاهاي يقول إنه تعرض للتعذيب من رجال أمن

بدء محاكمة مواطن آخر بالتهمة نفسها ويواجه الإعدام * الخرطوم تنفي أي اعتقالات أو تعذيب

TT

وجه ناشط سوداني في حقوق الإنسان، رسالة إلى مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني، الفريق صلاح عبد الله، يشتكي فيها من تعرضه للتعذيب من قبل ضباط وجنود من الجهاز، خلال اعتقاله أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في الخرطوم، بعد اتهامه بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، التي يدرس قضاتها لإصدار مذكرة تدعو لتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير، غير أن مسؤولا حكوميا نفى تلك الاتهامات. ومثل مواطن سوداني آخر امام محكمة سودانية أمس، بتهمة مساعدة محكمة لاهاي. وقال الناشط في حقوق الإنسان، عبد المنعم الجاك، الذي أطلق سراحه أخيراً، لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي انه اعتقل يوم 24 من نوفمبر (تشرين الثاني) ومعه اثنان اخران يعملان معه في مؤسسة حقوقية واحدة، هما أمير سليمان وعثمان حميدة. وأضاف أن «استجواب رجال الأمن، كان حول المحكمة الجنائية».

ووجهت الأجهزة الأمنية الاتهامات لثلاثتهم بالتعاون مع لاهاي، اضافة إلى التجسس لصالح منظمات اخرى، مشيراً إلى انه أطلق سراحه، ثم استدعيَّ مرة أخرى، وقال إنه في المرة الاخيرة تعرض للتعذيب، وان الطبيب المختص كتب تقريرا بحالته، مبينا وجود «كسر في أصابع اليد والقدم اليمنيين، والفك، بالاضافة الى جرح عميق بالوجه، بسبب الضرب بالأرجل واستخدام عصا خشبية، وخراطيم مياه غليظة». وأضاف «التعذيب كان من أجل الحصول على معلومات، يعتقدون أنني أملكها بخصوص المحكمة الجنائية مع أن المعلومات متوفرة لدى الحكومة ونشرت في كل العالم». وأضاف أنه يتلقى العلاجَ من الطبيب المختص، وأن السلطات استدعته قبل ايام من جديد، لكنه لم يستطع الذهاب بسبب الاصابات والكسور التي تعرض لها. وأوضح ان الأجهزة الأمنية احتجزت سيارته وجهاز الكومبيوتر الذي يمتلكه. ووعدت بإعادته له بداية الأسبوع المقبل. وقال الجاك انه بصدد تقديم مذكرة للأجهزة العدلية لأخذ حقه، وما تعرض له من تعذيب، وانه يعرف الذين قاموا بممارسة التعذيب ضده. واضاف ان «قانون الأمن لا يسمح بالتقاضي ضد أي رجل أمن، الذي يجد الحصانة». وتابع «لكنني سأقوم بفتح بلاغ، وتحريكه ضد جهاز الامن المسؤول، الذي اعتقلني»، واصفاً الاعتقال بأنه انتهاك للدستور الانتقالي، داعياً القوى السياسية وكافة الجهات، للسعي لمناهضة الممارسات التي يقوم بها جهاز الأمن وإيقافها، وتعديل القوانين المقيدة للحريات. وقال ان الناشط في حقوق الانسان والبرلماني عن الحزب الشيوعي السوداني وأحد قياديي دارفور، صالح محمود المحامي، تم استدعاؤه بواسطة جهاز الأمن قبل أيام، من دون مراعاة للحصانة البرلمانية التي منحت له. من جهته، نفى وزير الدولة للإعلام الدكتور كمال عبيد لـ«الشرق الأوسط» علمه باعتقال مواطنين، وقال انه لم يسمع بخبر اعتقال اي مواطن سوداني، واضاف «لا يوجد معتقل في السودان، ولا اعتقد ان هناك اعتقالات في الأصل»، مستنكراً وجود تعذيب من قبل جهاز الأمن ضد أي سوداني.

الى ذلك، مثل مواطن سوداني أمس امام محكمة سودانية بتهمة ارتكاب جرائم في حق الدولة ومساعدة المحكمة الجنائية الدولية في تحقيقاتها حول جرائم حرب ارتكبها احد الوزراء في دارفور. وقال محامون ان محمد الساري، وهو اول سوداني يحاكم بتهمة السعي لمساعدة المحكمة الجنائية الدولية التي لا تعترف بها الخرطوم، يمكن ان تصل عقوبته الى الإعدام. واستمعت المحكمة الى شاهد اثبات وهو ضابط في المخابرات العسكرية قال انه القيَّ القبض على المتهم في يونيو (حزيران) الماضي.

واتهم الضابط عادل عبد الفراج الساري بانه حاول جمع معلومات عن افراد الشرطة الخاصة في دارفور، وهم رجال تقوم الحكومة بتدريبهم ودفع رواتبهم ويعملون تحت إشراف وزير الشؤون الانسانية احمد هارون. وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت العام الماضي مذكرة توقيف بحق هارون ووجهت اليه 51 تهمة تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ارتكبت في دارفور عامي 2003 و2004. وقال عبد الفراج ان الساري عرض على بعض افراد الشرطة مبالغ مالية تراوحت ما بين 10 آلاف و100 الف دولار مقابل الحصول منهم على وثائق حول عدد الافراد في معسكرات الشرطة الخاصة واسمائهم ونوعية تسليحهم والتدريب الذي تلقوه. كما اكد شاهد الاثبات ان المتهم حاول الحصول على صورة لهارون اثناء زيارة لأحد هذه المعسكرات. واضاف عبد الفراج ان المتهم كان على اتصال بمواطن اردني وسودانيين اميركيين اثنين، احدهما قريب له، كانوا يسعون لمساعدته حتى يسلم معلومات سرية الى المحكمة الجنائية الدولية. وقال الضابط ان المتهم رجل امن سابق تم ايقافه عن العمل في الشرطة الخاصة وفصل قبل ذلك من الكلية الحربية. ويواجه الساري تهما عدة؛ بينها التعامل مع دولة عدو والتجسس.