دبلوماسيون أوروبيون عائدون من واشنطن: طهران تخطئ في توقع ليونة أميركية بعهد أوباما

خمسة تساؤلات حول الحوار الأميركي ـ الإيراني القادم

إيرانيات يتظاهرن قرب السفارة الأميركية المغلقة في طهران أمس (ا.ب)
TT

أفادت مصادر دبلوماسية أوروبية عالية أن موظفين كبارا من الاتحاد الأوروبي عادوا من واشنطن مؤخرا بعد إجراء اتصالات واسعة مع فريق الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما بشعور مفاده أن الجانب الأميركي من مستشاري أوباما «لم يحددوا بعد خطا واضحا لما ينوون فعله في الملف النووي الإيراني». وبكلام لآخر، فإن فريق أوباما «لم يضع بعد خارطة طريق» للعلاقة المستقبلية مع إيران وبالتالي فإن «كل الخيارات ما زالت مفتوحة».

غير أن القناعة التي عاد بها المسؤولون الأوروبيون هي أن أوباما «ليس اقل تشددا من الرئيس جورج بوش» وأن ثمة جهات فاعلة في واشنطن تدفع الرئيس المنتخب باتجاه التصلب علما أن أوباما كغيره من المسؤولين الأميركيين ليس مستعدا للتساهل بشأن حصول إيران لا على القنبلة النووية ولا على التكنولوجيا التي تمكنها من تصنيع هذه القنبلة» أي ما يسمى سياسة «الحافة النووية». وهذه السياسة تمارسها دول عدة بينها اليابان مثلا حيث أنها لا تملك رسميا السلاح النووي ولكنها تملك المعرفة والتكنولوجيا اللتين تمكنانها من تصنيعه في حال رغبت في ذلك. وتقول المصادر الفرنسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن ثمة خمسة اسئلة تحتاج الى أجوبة حول ما ستعمد اليه الإدارة الأميركية الجديدة لجهة الحوار مع إيران ومعرفة ما إذا كان مشروطا ام غير مشروط. وهذه الأسئلة هي: هل سيتم البدء بالحوار قبل الانتخابات الإيرانية في يونيو (حزيران) أم بعد، مع هو شكل الحوار، هل سيكون حوارا مفتوحا أم محددا بمهلة زمنية، ما هي المواضيع التي سيتم الحوار حولها وأخيرا مع من من الجانب الإيراني تريد الولايات المتحدة أن تتحاور؟

وتؤكد المصادر المشار اليها أنه طالما لم تقدم واشنطن بعض الأجوبة على هذه التساؤلات فإن الكلام «يبقى عموميا» وبالتالي فإنه سيبقى من باب التخمين. وتنتظر الدول الخمس المعنية بالملف النووي الإيراني والتي قدمت لطهران الصيف الماضي «آخر صيغة من المقترحات» لحملها على التخلي عن تخصيب اليورانيوم وعن الاستمرار في نشاطاتها الحساسة تسلم الإدارة الأميركية الجديدة لمسؤولياتها للتداول معها في ما ستطرحه على إيران ولمعرفة ما إذا كانت المفاوضات المنتظرة ستتم ثنائيا أم بين مجموعة الست من جانب وإيران من جانب آخر.

ونبهت المصادر المشار إليها إلى أن المسؤولين الإيرانيين «سيصابون سريعا بالخيبة» إذا ما كانوا يتوقعون من الإدارة الأميركية موقفا «لينا» باعتبار أن هناك «إجماعا دوليا» على منع إيران من أن تتحول إلى قوة نووية عسكرية». وبحسب هذه المصادر فإن العجز عن ردع إيران يعني «قتل» معاهدة منع انتشار السلاح النووي ويعني خصوصا أن «أربع دول في المنطقة على الأقل وهي مصر والسعودية والجزائر وتركيا ستباشر إلى إطلاق برامج نووية».

ونقلت هذه المصادر «عتبا» خليجيا على الدول الست التي رأت أنها «تتصرف في الملف الإيراني من غير استشارتها كفاية» علما أنها «المعنية بالدرجة الأولى» بالملف النووي الإيراني لأسباب جغرافية وسياسية واستراتيجية.

وبدت المصادر الأوروبية «متشائمة» بما قد يؤول اليه الحوار الأميركي مع إيران بسبب عاملين رئيسيين: الأول، أن الحوافز التي قدمت الى السلطات الإيرانية في صيغتها الأخيرة هي «أقصى» ما يمكن تقديمه، وبالتالي لا ترى ما الذي تستطيع واشنطن ان تضيفه علما أن موضوع أمن النظام الإيراني «محسوم» ولا احد يطالب جديا بالتخلص منه وأن مساعد وزيرة الخارجية ديفيد وولش شارك في اجتماع جنيف الصيف الماضي بحضور مسؤول الملف النووي الإيراني. والثاني أن إيران «تريد» التحول إلى قوة نووية وبالتالي فإن ما يهمها هو كسب الوقت وإطالة المفاوضات الى ما لا نهاية ومحاولة اللعب على حبل التناقضات بين الدول الستة.

ويرى المسؤولون الأوروبيون أن «النافذة الديبلوماسية» التي ستفتح الصيف القادم بعد الانتخابات الإيرانية «لن تتجاوز عدة أشهر ومرهونة بما سيكون عليه الرد الإيراني وما إذا كانت طهران مستعدة حقيقة للدخول في مفاوضات». وتدخل المصادر الفرنسية التي تحدثت اليها «الشرق الأوسط» عنصرا تحليليا جديدا قوامه مدى تقدم إيران على الصعيد النووي وكيف ستقوّم واشنطن وإسرائيل الخطر الإيراني ومدى اقتراب طهران من هدفها الذي قد يكون إما القنبلة نفسها أو امتلاك التكنولوجيا التي تفضي سريعا اليها».